النظر للسحاب لا للتراب! - سمر المقرن

  • 3/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نحن لا نملك تغيير الماضي ولا رسم المستقبل.. فلماذا نقتل أنفسنا حسرة على شيء لا نستطيع تغييره؟ فالحياة قصيرة وأهدافها كثيرة، فانظر إلى السحاب ولا تنظر إلى التراب. مقولة شهيرة تمثل شفرة النجاح لكثير من الناس عبر التاريخ عندما طبقوها ولولا ذلك ما ولد للبشرية عظماء قدموا لها خدمات جليلة، وأتذكر هنا العداءة الأبرز ويلما رودولف، تلك المقعدة التي أصبحت أسرع امرأة في العالم، هي وغيرها من العظماء لو اختاروا من الدنيا شاطئها المجدب ونظروا إلى ترابها، وألقوا بقلوبهم في مجرّة الفشل واليأس، لصاروا نسياً منسياً، فما جدوى اليأس والحزن والندم والبكاء على ما فات وما فائدة البكاء على اللبن المسكوب؟ بلا شك يمر كل إنسان بأوقات عصيبة يتأرجح فيها بين اليأس والرجاء كأن يفشل في وظيفته، أو يرسب في سنة دراسية، أو يخفق في أي مجال، فهي ضربات واردة ومن سنة الحياة الدنيا، المهم ألا يستسلم الإنسان للمشاعر السلبية المختلفة، بل وعليه أن يستثمر الفشل، ويحوله إلى حجارة يبني بها هرم نجاحاته القادمة، والتي حتماً ومع الإصرار ستأتي لا محالة، فسفينة تيتانك التي بناها مئات الأشخاص غرقت بينما سفينة سيدنا نوح والتي بناها بمفرده حملت البشرية جمعاء. نحن لا نملك تغيير الماضي ورسم المستقبل كما نريد ولكن نملك تحويل الفشل إلى كنز استراتيجي بل ونجاح مُدْوٍ بالصبر والعزيمة والإصرار، ودعونا نتخيل لو استسلم عظماء التاريخ لسجن الماضي ونظروا إلى التراب لأمسوا في دهاليز النسيان، كالموسيقار بيتهوفن الذي في بداية تعلمه الموسيقى على يد معلمه صدمه بوصفه أن أذنه ليست موسيقية ولا يصلح أن يكون موسيقاراً، ولو استسلم بيتهوفن لآراء معلمه ما استمتعنا بمئات السيمفونيات التي ما زالت تبهر العالم حتى الآن، ولكنه نظر إلى السحاب واستمر ليُبدع أروع السيمفونيات على مستوى العالم ويحقق ملايين النسخ متفوقاً على أستاذه. نفس الحال بالنسبة للعداءة الأمريكية ويلما رودولف والتي أصيبت بشلل نصفي في عمر 4 سنوات كان كافياً لأن تظل مقعدة مدى الحياة، ولكنها لم تستسلم لليأس وحتى بعد أن سجنوا قدميها بدعامات حديدية سرعان ما تخلصن من الأسر، ومع العزيمة والإصرار تخلصت من الدعامات واعتمدت على ذاتها لتمشي، ليس ذلك فقط بل وواصلت مشوار التحدي والتحقت بمدرسة فيها أنشطة رياضية وظلت تتدرب بالساعات على الرياضات الذهنية والجسدية، ومنها رياضة الجري فيما يشبه المفاجأة لمدربيها وأساتذتها، وواصلت مزيداً من التحدي وشاركت في أولومبياد ألعاب القوى عام 1960، ليس ذلك فقط بل وحصدت 3 ميداليات ذهبية، لتنضم إلى موسوعة جينيس للأرقام القياسية وأصبحت المقعدة أسرع امرأة في العالم، ونفس النظرة قادت سقراط ليصبح فيلسوف القرن وهو الذي كانوا يلقبه أساتذته بالأحمق الغبي عديم الذوق ليتحدى كل ذلك وأصبح فيلسوف القرن. ونماذج كثيرة نجحت لأنها لم تنظر للتراب ونظرت للسحاب!

مشاركة :