قال إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية تجارة أسيوط الأسبق إن الاتهامات الأمريكية لروسيا وإيران سخيفة. وأضاف: "آخر ما تناقلته وسائل الإعلام الدولي اليوم هو عن اتهام إدارة الرئيس الأمريكي بايدن لإيران بإقدامها على تزويد روسيا بصواريخ باليستية إيرانية وبتكنولوجيا تصنيعها، مع إنذارها بتوقيع عقوبات صارمة جديدة عليها إذا لم تمتثل بالتوقف فورا عن تنفيذ هذه الصفقة، وشمل التهديد الأمريكي لإيران وقف جميع الرحلات الجوية الإيرانية إلى المطارات الأوروبية، هذا بخلاف عقوبات أمريكية ودولية أخرى بطبيعة الحال لم يكشفوا عنها". وتابع: "أغرب ما في هذا الاتهام الأمريكي لإيران وروسيا، هو موضوع الاتهام نفسه، فإيران وروسيا هما دول مستقلة ذات سيادة ومن حقها أن تعقد ما تشاء من صفقات بيع السلاح سواء فيما بينها، أو مع غيرها، فهذا حق سيادي غير مشروط لهما وليس من حق أي طرف ثالث أن ينازعهما فيه، وإلا كان من حق روسيا هي الأخرى أن تعترض علي بيع أمريكا وحلفائها الاوروبيين في الناتو السلاح لأوكرانيا وأن تعتبره عملا عدائيا موجها ضدها وأن من حقها وهي تحارب في أوكرانيا وأن تطالبهم بوقفه علي غرار ما يفعلونه الآن مع إيران ويصرون عليه، ولكنها لم تفعل ولم تهدد أو تتوعد ولم توقع عقوبات على أي من هذه الدول وتركتها تزود أوكرانيا بكل منظومات الأسلحة بعشرات المليارات من الدولارات حتي كاد مخزون بعض هذه الدول من السلاح أن ينفذ لضخامة ما أرسلوه لأوكرانيا علي مدار عامين كاملين.. ورضخت روسيا للأمر الواقع ولم تبالغ في رد فعلها رغم ما في تصرف دول الناتو من أضرار شديد بأمنها القومي وبمجهودها العسكري في هذه الحرب". وأوضح أن "وجه الغرابة الثاني في هذا الاتهام الأمريكي لإيران حول صفقة صواريخها الباليستية المزعومة لروسيا، فهو أنه اتهام يفتقر إلى أدنى أساس من المصداقية وتدحضه كل الشواهد، لأن روسيا لا تحتاج كثاني أكبر قوة عسكرية نووية وتقليدية في العالم لشراء صواريخ بالستية وتكنولوجيا تصنيعها من إيران، روسيا من تعتبر رائدة صناعة الصواريخ البالستية العابرة للقارات في العالم بإطلاقها لصاروخها سبوتنيك 1 في أكتوبر 1957 إلى الفضاء الخارجي والذي أذهلت به أمريكا والعالم وخلقت به ما يعرف بفجوة الصواريخ missile gap بينها وبين أمريكا والتي استمرت حتي عام 1961 كان الاتحاد السوفيتي فيها هو دولة الصواريخ العابرة للقارات الأولى في العالم بلا منازع، وكان لدي علمائه من خبرة تصنيع هذه الصواريخ ما يضعهم على قمة علماء العالم المتخصصين في هذا المضمار..وهذه حقيقة معروفة للعالم كله". وأضاف: "في السنوات الأخيرة حققت روسيا طفرة مذهلة في مجال تصنيع الصواريخ البالستية الفرط صوتية، وغيرها من المنظومات الصاروخية فائقة الدقة ذات التكنولوجيا العالية، وهو ما يغنيها عن استيراد صواريخ من إيران أو من اي دولة أخرى، فلديها اكتفاء ذاتي كامل من هذه النوعيات من الأسلحة المتطورة والكثير منها مجهز برؤوس نووية قادرة علي تدمير دول بأكملها، ثم لماذا صواريخ من إيران وليس من الصين أو كوريا الشمالية، ولكلتا الدولتين باعهما الطويل في تصنيع الصواريخ البالستية بما يفوق إيران بكثير فضلا عن أنهما شركاء استراتيجيين كبار لروسيا وعلى مستوي لا تقارن به علاقة روسيا بايران؟ وما الذي كان يمنع روسيا من ذلك اذا ارادت؟ ولو أن العكس كان صحيحا لربما صدقناه، وهو اتهام أمريكا لروسيا بتزويد إيران بالصواريخ، حتى وإن لم يكن ثمة ما يدعو إيران إلى استيراد صواريخ من روسيا أو من غيرها لعدم حاجتها إليها..فالموضوع كله يكاد يكون بلا أساس ولا يقوم شاهد عليه". وختم": "القصة كلها سخيفة ومفبركة ولا تعدو أن تكون ذريعة واهية جديدة من تلفيق أجهزة المخابرات الأمريكية لترهيب إيران وتعنيف الضغوط الأمريكية والأوروبية عليها لترك الحبل لإسرائيل في حربها علي غزة، بخنق إيران وتشديد الحصار المفروض عليها بالمزيد من العقوبات الدولية الصارمة ضدها وقد يكون ذلك هو أحد دوافع هذا الاتهام الجديد لإيران، ويجب ألا ننسى أنه قد سبق لأمريكا وشركائها الأوروبيين في الناتو أن اتهموا إيران بتزويد روسيا بآلاف المسيرات الإيرانية الهجومية لاستخدامها في حربها في أوكرانيا، وفشلوا في إقامة دليل موثوق فيه على صحة اتهامهم لإيران حتي وإن لم يكن لهم الحق في اتهامهم لها كدولة ذات سيادة ومن حقها أن تبيع مسيراتها لمن تشاء، وهو ما يكشف عن مدي مبالغاتهم وتهويلاتهم في اتهاماتهم المستمرة لروسيا وإيران ولإظهار إيران في صورة الدولة المتورطة في الحرب الأوكرانية بدعمها العسكري لروسيا، وقبلها أقاموا العالم ولم يقعدوه حول البرنامج النووي الإيراني وكيف أن إيران أوشكت على إنتاج أسلحة نووية وأن هذه الأسلحة النووية الإيرانية سوف تشكل خطرا داهما على أمن إسرائيل ودول الخليج وأوروبا والعالم، وثبت بعد ذلك مدى زيف كل تلك الاتهامات الأمريكية والغربية، فرغم أن إيران انفردت بإدارة مفاعلاتها النووية منذ عام 2018 وتحديدا منذ انسحاب أمريكا من اتفاق 2015 النووي، وأصبحت حرة في تخصيب اليورانيوم بمعدلات عالية وفي تشغيل مفاعلاتها النووية بكامل طاقتها دون أن يكون للوكالة الدولية للطاقة الذرية أي دور في مراقبة وتفتيش ما يدور فيها من أنشطة نووية بعد أن خرجت الوكالة من الصورة بحكم عدم التزام إيران ببنود هذا الاتفاق بعد انسحاب أمريكا منه، إلا أن إيران لم تنتج السلاح النووي الذي حذروا العالم منه وبالغوا في تصوير أخطاره". المصدر: RT تابعوا RT على
مشاركة :