في الفترة الأخيرة زادت بشكل ملحوظ زلات لسان الرئيس الأمريكي جو بايدن، لدرجة دفعت البعض للتخوف على هيبة وسمعة الولايات المتحدة، بل والخوف من اتخاذ الرئيس قرارات قد تكون شديدة الحساسية من دون أن يدري خطورتها. هفوات وزلات بايدن كثيرة، والجديد أنه وخلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض يوم الخميس 8 فبراير الجاري قال إنه تحدث إلى الرئيس المكسيكي عبدالفتاح السيسي بدلاً من الرئيس المصري. والمحرج أكثر أنه وقبل هذه الهفوة كان يرد بغضب على أسئلة الصحافيين، التي تتهمه بأن ذاكرته ضعيفة، وذلك في معرض الحديث عن الوثائق السرية، التي عثر عليها في منزله، وقال للصحافيين بغضب «ذاكرتي بخير»! بايدن وقع في العديد من الهفوات في الشهور الأخيرة. وقبل أيام قال إنه التقى المستشار الألماني هيلموت كول مؤخراً، وهو يقصد أنه التقى المستشارة السابقة إنجيلا ميركل علماً بأن كول توفي عام 2017! نفس الأمر حينما قال إنه التقى الرئيس الفرنسى فرانسو ميتران بدلاً من أن يقول الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في سياق الحديث عن قمة مجموعة السبع، التي عقدت في يونيو 2021. وخلط بين منافسته على ترشيح الحزب الديمقراطي نيكي هايلي ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. وفي العام الماضي قال إن رئيس المجر فيكتور أوربان هو رئيس تركيا، محذراً وقتها من أن بلاده كانت على وشك دخول الحرب العالمية الثانية، التي انتهت عام 1945! وخلال زيارته لكندا العام الماضي وجه تحيته إلى الصين بدلاً من كندا، وحينما تحدث عن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قال إنه رئيس وزراء دولة صغيرة علماً بأن الهند صارت أكبر دولة من حيث عدد السكان مع الصين. وفى مرة أخرى، قال إن بوتين يخسر الحرب في العراق قاصداً أوكرانيا، والأكثر إحراجاً أنه لم يستطع تذكر تاريخ وفاة ابنه بيو. بالطبع فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمرشح المحتمل في الانتخابات المقبلة لا يفوت أي فرصة لاستغلال تلك الهفوات لإثبات أن بايدن غير جدير بالترشح أو قيادة أمريكا، مكرراً الاتهامات بأنه تعرض لمؤامرة قادت لتزوير الانتخابات السابقة لمصلحة بايدن. السؤال الذي يثير الجدل في أمريكا وخارجها هو: هل الحالة الذهنية لبايدن يمكن أن تؤثر على أمريكا أم لا؟! بايدن عمره 81 عاماً، وإذا دخل السباق الانتخابي سيكون أكبر مرشح عمراً بـ82 عاماً، في حين أن ترامب 77 عاماً، لكن صحته العامة تبدو أفضل إلى حد كبير رغم أن فارق العمر بينهما أربع سنوات فقط. ما يحرج أكثر أن هناك تقريراً قضائياً وصف مؤخراً بايدن بأنه رجل مسن ضعيف الذاكرة. الذين يرون أن ذاكرة بايدن الضعيفة تؤثر على سمعة وهيبة بلادهم يقولون إن معظم المناسبات، التي يظهر فيها بايدن معدة سلفاً بصورة واضحة، ورغم ذلك فإنه يقع في العديد من الهفوات وزلات اللسان، علماً بأن صوت الملقن ظهر أكثر من مرة ليرشد الرئيس عما يقوله أو لا يقوله. في المقابل فإن ترامب يقول إنه حاد الذاكرة، ذو صحة عامة جيدة جداً، بل إنه تلقائي وعفوي، ولا يقع في مثل الأخطاء التي يقع فيها بايدن. هناك رأي مضاد يمثله أنصار الرئيس بايدن ومدرسته في السياسة تقول إن تأثير الرئيس الأمريكي في تحديد السياسة الأمريكية مهم، لكنه ليس العامل الوحيد. يقول هؤلاء إن زلات بايدن تؤثر لا شك على سمعة وهيبة أمريكا، لكن الرئيس ليس هو وحده من يدير الولايات المتحدة. هناك كونغرس قوي جداً بمجلسيه النواب والشيوخ، ولا يستطيع الرئيس تخطيه وتجاوزه إلا في أضيق الحدود، وهناك وزارة الدفاع والأجهزة الاستخبارية الكبرى، وهناك المصالح الاقتصادية المتشابكة، وهناك أيضاً وسائل الإعلام القوية جداً، وهناك مراكز الأبحاث والفكر والدراسات والمجمع الصناعي العسكري. الخلاصة أن سياسة الولايات المتحدة وقراراتها الكبرى لا يحددها الرئيس بمفرده، بل حاصل جمع كل المؤسسات الكبرى، التي تحكم أمريكا خصوصاً الكونغرس والمؤسسات الأمنية الكبرى، وبالتالي فمهما كان مستوى الرئيس فإنه لا يمكنه تغيير اتجاه الولايات المتحدة وسياساتها الراسخة، والدليل أن ترامب بكل جرأته وشطحاته واندفاعه لم يتمكن من تغيير هذه السياسة، بل إن المؤسسة أو «الدولة العميقة» هي التي أخرجته من البيت الأبيض رغم كل ما فعله ضد هذه المؤسسة، لكن السؤال الذي يطرحه البعض هو: هل أفلس النظام السياسي الأمريكي، بحيث إن المتنافسين المحتملين في الانتخابات المقبلة هما ترامب 77 عاماً، وبايدن 81 عاماً؟! سؤال يستحق المزيد من النقاش. Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :