في مواسم الانتخابات خلال ثلاثين عاما مضت، كنا نعيش على أبواب الانتخابات قصة مشاركة الإخوان المسلمين، وتخرج الأقاويل عن مشاركة ومقاطعة، وكان بعض ضعاف القلوب من المسؤولين في كل مرحلة ينقسمون إلى فريقين، الأول يخشى من مقاطعة الإخوان وتأثيرها على الانتخابات والمشاركة فيها، والفريق الثاني ينظر إلى المشاركة الإخوانية خوفا من حصولهم على نسبة كبيرة من المقاعد. وفي كلتا الحالتين لم تكن مشاركة الإخوان أو غيابهم كارثة سياسية، فهم من يحتاجون المشاركة عندما يهددون بالمقاطعة لأن غيابهم خسارة لهم، فالدولة لم تعد تحتاج إلى وجودهم لأي سبب، وهم الذين يقولون إن تحجيمهم هدف ولهذا فالمقاطعة بالمنطق السياسي خدمة لخصومهم. ونتذكر في انتخابات عام 2010 عندما قاطع الإخوان أن اجتماع مجلس الشورى الذي ناقش القرار وصلته رسالة من رئيس المكتب السياسي لحماس بالمشاركة عبر تيار حماس في قيادة الإخوان، لكن التيار الآخر المعتدل هو الذي قاد فكرة المقاطعة لأمرين ليس للدولة علاقة بهما، الأول إضعاف تيار ما كان يسمى الصقور وعدم منحهم سلطة العمل النيابي، والثاني إضعاف لنفوذ حماس التي كان وما زال من مصلحتها أن يكون للإخوان المسلمين نواب في مجلس النواب لخدمتها في أكثر من مجال. وفي عام 2013 حينما كانت أول انتخابات في فترة الحراك، ضغطت جماعة الإخوان على الدولة واشترطت لمشاركتها تعديل الدستور وسلب موقع جلالة الملك صلاحياته في الحكم، وكان استقواء خاليا من الذكاء، وكان داخل بعض المسؤولين محاولة لإقناع الدولة بتأجيل الانتخابات لأن مقاطعة الجماعة ستجعلها انتخابات ضعيفة، لكن حزم الملك كان كبيرا في ضرورة إجراء الانتخابات، وجرت الانتخابات دون الإخوان ولم تتوقف عجلة الدولة، بل إن الأحداث في الإقليم بعدها أخرجت الجماعة من المعادلة الإقليمية والأردنية. ما نحتاجه اليوم إشارة لا تحتمل التأويل إلى أن الانتخابات قادمة هذا العام في موعدها، حتى تنطلق شرارة العمل من الناس والأحزاب والعشائر والدولة، أما الإخوان فهم من يحتاجون أن يكون لهم نواب، وحين يتوقف العدوان على غزة ستكون هناك معادلة جديدة قد يحتاج الإخوان معها أن يكون لهم حتى نائب واحد، فالمشاركة أو المقاطعة قصة تخص الإخوان وليست محل قلق، فالانتخابات لكل الأردنيين وليست للإخوان، وسواء شاركوا أو قاطعوا فالأمر يخص مصلحتهم، أما مشاركة الأردنيين في الانتخابات فأرقامها في وجود وغياب الجماعة متقاربة، وهي مشكلة تحتاج إلى عمل كبير، وفي النهاية فالمشاركة قرار الناس وضعف المشاركة قد يعطي مؤشرا سلبيا لكنه لا يفسد شرعية أي مجلس قادم كما في كل انتخابات في العالم. لا تتوقفوا طويلا عند مناورات الإخوان حول مشاركتهم فهم من يحتاجون المشاركة، وعندما قاطعوا تضررت مصالحهم، ثم عادوا لأن هذا يخدمهم، ومهما كان قرارهم في هذه الانتخابات فالأمر من يحتاجون التواجد، ويحتاجون لأدوات تواصل مع الدولة، وهم يتذكرون مرحلة كانوا يبحثون عن موعد ولقاء مع أي مسؤول. الأردن ليس حزبا أو تنظيما ومعيار نجاح الانتخابات هو الإدارة السياسية والفنية والإدارية السليمة أما من يغيب ومن يتواجد فهذا أمر يخص مصالحه، فالانتخابات للأردنيين كلهم. الغد
مشاركة :