علاقة المرأة بالحلي، وخاصة الأحجار الكريمة، وطيدة، حتى وإن لم تملك ثمنها، فهي في جميع الحالات تعرف قيمتها وتقدرها، لكن الكثيرات ربما لا يعرفن مصدر تلك الأحجار فائقة الجمال، وربما يفاجأن أن الأغلى منها قادم من باطن الأرض بفعل البراكين التي تقفز به إلى السطح، إلى جانب أحجار كريمة أخرى تستخرج من قلب الصخور الصلبة، بعد أن تتشكل بفعل الضغط والحرارة على مدى قرون، وتنافسها حالياً الأحجار الصناعية، التي لا تختلف عنها من حيث الشكل، ولكن شتان بينهما من حيث التكوين الكيميائي. ويستغرق تشكل الأحجار الكريمة قروناً طويلة، كما أن وصولها لسطح الأرض ليس بالشيء السهل، فذلك يتطلب العديد من الظروف، وفي الأغلب تصل الأحجار عن طريق المقذوفات البركانية أو عمليات الحفر والتعرية على مر الزمن. أضف إلى ذلك ما يحدث داخل الطبقات العميقة للأرض، فالعوامل البيئية الخارجية تساهم في تشكل بعض أنواع الأحجار الكريمة، كالأمطار التي تسمح بنحت الصخور ونقل مكوناتها إلى أماكن جديدة إضافة إلى الماء والأحجار الرسوبية. ولا تطلق صفة الأحجار الكريمة سوى على نوع بعينه من الأحجار الطبيعية، التي تتكون في باطن الأرض بدون تدخل العامل البشري، حيث يعود أصلها إلى تبلور المعادن عن طريق تداخل العديد من العوامل الطبيعية كالحرارة والضغط والمكونات الموجودة في أعماق الأرض، مع ضمان توفر المكان والزمان الذي تستغرقه هذه الأحجار لتكونها قبل استخراجها أو اكتشافها من طرف الإنسان. وتستخرج الأحجار الكريمة عادة من المناطق البركانية والأراضي القريبة من الفوهات البركانية، ويختلف تشكل الأحجار الكريمة وتكونها المعقد والطويل الأمد، حسب نوعها، وفي الأغلب يتم ذلك عن طريق انصهار الصخور داخل أعماق الأرض، كما أن عاملي الحرارة والضغط يساهمان أيضاً في تحول الصخور والمعادن إلى أشكال وأنواع جديدة. ثلاثة أنواع للأحجار وتصنف الأحجار الكريمة إلى ثلاثة أنواع رئيسية، الأول الأحجار الكريمة مثل: الألماس، والياقوت، والزمرد والزفير، وتتميز بصلابتها وندرتها، وهي أغلى أنواع الأحجار، والثاني الأحجار شبه الكريمة أو نصف الكريمة وهي جميع الأحجار والمعادن التي لا تنتمي للصنف الأول، وتقل عنه من حيث الصلابة أو النقاء، ومن أنواعها العقيق، واللازورد، والعقيق الأحمر، أما النوع الثالث، فيشمل الأحجار الكريمة من المواد العضوية غير المعدنية مثل المرجان، واللؤلؤ. ارتفاع أسعار الأحجار الكريمة دفع صناع الحلي إلى استغلال التطور العلمي لمحاكاة الطبيعة وصنع بعض الأنواع من الأحجار الكريمة اصطناعياً، وتعرف بالأحجار الكريمة المصنعة، وتماثل الطبيعية من حيث المظهر الفيزيائي، لكنها تختلف عنها من حيث البنية الكيميائية. وليس من السهل التفريق بين المعادن المصنعة والأحجار الكريمة عن طريق العين المجردة، لذلك يستعين الخبراء بالعديد من المعايير الفيزيائية والضوئية لتحديد نوع الحجر، من خلال بعض المؤشرات المكتسبة عن طريق الرؤية المجهرية أو عمليات الاختبار التي تخضع لها لقياس تأثرها بالضوء والأشعة أو استعمال أدوات لقياس خصائصها الفيزيائية. ولذلك لم يكن غريباً أن تحقق انتشاراً واسعاً، وأصبحت تهدد تجارة الأحجار الأصلية. مذكورة في الكتب السماوية وعرف الإنسان قيمة الأحجار الكريمة منذ آلاف السنين وجاء ذكرها في الأساطير والكتب السماوية وقصص التراث، كما تغنى بجمالها الشعراء، واستخدمها السحرة والأطباء، كما فتن بها الملوك فتزينت بها محافلهم. وعرفت في مصر القديمة، وعند الصينيين والإغريق والهنود والرومان ولم ينقطع تعلق الناس بها حتى الآن، فمن السهل التعرف إليها في الميادين والمنازل ولاسيما الهدايا والنياشين التي تتوارثها الأجيال، ففي بعض المومياوات المصرية وجدت جواهر الزينة من اللآلئ والأحجار الكريمة، التي يرجع تاريخها لأكثر من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد. يقول فاروق الحسيني، مصمم أحجار كريمة، إن أغلب الأحجار الكريمة المستخدمة في مصر يتم استيرادها لأن القوانين المصرية تحظر استخراج الأحجار الكريمة حفاظاً على البيئة، ونقوم باستيرادها من عدة دول، أبرزها روسيا والهند وتونس، وقد ارتفعت أسعارها بشكل لافت نتيجة أزمة الدولار في مصر. وأضاف أن تصميم الحلي بالأحجار الكريمة يشهد سنوياً تطوراً كبيراً من حيث الأشكال واستخدام المعادن، فالأحجار في الماضي كانت تصمم على شكل حبات مستديرة فقط، وأحجار الخواتم كانت ذات ارتفاع على هيئة بومبيه سادة، أما الآن فأصبحت الأحجار تشكل في جميع الصور الهندسية والنباتية، كما أن الأحجار الكريمة أصبحت تستخدم في الزينة والصاغة، إضافة إلى أن بعض الناس يستخدمونها في العلاج وأيضاً لجلب الحظ، فالزبرجد يشير إلى الإخلاص، والفيروز إلى الرخاء، والزمرد إلى النجاح في الحب، بينما يرمز الماس إلى البراءة، ويوحي الياقوت بطرد الشيطان.
مشاركة :