القاهرة- عمر حسن: حالة من التفاؤل الحذر تسيطر على المصريين بعد إعلان رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، أمس الجمعة، عن صفقة تطوير مدينة "رأس الحكمة" بشراكة مع دولة الإمارات، وحصول مصر على مقدم الصفقة بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين. بمجرد الإعلان عن تفاصيل الصفقة، هبط سعر الدولار في السوق الموازي من 63 جنيها تقريبا إلى حدود الـ 53 جنيها –حتى الآن- مع توقعات بمواصلة الانخفاض طبقا لتصريحات فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ليستقر في حدود (35 - 40) جنيها. يتساءل المصريون ما إذا كانت ستشهد أسعار السلع انخفاضا خلال الأيام المقبلة، وسط تخوفات من تعنت كبار التجار الذين عكفوا على تخزين السلع وشرائها وقت ارتفاع سعر الدولار، مع استغلال حالة التعطش في الأسواق قبل أيام من حلول شهر رمضان. صفقة رأس الحكمة وصفها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بأنها أضخم صفقة استثمار مباشر تم توقيعها في تاريخ مصر، وأنها بداية لصفقات أخرى من "العيار الثقيل" تعمل الحكومة على ترتيبها في الوقت الراهن. الصفقة تتلخص في تطوير شركة أبوظبي التنموية القابضة لمدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي، وتحويلها إلى مقصد سياحي عالمي من المتوقع أن يجذب أكثر من 8 ملايين سائح سنويا، مما يسهم في ارتفاع معدلات السياحة الوافدة لمصر. "مدبولي" أكد أن الصفقة تُصنف شراكة وليست بيع أصول، وأنه سيتم إنشاء شركة "رأس الحكمة" وهي شركة مساهمة مصرية ستكون مشرفة على المشروع. تحصل مصر بموجب هذا الاتفاق على 35 بالمائة من أرباح المشروع، فضلا عن الاستفادة بملايين فرص العمل، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي ومن ثم حلحلة أزمة الدولار والقضاء على السوق الموازي. وتعوّل الحكومة على دخول حصيلة دولارية كمُقدم للصفقة بقيمة 35 مليار دولار على دفعين، الأولى خلال أسبوعين وقيمتها 10 مليارات دولار، والثانية خلال شهرين بقيمة 25 مليار دولار، ويُخصم من الدفعتين قيمة الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي وتبلغ 11 مليار دولار على أن يتم تحويلها إلى عملة الجنيه المصري، وبذلك تحصل مصر على سيولة مباشرة قيمتها 24 مليار دولار. انهيار الذهب انعكست صفقة "رأس الحكمة" مباشرة على أسعار الذهب التي هبطت فى أسواق الصاغة المحلية بقيمة تتخطى الـ 500 جنيه، لينخفض سعر الجرام عيار 21 -الأكثر مبيعا- مسجلا نحو 2900 جنيه، وعيار 18 نحو 2520 جنيها، بينما يسجل سعر الجرام عيار 24 جنيها 3370 جنيها، وسعر الجنيه الذهب 25920 جنيه، وذلك وقت كتابة هذا التقرير. ورغم ذلك لا ينصح وصفي أمين، مستشار شعبة الذهب، بشرائه في الوقت الحالي، والانتظار لحين استقرار الأسعار التي ستواصل الانخفاض. وتوقع "أمين" في تصريحات لـ"معلومات مباشر"، اليوم السبت، وصول سعر جرام الذهب عيار 21 إلى نحو 2700 جنيه. وأكد مستشار الشعبة أن انهيار سعر الذهب جاء نتيجة الكشف عن تفاصيل صفقة "رأس الحكمة" وانخفاض سعر الدولار في السوق الموازي، ومن ثم تسابق المستهلكين لبيع الذهب تجنبًا للخسارة، وارتفع حجم المعروض لدى التجار. لا يتأثر تاجر الذهب بسعره سواء بالارتفاع أو الانخفاض على حد قول "أمين"، لأن العبرة لديه بحجم ما يمتلكه من ذهب وليس سيولة نقدية، فالتاجر الذي اشترى الذهب وقتما كان الدولار بـ 70 جنيها سيعوض خسارته بشراء الذهب الآن وقت هبوط سعر الدولار، وهكذا طبيعة دورة رأس المال. أما عن موعد توقف نزيف أسعار الذهب قال: لن يتوقف هبوط السعر طل ما سعر الدولار مستمر في الهبوط. ووجه مستشار الشعبة حديثه لحائزي الذهب: لا تقلقوا على مدخراتكم، فالذهب مثل موج البحر وهو في الأساس مخزن قيمة وليس للمضاربة. أسعار الأجهزة الكهربائية شهدت أسعار الأجهزة الكهربائية قفزات متتالية مؤخرا نتيجة ارتفاع الدولار وزيادة الطلب على الشراء خوفًا من استمرار ارتفاع الأسعار. وبعد هبوط سعر الدولار بدأت التساؤلات حول مصير أسعار الأجهزة الكهربائية، وهل سيلحق بسعر الذهب؟ أشرف هلال، رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بالغرف التجارية، قال إنه في حال توفير البنك المركزي عملة الدولار للشركات المُنتجة بدون حد أقصى ستهبط أسعار الأجهزة خلال 3 أشهر لحين دوران رأس المال وإنتاج أجهزة جديدة. وقال "هلال" في تصريحات لـ"معلومات مباشر" إن التجار لن يخفضوا أسعار الأجهزة إلا إذا تسلموا بضاعة جديدة من الشركات بسعر أقل وحينها ستتم معادلة البيع بسعر متوسط بين القديم والجديد لحين انتهاء بيع البضاعة القديمة. وأكد رئيس الشعبة أن الدولار مكون واحد من ضمن مكونات عديدة تتحكم في أسعار الأجهزة الكهربائية بينها: "ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وارتفاع أسعار نقل البضائع أو ما يُعرف بالنولون البحري، فضلا عن تأخير الإفراج الجمركي عن الضائع، وزيادة أسعار الطاقة عالميا، وزيادة قيمة مرتبات العاملين في الصناعة". وأكد "هلال" أن التاجر لا يجرأ على بيع الأجهزة بسعر أعلى من الشركة المُصنعة، إلا في حالة عدم توفر معروض كاف لدى الشركات، قائلا: "طول ما العرض قليل السعر يزيد". المستوردون يجب أن تنخفض الأسعار فورًا بمجرد هبوط سعر الدولار في السوق الموازي، وفقا لقول أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية. وأضاف "شيحة" في تصريحات لـ"مباشر": كما ترتفع الأسعار بمجرد ارتفاع سعر الدولار، فيجب أن تنخفض كذلك بمجرد هبوط سعر الدولار في السوق الموازي، وهذا ما حدث بالفعل". وتابع: "أي تاجر لا يخفض أسعار السلع فهو نصاب وغير أمين، ولا يجب أن يتحجج بشراء السلع في وقت ارتفاع الدولار"، مستكملا: "التاجر حينما يشتري البضاعة بألف جنيه وسعرها يرتفع يبقى 1200 جنيه فإنه سيبيعها بالسعر الجديد، وكذلك الحال إذا انخفض سعرها إلى 900 جنيه، لأنه سيعمد إلى إعادة شرائها بسعرها بعد الانخفاض، وفقا لدورة رأس المال". وأكد عضو شعبة المستوردين أن التاجر يخسر فقط في حال أنها آخر دورة بيع ولن يعاود شراء بضاعة جديدة وبالتالي لن يعوض خسارته. وشدد "شيحة" على ضرورة هبوط أسعار جميع السلع تقريبا بما فيها الزراعية المرتبطة بأسعار التقاوي والبذور المستوردة من الخارج. وتابع: صفقة رأس الحكمة ممتازة، ولو استمر الوضع على هذا النحو أؤكد أن الدولار سينخفض إلى 20 جنيهًا ولن يكون هناك سوق موازي أو أي أزمة دولار في مصر". وناشد "شيحة" شركات الأغذية الكبرى في مصر بتخفيض أسعار منتجاتها، مؤكدا أنه في حال لجوء الدولة لاستيراد اللحوم والدواجن من الخارج بكميات كبيرة فإن الأسعار ستنخفض محليا نتيجة لزيادة العرض. واختتم: "المضاربة في الدولار أصبحت رهانًا على سلعة خاسرة، وكل من يمتلك الدولار سيسعى إلى التخلص منه تجنبا لمزيد من الخسائر". انتهاء أزمة الدولار يتوقع بنك "غولدمان ساكس" انتهاء أزمة سعر الصرف في السوق المصرية خلال أيام أو أسابيع على أكثر تقدير بعد إعلان تفاصيل صفقة "رأس الحكمة" والتي ستسمح بدخول 24 مليار دولار صافية من الاستثمارات الخارجية إلى مصر خلال شهرين. وقال "غولدمان ساكس" في ملاحظة سريعة عقب إعلان الصفقة أمس الجمعة، إن حجم الاستثمارات جاء أكبر بكثير من التوقعات السابقة لغولدمان ساكس، فضلاً عن توقيته والذي كان هو الأخر سريع جداً. وكتب المحلل الاستراتيجي في "غولدمان ساكس" من لندن، فاروق سوسة: "إلى جانب برنامج موسع لصندوق النقد الدولي، فهذا من شأنه أن يوفر سيولة كافية لتغطية فجوة التمويل في مصر على مدى السنوات الأربع المقبلة". كان "غولدمان ساكس" توقع أن تحتاج مصر إلى 25 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية على مدار السنوات الأربع المقبلة. كما أشار إلى أن السيولة الضخمة للصفقة البالغ قيمتها 35 مليار دولار ستوفر السيولة الكافية لإنهاء أزمة العملات الأجنبية في السوق المصرية خلال أيام أو أسابيع. للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام ترشيحات السيسي ونظيره الإريتري يبحثان تطورات الأوضاع في البحر الأحمر بعد "رأس الحكمة".. إعلامي مصري: إعلان مشروع خليجي جديد قريباً
مشاركة :