عمان - ما زالت نظرية ماركس الذي يعزو تطور المجتمعات البشرية عبر تاريخها إلى الصراع الطبقي وحده، ليس من باب الافتراض الجدلي الذي يمكن مناقشته، بل كحقيقة ثابتة لا تقبل النقاش، محل جدل فلسفي وفكري كبير، خاصة مع التغيرات التي طرأت على المجتمعات العالمية، وتغير مفهوم الصراع الطبقي، وهذا ما تحاول البحث فيه الجمعية الفلسفية الأردنية. في هذا الإطار عاين أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية الأكاديمي توفيق شومر، خلال محاضرة ألقاها مساء الثلاثاء في مقر الجمعية الفلسفية الأردنية بعمان، مآلات الصراع الطبقي العالمي، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى العالمي وانعكاسها على مفهوم الصراع الطبقي. وتحدث شومر في المحاضرة التي حملت عنوان “الصراع الطبقي إلى أين؟” عن الطريق الذي خاضه الاقتصاد العالمي منذ نهاية الحرب الباردة إلى اليوم، لتقديم إجابة حول السؤال الذي تمثل في عنوان المحاضرة، مستعرضا التطورات المتلاحقة للتركيبة الطبقية على مستويات عدة: مستوى الدول الرأسمالية، ومستوى الدول المستقلة، ومستوى الدول التابعة، ثم متابعة تأثير العولمة الاقتصادية على هذه المستويات. كما تناول في المحاضرة، التي حضرها عدد من الأكاديميين والباحثين والمثقفين، التغيرات الهائلة على الصعيد العالمي منذ 2022 والاحتمالات الممكنة للصراع العالمي وتأثير هذا الصراع على مفهوم الصراع الطبقي. ◙ توفيق شومر في تحليله لتطور المجتمع الرأسمالي بيّن أن البناء الاجتماعي هو بناء متراكب يعتمد في حراكه الكلي على حراك جميع مركباته وفي تحليله لتطور المجتمع الرأسمالي بين توفيق شومر أن البناء الاجتماعي هو بناء متراكب يعتمد في حراكه الكلي على حراك جميع مركباته، موضحا أنه حين يتطور جزء من هذا البناء الاجتماعي بشكل معين لا بد أن يؤثر هذا التطور على باقي الأجزاء لكي يتمكن هذا البناء من أن يصمد أمام التغيير. ولفت إلى أنه في اللحظة التي لا تنسجم فيها التطورات بين أجزاء البناء الاجتماعي يحدث التغير الثوري الذي لا يكون بالضرورة تغيرا تطوريا، بل يمكن أن يكون باتجاه التراجع عن ثورة سابقة أو عن إنجازات ثورية تطورية. وتحدث عن البرجوازية الصناعية وحراكها خلال التحولات الطبقية، لافتا إلى أن التأثير الحقيقي على تراجع سيطرة البورجوازية الصناعية على مقاليد الحكم في العالم الرأسمالي نبع بشكل أساسي من فقدانها للسيطرة الاقتصادية إذ بدأ قطاع الخدمات بالتضخم بعد الحرب العالمية الثانية (ابتدأ من 30 في المئة من مجموع القوى القادرة على العمل) ليصل إلى معدلات غير متوقعة؛ ففي عام 1999 سجل قطاع الخدمات 80 في المئة من مجموع القوى القادرة على العمل. وأشار شومر إلى أن قوى العمل اليوم تتمثل في الدول المتقدمة فقط: 17 في المئة عمال في المصانع، و2 في المئة مزارعون، 80 في المئة خدمات، و1 في المئة رؤوس أموال كبيرة. وبين أن تحولاً أساسيا قد طرأ على التركيبة الطبقية للطبقة المسيطرة في المجتمع الرأسمالي، إذ كانت البورجوازية الصناعية هي الطبقة المسيطرة سياسياً في الدول الرأسمالية الصناعية حتى منتصف السبعينات، وكانت بورجوازية رأس المال المالي تابعة لها على المستوى السياسي على الأقل، مشيرا إلى أنه بعد 1980 تحولت السيطرة السياسية إلى المجموعة المالية المهيمنة مع إلحاق البورجوازية الصناعية بها. وقال إنه في كل مرحلة كان هناك تغير في التركيبة الاجتماعية للمجتمع الرأسمالي ترافقت معه بالضرورة حاجة إلى إعادة النظر في شكل التحالفات الممكنة داخل التركيبة الجديدة، مستعرضا المراحل التي مرت بها الطبقة العاملة وأشكال التحول التي طرأت عليها، مع تقديم تحليل جديد لطبيعة الصراع الطبقي على المستوى العالمي وتعريف جديد للطبقة العاملة بمفهومها الواسع. وفي ختام المحاضرة جرى حوار موسع شارك فيه عدد من الأكاديميين والباحثين المتخصصين في الفلسفة وعلوم الاقتصاد والاجتماع والسياسة حول الموضوعات التي تم تناولها.
مشاركة :