أحدثت تعرفة المياه الجديدة، التي أقرتها الحكومة مؤخراً، تبايناً في وجهات النظر بالمجتمع السعودي (المستهلكين)، بين مؤيد ومقتنع وآخر ممتعض ومنزعج وغير راضٍ. وبررت وزارة المياه والكهرباء زيادة التعرفة، التي بدأت الحكومة في تطبيقها رسمياً يوم الاثنين الموافق الحادي عشر من شهر كانون الثاني (يناير) من العام الجاري بعدة أسباب، من بينها ما يلي: -ان المملكة العربية السعودية، تُعد من بين البلدان الأكثر شحاً في مصادر المياه على مستوى العالم، ولاسيما حين النظر والأخذ بعين الاعتبار، بأنها لا تمتلك مصادر مياه متجددة، وتعتمد إلى حد كبير في توفيرها للمياه على تحلية مياه البحر بتكلفة باهظة للغاية. - معدل استهلاك الفرد في المملكة للمياه، يُعد من بين أحد أعلى معدلات الاستهلاك على مستوى دول العالم، إذ يحتل المرتبة الثالثة بعد أميركا وكندا، حيث يصل استهلاك الفرد للمياه في السعودية 256 ليتراً في اليوم الواحد، في حين يصل في أميركا وكندا إلى 666 و 431 على التوالي. - تكلفة توفير المياه في المملكة بمراحلها المختلفة، من (رفع ونقل وتوزيع وتوصيل)، تُعد من بين الأعلى على مستوى العالم، نظراً لأن المملكة في عمومها ليست بلداً ساحلياً، مما يضاعف من تكلفة توصيل المياه للمستهلكين لمسافات طويلة جداً تتجاوز في بعض الأحيان آلاف الكيلومترات. - معدل نمو استهلاك المياه في السعودية، يُعد معدلاً غير مستدام، وآخذاً في النمو والتزايد عاما عن آخر، بمعدل نمو سنوي يقدر بنحو 7 في المئة في المتوسط، مما سيتسبب آجلاً أم عاجلاً في عجز المملكة عن توفير المياه بنفس القدرة الحالية نتيجة لارتفاع التكاليف. - عدم تحقيق جهود توعية ترشيد المياه لأهدافها المنشودة التي أطلقتها الوزارة على مدى 10 سنوات، بسبب تدني التعرفة التي لا تشجع على الترشيد. - لم يتم إجراء أي تعديل على تعرفة الاستهلاك السكني لمدة تزيد عن 20 عاماً بالرغم من زيادة التكاليف الرأسمالية والتشغيلية. جميع تلك الأسباب وغيرها حَدت بالحكومة السعودية إلى تغيير تعرفة المياه بإجراء تعديلات بالزيادة على كافة شرائح الاستهلاك، وذلك بهدف المحافظة على هذا المورد الطبيعي المهم للغاية. وقد أكدت وزارة المياه والكهرباء على أن هدف الدولة من وراء زيادة التعرفة، ليس بغرض زيادة مواردها وعوائدها المالية، بقدر ماهو الدفع بجهود الترشيد في الاتجاه الصحيح، وما يؤكد على ذلك، أن التعرفة الجديدة حتى وبعد زيادتها لن تغطي أكثر من 35 في المئة من التكلفة الإجمالية لتوفير المياه بمراحلها المختلفة للمستهلكين. إنه لمن المؤكد جداً، بأن المستهلك المُرِشد يتفق تماماً مع جهود الحكومة الرامية إلى ترشيد استخدام المياه وغيرها من الموارد الطبيعية الهامة، وبالذات وأن المياه في المملكة، تتسم بالندرة والشح والقلة، ولكن وكما يبدو واضحاً أن قرار تغيير التعرفة كان مباغتاً ومفاجئاً لمعظم شرائح المستهلكين، لاسيما وأن تغيير التعرفة لم يطبق بشكل متدرج ومرحلي، إضافة إلى عدم إخضاع المستهلكين لفترة من التأهيل والتجهيز النفسي، بما في ذلك الاستعداد المادي Grace Period، وبالذات وأن المستهلكين تعودوا ولفترة طويلة من الوقت، تجاوزت عقدين من الزمان، على دفع تعرفة متدنية للغاية لا تتجاوز 11 ريالا شهرياً لاستهلاك يصل إلى 90 متراً مكعباً لأسرة تتكون من 6 أفراد، في حين أن المستهلك سيدفع الآن بعد تعديل التعرفة وزيادتها لنفس معدل الاستهلاك من المياه فقط 302 ريال و 452 ريالا (للمياه+الصرف الصحي) والذي يُعد أضعاف مضاعفة لما كان عليه السعر في الماضي.
مشاركة :