لقاء محمد بن سلمان يرسم ملامح مستقبل اقتصادي أكثر وضوحاً

  • 4/7/2016
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

منذ ديسمبر الماضي عندما أقرت الميزانية الحكومية، أيقنت أن التوجه الاستراتيجي لبلادنا حفظها الله قد تغير تماماً، ولكن لم تكن الصورة واضحة بشكل كامل. الآن بعد لقاء الأمير محمد بن سلمان، اتضح لي بشكل أكبر التوجه الاستراتيجي الجديد والذي بدأ تطبيقه حرفياً منذ منتصف السنة الماضية. عندما تحدث الأمير محمد عن الصندوق السيادي، ذكر معلومة مهمة جداً من الصعب فهمها بسهولة مع أنها متعلقة بالتوجه الاستراتيجي الجديد للسعودية خلال الفترة القادم. الأمير قال تحديداً بأن طرح أرامكو للاكتتاب سيجعل مصدر الدخل للحكومة منها كاستثمار، وليس عائدات النفط! وحينها سيتحول التوجه الاستراتيجي إلى تنويع الاستثمارات الحكومية بدلاً من تنويع مصادر الدخل القومي. هذا التحول الاستراتيجي سيكون هادفاً للربح بدلا من مجرد تنويع الاقتصاد، مما يعني أن أي خطوة حكومية جديدة تتعلق بالصرف أو الدعم الحكومي ستكون شبه خالية من الهدر في الانفاق الذي عايشناه طوال العقود الماضية. إضافة إلى ذلك، فهذا التوجه يعتبر أكثر استدامة وسيساعدنا تدريجيا في الاستغناء عن النفط كمصدر دخل وحيد للحكومة. ولكن هذا التوجه لوحدة لن يكون كافيا لدعم التوسع الاقتصادي المحلي، لهذا كان التوجه الاستراتيجي في إشراك القطاع الخاص في الخطة. إشراك القطاع الخاص في التوسع الاقتصادي ليس بالأمر الهين في الوقت الحالي خاصة مع ترسبات السنين السابقة من خطط واستراتيجيات كانت في مجملها شبه اشتراكية وتعتمد بشكل كبير على الدعم والصرف الحكومي. مع بداية السنة بدأ برنامج التحول الوطني الذي يراد منه مساعدة الإدارات الحكومية المختلفة على مواكبة التوجه الاستراتيجي الجديد وهي عملية طبيعية من ضمن خطوات إدارة التغيير «Change Management» وليست خطوة جديدة لخلق استراتيجية وطنية جديدة! لمساعدة القطاع الخاص على النمو، يجب على الإدارات الحكومية المختلفة أن تصنع مبادرات وخطط عمل هدفها الأساسي هو دفع القطاعات التنموية الاقتصادية للتوسع والنمو، وذلك يشمل تحديدا في مراجعة هيكلة القطاعات والتشريعات والأنظمة وإعادة تشكيلها لتكون سببا في جعل القطاع الخاص أكثر فعالية في دفع القطاعات للنمو. في نفس الوقت، تهتم هذه الإدارات أيضا بحاجات الأطراف الأخرى ذات العلاقة «Stakeholders» وعلى رأسها المواطنين، كما أكد على ذلك الملك حفظه الله بخصوص المسائل المتعلقة بإسكان المواطنين. علاوة على ذلك، فأهمية التوجه الاستراتيجي الجديد تمس المواطن مباشرة عندما أشار الأمير محمد في المقابلة بأن قطاعي الصحة والخدمات سيتم تخصيصهما وتوفير التأمين الطبي للمواطنين لينعكس ذلك على ارتفاع جودة الخدمات الطبية وسرعة تقديمها بشكل أفضل مما يتم في الوقت الحالي. لهذا سنشاهد تحولاً كبيراً في قطاعي الخدمات والصحة خلال السنوات القادمة فمن المرجح أن نشاهد الكثير من الشركات العاملة في هذين القطاعين مدرجة في سوق الأسهم السعودي كشركات مساهمة. عودة للميزانية الحكومية، نلاحظ فهم الأمير الكامل لضرورة ضبطها عندما أشار إلى مسألة الاختلاف الكبير بين الميزانية التقديرية والفعلية خلال السنوات الماضية بهامش غير مقبول يتجاوز ال 25%، وهو أول أمر تعامل معه الأمير بنجاح خلال سنة 2015م عندما خفض الفارق إلى 12% ومن ثم هيكلة الميزانية الجديدة ليكون هناك احتياطي في الميزانية التقديرية يضمن عدم وجود اختلاف كبير في الصرف الفعلي عن التقديري يتجاوز 5% كما هو معتاد في هذا المجال. أعتقد أن هذا التوجه الاستراتيجي الذي يقوده الأمير محمد -حفظه الله- يعتبر مهماً جداً وسيكون له الأثر العظيم في حياتنا للعقود القادمة متجاوزاً آمالنا وتوقعاتنا للتطور والتقدم والرفاه الذي سيكون من حظنا وحظ أجيالنا بعدنا بإذن الله.

مشاركة :