في انتخابات رئاسية شبه محسومة، يتوجه الناخبون الروس إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى غدا وتستمر ثلاثة أيام لاختيار رئيسهم للسنوات الست المقبلة، من بين أربعة مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية خامسة.ويتنافس على منصب رئيس روسيا الاتحادية في الانتخابات المرتقبة أربعة مرشحين، هم الرئيس الحالي فلاديمير بوتين البالغ من العمر واحدا وسبعين عاما كمرشح مستقل، وثلاثة مرشحين من الأحزاب الممثلة في البرلمان والصديقة للكرملين وممن يدعمون على نطاق واسع سياساته خصوصا فيما يتعلق بالملف الأوكراني، وهم: ليونيد سلوتسكي من الحزب الديمقراطي الليبرالي، وفلاديسلاف دافانكوف من حزب الناس الجدد، ونيكولاي خاريتونوف من الحزب الشيوعي.وسيتم التصويت في جميع أنحاء البلاد الشاسعة على مدار ثلاثة أيام، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية الروسية، كما سيتم اعتماد التصويت عبر الإنترنت وذلك للمرة الأولى أيضا، حيث تعد هذه الانتخابات الثامنة في روسيا منذ عام 1991، ويشارك في مراقبتها نحو ألف مراقب من مئة دولة.ويبلغ عدد سكان روسيا 146 مليون نسمة، أما عدد الأشخاص الذين يحق لهم التصويت فيقدر بمئة واثنى عشر مليون شخص، فضلا عن مليوني شخص يقيمون بالخارج، وعادة ما يدلي ما بين 70 و80 مليون شخص بأصواتهم بالفعل.وقد شارك أكثر من مليون وأربعمئة ألف ناخب روسي في الاقتراع بصورة مبكرة خلال الفترة من الخامس والعشرين من فبراير الماضي وحتى الرابع عشر من مارس الحالي، وذلك في 39 منطقة روسية تشمل المناطق النائية والمبحرة أيام الانتخابات والقواعد العسكرية البعيدة عن المراكز السكانية وعمال المناجم، والمنارات والمحميات الطبيعية، كما أدلى أكثر من 40 ألف مواطن روسي في 23 دولة بأصواتهم بصورة مبكرة.واستبق الرئيس الروسي الانتخابات بدعوة مواطنيه للمشاركة في التصويت بقوة، مؤكدًا أن مصير روسيا لا يحدده إلا مواطنوها، حيث قال في خطاب إلى شعبه، إن مراكز الاقتراع ستكون مفتوحة في كل مدينة وبلدة وقرية.وبين أن المواطنين الروس لا يتعين عليهم الإدلاء بأصواتهم فحسب، بل يجب أن يعلنوا بحزم إرادتهم وتطلعاتهم، ومشاركتهم الشخصية في مواصلة تنمية بلادهم، لأن الانتخابات هي خطوة نحو المستقبل، مشددا على أن المشاركة في الانتخابات تعكس المشاعر الوطنية.ودعا بوتين مواطنيه إلى التماسك للتغلب على التحديات الصعبة، دون أن يعلق على تقارير إعلامية في موسكو ذكرت أن حكومته تخطط لزيادة الضرائب على الشركات بعد الانتخابات الرئاسية للمساعدة في تمويل المجهود الحربي، لكنه ألمح إلى أن الحكومة قد تفرض قريبا نوعا من الضريبة التصاعدية، حين قال إنه يجب أن يكون توزيع العبء الضريبي عادلا، بمعنى أن على الشركات والكيانات القانونية والأفراد الذين يكسبون أكثر أن يساهموا في دفع الضرائب بشكل أكبر.ويقول المراقبون إن نتيجة التصويت شبه محسومة، وإن بوتين سيفوز فيها بفترة ولاية رئاسية جديدة، لتجعل منه الزعيم الأطول خدمة في هذا المنصب في الكرملين منذ الزعيم الروسي الأسبق جوزيف ستالين، متفوقًا بذلك على حكم الزعيم السوفييتي الأسبق ليونيد بريجنيف الذي استمر في الحكم لمدة 18 عاماً.وتوقعت استطلاعات للرأي نشرت في موسكو حصول بوتين على أكثر من ثمانين بالمئة من الأصوات، وأن تبلغ نسبة مشاركة الناخبين حوالي سبعين بالمئة، وأن تتوزع الأصوات الباقية بين المرشحين الآخرين، بحصول نيكولاي خاريتونوف على ستة بالمئة من الأصوات، وفلاديسلاف دافانكوف على ستة بالمئة أيضا، وليونيد سلوتسكي على خمسة بالمئة.ويقول الكرملين إن بوتين يتمتع بدعم ساحق من الشعب الروسي، وأن روسيا لا تريد أن تتلقى ما أسماه محاضرات من قبل الغرب عن الديمقراطية.ويرى مؤيدو الرئيس الحالي أنه أوقف دوامة الانحدار التي بلغت ذروتها مع انهيار الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، واستعاد على الأقل بعض النفوذ الذي كان يتمتع به الأمناء العامون الذين حكموا الاتحاد السوفييتي سابقا، بينما كان يتصدى لما يصوره الكرملين على أنه تراجع يقوده الغرب.واختار بوتين خوض الانتخابات كمستقل وليس كمرشح لحزب روسيا الموحدة الحاكم، ويعد الرئيس الروسي الحالي الزعيم الأبرز لبلاده منذ عام 2000، وهو يسيطر على جميع أدوات الدولة، وقد ركز في الآونة الأخيرة على تعزيز شرعيته، فكثف من ظهوره الإعلامي، واجتمع مع الطلاب، وزار المصانع، بل وقاد قاذفة قنابل نووية، كما وعد بمليارات الروبلات لتحديث المدارس والبنية التحتية ومكافحة الفقر وحماية البيئة وتعزيز التكنولوجيا.ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية قبل أكثر من عامين، واجه فلاديمير بوتين شبه مقاطعة من جانب الزعماء الغربيين، لكن معنوياته ارتفعت في الأشهر الأخيرة على ضوء تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا، وفشل الهجوم المضاد الذي شنته كييف في تحقيق أي اختراق جوهري على الجبهة، كما أثبت الاقتصاد الروسي مرونته في وجه العقوبات القاسية التي فرضتها الدول الغربية عليه، وسجل من جديد معدلات نمو جيدة بعد إعادة توجيه موسكو صادراتها من الطاقة نحو قارة آسيا.وقد تم تعيين بوتين، وهو مقدم سابق في الاستخبارات الروسية /الكي جي بي/، رئيسا بالنيابة من قبل الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين في اليوم الأخير من عام 1999، وقد فاز في جميع الانتخابات الرئاسية الروسية منذ عام 2000، باستثناء انتخابات عام 2008، حيث ترشح للرئاسة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف بينما تولى بوتين رئاسة الوزراء لمدة أربع سنوات عاد بعدها للرئاسة في انتخابات عام 2012.وقد جرت تعديلات دستورية عام 2008 مددت فترة الرئاسة إلى ست سنوات، وأعادت تعديلات أخرى عام 2020 تحديد فترة ولاية الرؤساء اعتبارا من عام 2024، ما قد يسمح لبوتين بالبقاء في السلطة حتى عام 2036.
مشاركة :