وجهة نظر: كي لا يكون إنتاج الهيدروجين الأزرق في الكويت وهماً

  • 3/19/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت شركة نفط الكويت توجهها لإنتاج الهيدروجين الأزرق، وعقدت لذلك الغرض مؤتمراً حضره 150 من خبراء الطاقة البديلة (النظيفة!). كان عنوان التوجه (المؤتمر) هو تقييم مشروع إنتاج الهيدروجين الأزرق من المنظور التجاري والبيئي (المستدام!). أتوقع أن المؤتمر قد سبقه بحوث محلية حول مواءمة المشروع لظروف الكويت التجارية والبيئية لتحقيق جدوى اقتصادية، وبيئية، ومستدامة ناجحة، ومن ثم عقد هذا المؤتمر ليجيب الخبراء عن العثرات المحتملة، وإيجاد حلول لهذه العثرات. أقول ذلك حتى لا نقع في محظور الفشل، وصرف المليارات لعناوين استعراضية، كما حدث في مشروع الطاقة الشمسية، الذي أقر معهد الأبحاث صرف أكثر من عشرة مليارات دينار منذ 1980، أي بعد 44 عاماً، لكي ننتج 0.3 في المئة من الطاقة. فيخرج الآن معهد الأبحاث بتصريح «عوامل عدة تقيد التوسع في الطاقة المتجددة بقدرات تفوق التكنولوجيا التقليدية بالكويت»ــ الجريدة 25-1-2024م. فمن الحكمة أن تجمع تساؤلات البحوث المحلية وإجابات المؤتمر ويعاد النظر في مثل هذا المشروع الضخم. في هذا المقال، ومن منظور الخبرة، أعرض بعض الملاحظات حول مشروع الهيدروجين الأزرق، وما يصاحب ذلك من إنتاج الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة من الهيدروجين. يمكن إنتاج غاز الهيدروجين من المصادر الطبيعية لـ 3 منتجات هيدروجينية: الأخضر، والأزرق، والرمادي. أبحاث وتطبيقات إنتاج الهيدروجين الأخضر، من المياه العذبة، شجعت الاستمرار إلى الأزرق والرمادي من الغاز الطبيعي. ولكي يفهم القارئ الكريم، الفروقات بين ألوان الهيدروجينات الثلاثة نبين أن الهيدروجين الأخضر ينتج في دول ذات وفرة في المياه العذبة، والهيدروجين الرمادي ينتج من الغاز (والفحم) دون حبس الكربون المصاحب، والناتج من تكسير جزيئات غاز الميثان. أما الهيدروجين الأزرق، فينتج من الغاز (والفحم) ويصاحب بمصدات حبس الكربون. والأزرق له عدة طرق لإنتاجه: التشكيل البخاري، والحراري التلقائي، والأكسدة الجزئية ــ الحرق. الفارق بينه وبين الرمادي أن في إنتاج الهيدروجين الأزرق يصاد غاز الكربون المنبعث من تكسير غاز الميثان، ويخزن ويستعمل. وأشهر طريقة لإنتاج الهيدروجين الأزرق هي الأسلوب البخاري (SMR) حيث يشكل 95 في المئة من بين الطرق. انتقدت المؤسسات العلمية إنتاج الهيدروجين الأزرق لعدم مواءمته البيئية النقية، لما يصحبه من تسرب 20 في المئة من غاز الكربون رغم عملية الحبس، واستنتجت أن الهيدروجين الأزرق أسوأ على البيئة من استعمالات الوقود الاحفوري (نفط وفحم). في تقرير وكالة الطاقة الدولية عن تطور إنتاج الطاقة من الهيدروجين، والحبس الكربوني بأنه يسير ببطء. والأسرع هو إنتاج الطاقة الشمسية واستعمالات السيارات الكهربائية لتحقيق «الصفر الكربوني» في 2050. وقد عرضت الوكالة رسماً بيانياً مقارناً بين نجاعة الطاقات المختلفة، يفيد عكس ما استنتجته، حيث ظهر أن الحبس الكربوني (CCUS) هو الأسرع (متناقض!). قد كتبت عدة مقالات في «الجريدة» حول أسطورة العلاقة بين الغازات المنبعثة وحرارة الأرض (30/1/2018)، الجديد في المتجددة (8/11/2020)، مستقبل الطاقة المتجددة (30/5/2021)، وهم الطاقة البديلة (7/9/2023)، وأكتفي بهذا، ولا أكرر. أما المنظور التجاري فلا يحتاج إلى تفاصيل كثيرة، فالكويت تستهلك أكثر من 4 مليارات قدم مكعبة يومياً من الغاز، تنتج الكويت منها 1.5 مليار وتستورد الباقي بكلفة عالية. والغاز في الكويت يستعمل كوقود (محطات الكهرباء واستهلاك المنازل)، وكلقيم (لمصانع البتروكيماويات) وفي أغراض أخرى متعددة (في المختبرات). وللإنتاج الهيدروجين الأزرق يحتاج بالإضافة إلى لقيم الغاز الطبيعي، يحتاج المشروع إلى لقيم هيدروجين التنقية لقيم الغاز الطبيعي من الكبريت، بالإضافة إلى لقيم بخار الماء، وهذا يعني أن أولويات الغاز المنتج والمستورد قد تعددت فكثرت. إن كان في مخطط نفط الكويت، حماية البيئة بالهيدروجين الأزرق، كما تكرر في الخطاب، فكلفته المالية عالية جداً ويخسف بالجدوى التجارية، رغم إغراءات القيمة الحرارية للهيدروجين. وذكر أيضاً في تصريحات وتقارير «نفط الكويت» كلمة «الاستدامة» من المشروع، ومشاريع الطاقة الأخرى ويبدو أن الكلمة «حشوية»! فكما أثبتنا في مقالاتنا السابقة أنه لا استدامة، حتى في الطاقة البديلة (المتجددة!) لقلة وعدم ضمان مصادرها، وكلفتها العالية على المستهلك. حتى نرضي مؤتمر البيئة، فرنسا (2015 COP)، وأنصار البيئة نتساءل عن مشاريع خفض الانبعاثات كم انخفضت درجة الحرارة منذ أن بدأت في كيتو، اليابان (2005)؟ لنبعثر تريليونات الدولارات التي صرفت؟ إن الكويت لضمان واستدامة منبع طاقتها الاستراتيجية بحاجة إلى حسن إدارة مخزوناتها النفطية والغازية لإطالة عمرها. وبحاجة إلى نشر شبكات (مصدات) مراوح الحبس الكربوني للاستفادة منه ولتنقية الهواء الذي نستنشق، فإن جسيمات المواد الكيميائية (PM) المتطايرة قد بلغت معدلات مقلقة. وإرضاءً للضغوطات الجيوسياسية حول الطاقة البديلة المتجددة فالتوجه يجب أن يكون للحرارة الأرضية بالاستفادة من الآبار العميقة المعطلة. * خبير واستشاري نفط

مشاركة :