انتشل 3 مواطنين، أحدهم في الستينات وآخر في الخمسينات والثالث أربعيني، الشباب اليمنيين الثلاثة، الذين تعرضوا لواقعة الغرق في ساحل منطقة الرمس، نحو 12 كيلومتراً شمالي مدينة رأس الخيمة، مساء أمس الأول، مسهمين في إنقاذ شابين منهم من موت محقق وسط الأمواج العاتية، والحالة الخطرة التي كانت تسيطر على البحر في المنطقة، وفق وصف المصادر والشهود. قصة إنقاذ الغرقى الثلاثة، التي أسفرت عن نجاة اثنين ووفاة الثالث، صاغها صالح أحمد حنبلوه الشحي، وراشد إبراهيم عاشور الطنيجي، وكلاهما من مدينة الرمس، ومحمد عبدالله خميسوه، من منطقة غليلة، نحو 30 كيلومتراً شمالي مدينة رأس الخيمة. النوخذة المخضرم صالح حنبلوه، (62 عاماً)، سرد تفاصيل القصة قائلاً إنه كان يتفقد أدواته للصيد البحري، في ساحل خور الرمس، قبل صلاة العصر بنحو 10 دقائق من يوم الثلاثاء، في إطار عمله اليومي نوخذة وصياداً، كما اعتاد لأكثر من 5 عقود، ليأتي إليه في تلك اللحظة صديقه ورفيق البحر، راشد عاشور الطنيجي، حاملاً إليه نبأ حادثة غرق الشباب الثلاثة، في ساحل الرمس، ليقررا التوجه إلى موقع الحادث، على متن مركبته، بيك آب، ليستعينوا بها على الحركة فوق رمال الساحل، وفي العمل على إنقاذ الغرقى. واصل حنبلوه الذي قضى عمره في البحر ضمن سواحل رأس الخيمة، سرد القصة: تحركنا على الفور، باحثين عن مكان الغرقى، متسلحين بمعرفتنا الوثيقة بساحل منطقتنا، الذي شهد الحادث المؤلم، واتجهنا، وفقاً لمعلومات استقاها راشد من أحد أبنائه، الذي أبلغه بالواقعة، غرب جسر الرمس البحري، الفاصل بين مدينة الرمس والساحل الغربي لها، دون أن نعثر على أثر للغرقى، ليستقبل حينها رفيقي في مهمة الإنقاذ العاجلة، اتصالاً من ابنه، يحدد فيه المكان، وكان مقابلاً لمكان وجودنا آنذاك، لنعاين هناك، عن بعد، 3 نساء ورجلا وطفلين، وهم في حالة إرباك واضطراب، لأزيد في سرعة المركبة، نحو نقطة التجمهر. بعد أن وصلنا إلى المكان، عرفنا أن المتجمهرين هناك مواطنون، ولا صلة قرابة تربطهم بالغرقى، وهم من أبلغوا الشرطة بالحادث، وكانوا في نزهة على ساحل البحر عندما شاهدوا الثلاثة يستغيثون، وهم يصارعون الأمواج العالية، ثم، نزعنا أنا وراشد، ملابسنا الخارجية، استعداداً لنزول البحر والخوض وسط المياه المضطربة، على أمل إنقاذ الشباب الثلاثة، وسلمت، بدوري، هاتفي المتحرك للرجل الوحيد، الذي كان موجوداً مع النساء الثلاث. استطرد حنبلوه في رواية الواقعة التي أثارت حالة من الحزن والمطالبة بتشديد الرقابة وتعزيز الوعي بالسباحة في المواقع الخطرة: نظرنا صوب البحر، لنرى شابين يصارعان الأمواج العاتية، بينما كان الثالث يمتطي صخرة من صخور الكاسر، فيما سارعت إلى إبلاغ حرس السواحل بالحادثة. بعد ذلك خضنا في مياه البحر، حيث كان أحدهم يركب صخرة بحرية وهو مصاب بجروح عدة، على بعد 50 متراً عن رمال الساحل، ويصيح من أعلاها، الأمر، الذي تصاعد بمجرد أن رآنا، أنقذوا أخي، أخي غرقان، وهو في حالة صعبة من القلق والخوف على مصير أخيه، ونحن نحاول تهدئته، ثم تركناه وراءنا بعد أن أدركنا أنه في وضع آمن، لنتجه صوب الغريق الذي كان قريباً من صخور الكاسر، ما جعلنا نسبح نحوه، حتى امتطينا صخوره، ثم مشينا أكثر من 100 متر فوق الصخور، لتظهر حينها دورية لحرس السواحل، فوق المياه وعلى مسرح الحادث. وزار وحبل نجاة راشد الطنيجي، 59 عاماً، البطل الثاني في القصة، تابع من حيث انتهى صديقه حنبلوه: في جهة أخرى كان الغريق الثالث، في حالة بالغة الصعوبة وهو يحاول مقاومة الأمواج العالية، لكن الحكمة في ذلك الموقف الشديد كانت تقتضي أن نختار التوجه إلى الأقرب، الذي كان قريباً من صخور الكاسر، في حين توجه رجال الدورية إلى قرينه الأبعد. بعد أن أصبحنا قريبين من الغريق، لم نجد وسيلة لإنقاذه، سوى أن نشكل سلسلة من سواعدنا وووزار كان ملقى على الصخور، ليتحول إلى حبل نجاة نقذف به وسط الأمواج، ليتشبّث به الشاب الغريق، في ظل ارتفاع الأمواج وقوتها، ومعرفتنا من خبراتنا طوال السنوات الطويلة الماضية في إنقاذ الغرقى، أن الغريق، في مثل تلك الحالات يكون في حالة نفسية وجسدية قاسية، ما يدفعه إلى الإمساك بالمنقذ بشدة، وهو ما يقود إلى غرقهما سوية، مع عنف الموج وحالة الإنهاك، التي تصيب الطرفين. وتابع: رمينا طوق النجاة، فيما كان صالح حنبلوه على الصخور السفلية على مسافة أقرب من البحر ومن الغريق، وكنت أنا فوق صخرة أعلى، وأمسك بعضنا بأيدي بعض، لنسحب الشاب الغريق من وسط الأمواج، رغم حالة الإعياء الشديدة، التي كان يعانيها، فيما يبدو أن قواه خارت، لكن حب الحياة منحه القوة ليمسك بطرف الوزار الممدود إليه، ثم بذلنا قصارانا لشدّه ورفعه إلى الصخور، الأمر، الذي نجحنا فيه، حيث بلغ الشاب المنهك شاطئ الأمان، بينما أخذ يتقيّأ بمجرد أن لامس الصخر، وأصيب إثره صالح بجروح بسيطة في قدميه، نظراً لسقوطه على الحصى، فور سحب الشاب الغريق، الذي حملناه سوية بمساعدة عامل كان هناك. في الجانب، كان المواطن محمد خميسوه، وهو أحد أفراد حرس السواحل، يجسد حالة أخرى من البطولة، حيث حمل على ظهره الغريق الثالث، وأخذ يسبح لمسافة 20 متراً تقريباً، إلى أن بلغ به كاسر الأمواج، لكن الشاب فارق الحياة لاحقاً، رغم محاولاتنا الحثيثة لإنقاذه، عبر إجراء الإسعافات الأولية له، قبل أن تصل الإسعاف، التي نقلته إلى الرمال، حيث تبيّن أن النبض لا يزال يعمل، دون أن يمنع ذلك وفاته.
مشاركة :