واصلت محكمة العدل الدولية في لاهاي، مساء اليوم، جلساتها العلنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات كيان الاحتلال الإسرائيلي وممارساته في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وأكد ممثل جمهورية غيانا "أن الإجراءات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي أصبحت ظاهرة للجميع، مأساوية وكارثية في قطاع غزة، إذ أصبحت هذه الكارثة معروفة على مستوى العالم، ولها تبعات واضحة على الشعب الفلسطيني". وشدد على أنه كان لابد لكل الدول أن تعارض استمرار الاحتلال للأرض الفلسطينية، لأن فيه اعتداء على أهم مبادئ القانون الدولي، وخطورة وتهديد لإمكانيات السلام والأمن والاستقرار في كل العالم. وتابع "مشاركتنا في الجلسة اليوم تعكس مدى القناعة المتوفرة لدينا بأهمية الرأي الاستشاري من المحكمة الدولية، والإجابة على سؤال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما له من قيمة وحيوية في تمكين الأمم المتحدة، وكل الدول الأعضاء فيها على الامتثال للقانون الدولي، وتحقيق الحل العادل والدائم، وتحقيق السلام في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". وأوضح أن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين جمدت منذ أكثر من عقد، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تقر أن تلك المفاوضات لم تؤد إلى حل بالطريقة التي جرت فيها، لافتاً الانتباه إلى أن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة أوضحوا بشكل قاطع أن الصراع لا يمكن أن يحل إلا وفق القانون الدولي. وأكد أن السلام العادل والشامل والدائم هو ضرورة ويحتاج للامتثال للقانون الدولي، وفي فبراير من العام الماضي، أصدر رئيس مجلس الأمن الدولي بياناً أكد فيه التزام المجلس بحل الدولتين، وحاجة كل الأطراف للالتزام بالقانون الدولي. وأكد ممثل غيانا أن أي مفاوضات قادمة يجب أن تكون مرجعيتها القانون الدولي، وأن يكون هدفها حل الصراع، وفق القرارات والقانون الدولي، وتحقيق اتفاق سلام يؤدي إلى نهاية الاحتلال الإسرائيلي، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، التي تفضي إلى حل شامل وعادل. وشدد على أن احتلال الأرض الفلسطينية غير قانوني وغير شرعي، ومفهوم الاحتلال فيه مخالفة للمعايير والأعراف الدولية، وأن الدولة المحتلة لا يحق لها ممارسة أي شكل من أشكال السيادة على الأرض والشعب التي تحتله. ولفت ممثل غيانا الانتباه إلى أنه لا يمكن لإسرائيل الدولة المحتلة أن تعمل على تأبيد وجودها في الأرض التي تحتلها، ولا يمكن وفق الأمم المتحدة القبول باستدامة الاحتلال، كما أن الاحتلال الدائم لا يعود احتلالاً بل يصبح ضماً واستعماراً وهذا محظور وفق القانون الدولي. وأضاف: الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية غير شرعي، كونه يعمل على ضم الأراضي الفلسطينية باستخدام القوة، وتوطين حوالي مليون مستعمر بالأرض المحتلة، كما أن الوزراء الإسرائيليين قالوا إنهم لن يخلوا هذه المستعمرات، وتدعي إسرائيل حق السيادة على مدينة القدس، وعملت على سن قوانين محلية لممارسة تلك السيادة. وعد أن ذلك عملية ضم غير شرعية، وهذا دليل على أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يريد الاستدامة لاحتلاله، وعلى مدار السنوات الماضية والقادة الإسرائيليون يدعون أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من إسرائيل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي قال "إن القدس الشرقية كانت وستبقى تحت السيادة الإسرائيلية فقطـ، وهذا إعلان من جانب كيان الاحتلال الإسرائيلي بأنه يريد وبشكل منظم وممنهج الإبقاء على المستعمرات في القدس الشرقية، وتحقيق التغيير الديمغرافي لواقع وشخصية مدينة القدس كمدينة مقدسة". وتابع: القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي منذ الستينيات حتى الآن، تؤكد أن الاستيلاء على أرض الآخرين بالقوة غير شرعي، وكيان الحتلال الإسرائيلي بضم الأراضي الفلسطينية بالقوة، في انتهاك واضح لتلك القرارات. فيما أكد ممثل المجر، موقف حكومته في احترام القانون الدولي، ونظام الأمم المتحدة، مشيرةً إلى إقرارها واعترافها بأهمية هذه الأمر، نظراً لتبعات ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية والشرق الأوسط. وأضاف: عند الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإننا يجب أن نتحدث عنه في السياق السياسي والجغرافي، ولابد أن يكون الرأي الاستشاري حول الصراع الذي لا يمكن حله إلا من خلال الحل السلمي على أساس القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدول والأمم المتحدة. وشدد على أهمية التزام كيان الاحتلال الإسرائيلي بموجب الاتفاقيات الدولية بأن يمتنع عن الإبادة الجماعية، وألا يعمل على التصعيد، وبناء المستعمرات غير القانونية. وكانت المحكمة، قد استمعت في اليوم الأول من الجلسات العلنية لمرافعة دولة فلسطين، التي قدمها وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، والفريق القانوني لدولة فلسطين. وقدمت أمس، دول: جنوب أفريقيا، والجزائر، والمملكة العربية السعودية، وهولندا، وبنغلادش، وبلجيكا، وبيليز، وبوليفيا، والبرازيل، وتشيلي، إحاطاتها الشفهية أمام المحكمة في جلستين صباحية ومسائية. ومن المقرر ان تقدم اليوم دول: كولمبيا، كوبا، جمهورية مصر، والإمارات، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وفرنسا، وغامبيا، وغوايانا، وهنغاريا، إحاطاتها في جلستين علنيتين. وتستمر الجلسات العلنية لمدة ستة أيام بين 19 و26 فبراير الجاري، للاستماع إلى إحاطات 52 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية. وتأتي جلسات الاستماع، في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على رأي استشاري من العدل الدولية حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاماً. وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية، وإنهاء الاستعمار، قد اعتمدت في الحادي عشر من نوفيمبر 2022، مشروع قرار قدمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
مشاركة :