عيد الأم 2024 .. تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك تزامنًا مع الاحتفال غدًا الخميس، بعيد الأم، والذي يوافق يوم 21 مارس، وهو بداية فصل الربيع. وهذا الأمر جعل بعض المواطنين يتساءلون ما هو حكم الاحتفال بعيد الأم؟، لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول الاحتفال بعيد الأم والحكم الشرعي له. عيد الأم 2024 يعتبر هذا الاحتفال نسبيًا حديثًا، حيث بدأ في بداية القرن العشرين، ويهدف إلى تكريم الأمهات والأمومة، وتسليط الضوء على دورهن الهام في المجتمع. تاريخ الاحتفال بعيد الأم فقد نشأ هذا الاحتفال نتيجة للمطالبات التي قام بها بعض المفكرين الغربيين والأوروبيين، بعد مشاهدتهم للإهمال الذي يتعرض له الأمهات من قبل أبنائهن في مجتمعاتهم، فقرروا تخصيص يوم في السنة لتذكير الأبناء بأهمية وقيمة وجود أمهاتهم والاعتناء بهنّ. بعد ذلك، اتسعت دائرة الاحتفال بعيد الأم حتى أصبح يحتفل به في العديد من الأيام والمدن حول العالم، وغالبًا ما يُحتفل به في شهر مارس. ويختلف تاريخ احتفال بعيد الأم من دولة لأخرى؛ ففي العالم العربي يكون يوم 21 مارس، وفي النرويج يكون في 2 فبراير، وفي الأرجنتين في 3 أكتوبر، وفي جنوب إفريقيا في الأول من مايو. أما في الولايات المتحدة وألمانيا، يُحتفل به في الثاني من مايو كل عام، وفي إندونيسيا في 22 ديسمبر. وقد عُقد أول احتفال بعيد الأم في عام 1908، عندما نظّمت آنا جارفيس تكريمًا لوالدتها في الولايات المتحدة، ومن ثم، بدأت حملة لجعل عيد الأم يُعترف به رسميًا في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من نجاحها في تحقيق اعتراف رسمي بعيد الأم في عام 1914، إلا أنها شعرت بالإحباط في عام 1920 عندما اتهموها بالترويج لهذا الاحتفال من أجل التجارة. ورغم ذلك، انتشرت فكرة عيد الأم في المدن والثقافات حول العالم، حيث يُحتفل به الآن في جميع أنحاء العالم، وفي هذا التقليد يقوم كل فرد بتقديم الهدايا والبطاقات والتعبير عن الحب للأمهات والجدات. وتأثرت معظم المدن بعيد الأم من الاحتفالات التي بدأت في الولايات المتحدة، وانتشرت الفكرة أيضًا في المدن والثقافات الأخرى. وكانت هناك حالات أخرى، حيث كانت بعض الدول تحتفل بأيام لتكريم الأمومة من قبل، ومن ثم اعتمدت عادات الاحتفال بعيد الأم التي تميزت بها الاحتفالات الأميركية مثل إعطاء الأمهات أزهار القرنفل والهدايا. فكرة عيد الأم في العالم العربي وكان أول من اقترح فكرة عيد الأم في العالم العربي هو الصحفي المصري الراحل علي أمين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم" بالتعاون مع أخيه مصطفى أمين. حيث قدم علي أمين في مقاله اليومي فكرة الاحتفال بعيد الأم، مشيرًا إلى ضرورة تخصيص يوم في السنة لتكريم الأمهات في بلدان الشرق وبلادهم. وتلقى الراحل مصطفى أمين زيارة من إحدى الأمهات في مكتبه، حيث شاركته قصتها المؤثرة، حيث أنها أرملة وأولادها صغار، ورغم تفانيها في رعايتهم وتضحياتها من أجلهم، إلا أنهم بمجرد أن نضجوا وتزوجوا، تركوها وحيدة تعاني الوحدة. كما استجاب مصطفى وعلي أمين لهذه القصة بمقالهما الشهير "فكرة"، حيث اقترحوا فكرة تخصيص يوم للأم ليكون فرصة لرد الجميل لها وتذكير الجميع بفضلها. وتلقوا الكثير من الدعم لهذه الفكرة من قبل القراء، الذين اقترحوا أن يتم تخصيص أسبوع كامل للاحتفال بالأم، لكن آخرون رفضوا هذه الفكرة، مُؤكدين أن كل أيام السنة يجب أن تكون للأم. وبعد مناقشات مستفيضة، اتفق الجميع على تخصيص يوم واحد للاحتفال بالأم، وتم تحديد يوم 21 مارس، وهو أول أيام فصل الربيع، ليكون رمزًا للتجدد والإشراق وتبادل المشاعر الإيجابية. ما حكم الاحتفال بيوم الأم؟ أوضحت دار الافتاء المصرية أن الاحتفال بيوم الأم أمرٌ جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه، والبدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله. ردًّا على سؤال لأحد المواطنين بمناسبة الاحتفال بـ "يوم الأم" الذى يوافق 21 مارس من كل عام.. قال فيه: ما حكم الاحتفال بيوم الأم؟ هل هو بدعة؟ وأكدت الفتوى: أن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود. وأضافت الأمانة العامة للفتوى فى فتواها: وقد أقر النبى صلى الله عليه وآله وسلم العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما فى حديث "الصحيحين" عن عائشة رضى الله عنها قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وعندي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ"، وجاء فى السنة: "أَنَّ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ- السيدة آمنة- فِى أَلْفِ مُقَنَّعٍ، فَمَا رُئِى أَكْثَرُ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ" رواه الحاكم وصححه، وأصله في "مسلم". وأكدت الفتوى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل ويجعلها مقدمةً على الأب فى ذلك؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه. وأوضحت الفتوى أن معنى الأمومة عند المسلمين هو معنى رفيع له دلالته الواضحة في تراثهم اللغوي؛ فالأم في اللغة العربية تُطلق على الأصل، وعلى المسكن، وعلى الرئيس، وعلى خادم القوم الذى يلى طعامهم وخدمتهم، وهذا المعنى الأخير مَرْوِى عن الإمام الشافعي رضى الله عنه وهو من أهل اللغة، قال ابن دُرَيد: وكل شيء انضمت إليه أشياء من سائر ما يليه فإن العرب تسمى ذلك الشيء "أُمًّا". وأضافت: ولذلك سميت مكة "أم القرى"؛ لأنها توسطت الأرض، ولأنها قِبلة يؤممها الناس، ولأنها أعظم القرى شأنًا، ولما كانت اللغة هي وعاء الفكر فإن مردود هذه الكلمة عند المسلم ارتبط بذلك الإنسان الكريم الذى جعل الله فيه أصلَ تكوين المخلوق البشرى، ثم وطَّنه مسكنًا له، ثم ألهمه سياسته وتربيته، وحبب إليه خدمته والقيام على شئونه، فالأم في ذلك كله هي موضع الحنان والرحمة الذى يأوي إليه أبناؤها. لفت إلى أنه كما كان هذا المعنى واضحًا في أصل الوضع اللغوي والاشتقاق من جذر الكلمة في اللغة، فإن موروثنا الثقافي يزيده نصاعةً ووضوحًا وذلك في الاستعمال التركيبي "لصلة الرحم" حيث جُعِلَت هذه الصفة العضوية في الأم رمزًا للتواصل العائلي الذى كانت لَبِنَاتُه أساسًا للاجتماع البشري؛ إذ ليس أحدٌ أحق وأولى بهذه النسبة من الأم التي يستمر بها معنى الحياة وتتكون بها الأسرة وتتجلى فيها معانى الرحمة. وكما أشارت الفتوى إلى أن هذا المعنى الرفيع للأمومة يتجلى عندنا مدلولًا لغويًّا وموروثًا ثقافيًّا ومكانةً دينية يمكننا أن ندرك مدى الهوة الواسعة والمفارقة البعيدة بيننا وبين الآخر الذى ذابت لديه قيمة الأسرة وتفككت في واقعه أوصالُها، فأصبح يلهث وراء هذه المناسبات ويتعطش إلى إقامتها ليستجدي بها شيئًا من هذه المعاني المفقودة لديه، وصارت مثل هذه الأيام أقرب عندهم إلى ما يمكن أن نسميه "بالتسول العاطفي" من الأبناء الذين يُنَبَّهون فيها إلى ضرورة تذكر أمهاتهم بشيء من الهدايا الرمزية أثناء لهاثهم في تيار الحياة الذى ينظر أمامه ولا ينظر خلفه. واختتمت الفتوى أنه مع هذا الاختلاف والتباين بيننا وبين ثقافة الآخر التي أفرز واقعها مثل هذه المناسبات إلا أن ذلك لا يشكل مانعًا شرعيًّا من الاحتفال بها، بل نرى فى المشاركة فيها نشرًا لقيمة البر بالوالدين فى عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها
مشاركة :