من نعم الله أن خلقنا في أحسن تقويم ، ووهبنا العقل والقدرات الجسدية لنعيش حياة طبيعية ،وخصنا بملكة الاحساس والشعور لنتواصل مع الآخرين ونحمل مسؤولية من ينشدون العون والرعاية من ذوي الحاجات الخاصة ، ونجعلهم أسوياء يعيشون كغيرهم من الناس العاديين ويقتسموا معهم فرص العمل ومزايا التعليم . ذوو الاحتياجات الخاصة هم أفراد يعانون نتيجة عوامل وراثية أو بيئية مكتسبة من قُصور القدرة على التعلم أو اكتساب الخبرات. وقد صُنف المعاقون إلى فئة المتخلفين عقلياً ، الذين يقل لديهم معدل الذكاء (IQ ) وتتدنى مستوى مهاراتهم ويصعب تفاعلهم مع البيئة المحيطة بهم ، كمرضى متلازمة داون (down syndrome) ، والتوحد (Autisim) . وهناك أيضاً فئة المعاقون جسدياً كالمصابين بحالة العجز أو الضعف في الجهاز البصري أو في الجهاز السمعي ،أو اضطرابات في النطق ( التأتأة ) والصوت والتأخر في الكلام والصعوبة في التعلم . هذا بالإضافة إلى الإعاقات الهيكلية التي غالباً ما تصيب العقل نتيجة لمرض فيروسي أو كسور ورضوض في منطقة الرأس فتحدث شلل دماغي وحالات صرع ، أو التي تصيب الحركة فتفقد المريض التوازن في الجلوس والمرونة في المشي نتيجة لهشاشة العظام والتواءها والحدب والقزامة وانخفاض معدل الوزن. يشعر أصحاب تلك العاهات بعدم الرضا عن الذات ، ويميلون إلى الانطواء والعزلة ، ومن حقهم علينا أن نحتويهم ونبذل الجهود الكبيرة لمساعدتهم حتى يجتازوا مرحلة الإعاقة .. ويتحولوا إلى أناس طبيعيين ، يسهموا في خدمة مجتمعهم .. ويحدثنا التاريخ عن أمثلة عديدة لمعاقين ، قدمت لهم التربية السليمة ، فأعطوا الانسانية إنجازات رائعة وحازوا على جوائز عالمية ، كالعالم أينشتاين، الذي طور النظرية النسبية ونيوتن الذي صاغ قوانين الحركة وقانون الجذب وكانا مصابين بمرض التوحد ، وطه حسين الذي كان كفيفاً وصار كاتباً مهماً وروائياً كبيراً حتى لقب بعميد الأدب العربي ، ومؤخراً سمعنا في الإعلام عن هبة الشرفا التي أصبحت معلمة متميزة مع أنها مصابة بمتلازمة داون . يقول المولى عز وجل :” أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ” . هؤلاء المعاقون يمثلون جزءاً مهماً من القوى البشرية في المجتمع واهمالهم ينعكس سلباً على الناتج الوطني ، والاستثمار في طاقاتهم الكامنة ومهاراتهم المكتسبة يشكل رافداً أساسياً في عجلة البناء والتنمية، وإن عنوان تحضر أي مجتمع يقاس بمدى ما يوليه من حرص ورعاية لهذه الفئة المستضعفة .نرجو من دولتنا الكريمة أن توجه بزيادة عدد مراكز التأهيل والتدريب ، بحيث تتوسع لتشمل جميع المدن ويتوفر فيها المقعد المناسب لكل معاق ولا يطول دوره على قوائم الانتظار، وأن يستمر المعاق في التأهيل والتدريب حتى شفاءه بإذن الله أو بلوغه سن الثامنة عشر من عمره ويصبح أكثر تفهماً لمحيطه وأقدر على الدمج في مجتمعه . تبقى هذه الفئة غالية على قلوبنا ولا نرضى أن نراهم يتألمون لاختلافهم عنا ، ويصادف الثاني من ابريل كل عام اليوم العالمي للتوعية باضطراب التوحد ، فلنعمل سوّية على دعمهم ولنتحد من أجل كل متوحد وكل ذواحتياج خاص .قال تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ “) . صدق الله العظيم
مشاركة :