ماكنة الوساطات تتحرك سريعا لإثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني عن التمادي في معركة سياسية خاسرة

  • 3/22/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تمادي الحزب الديمقراطي الكردستاني في تنفيذ قراره بمقاطعة انتخابات إقليم كردستان موضع تساؤل، بسبب ما للقرار من انعكاسات على مكانة الحزب في السلطة، خصوصا وأن القوى التي يخوض الحزب معركته ضدّها لم تتوان في وقت سابق في استبعاد التيار الصدري بكل ما له من وزن جماهيري دون أن يكون لذلك تأثير يذكر على العملية السياسية في العراق. أربيل (العراق)- بدأت ماكنة الجهود والوساطات في التحرّك سريعا لإثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني عن قراره مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في إقليم كردستان العراق خلال شهر يونيو القادم، وذلك في وقت احتاج فيه الحزب لمن يمهّد له طريق العودة عن القرار الذي يُتوقّع أن يدخله في معركة سياسية صعبة تبدو خاسرة سلفا. واستهل جهودَ الوساطة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني الذي قام الخميس بزيارة أربيل حيث التقى مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم والعضو البارز في أسرة بارزاني القائدة للحزب الديمقراطي. وكان قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات وتلويحه بالانسحاب من مؤسسات الدولة الاتّحادية، قد أثار الأسئلة عن مدى جديته في تنفيذ قراره الذي يتضمن مقامرة كبيرة تهدّد بخسارته السلطة في الإقليم والتنازل عن دوره في العملية السياسية في العراق ككلّ. أحمد الشريفي: الديمقراطي الكردستاني لا يمكنه التخلي عن السلطة أحمد الشريفي: الديمقراطي الكردستاني لا يمكنه التخلي عن السلطة واحتجّ الحزب المتحكّم الرئيسي في زمام السلطة بإقليم كردستان العراق على قرارات المحكمة الاتحادية العراقية إدخال تعديلات على نظام إجراء الانتخابات في الإقليم وإسناد مهمة الإشراف عليها للهيئة العليا المستقلة للانتخابات (اتّحادية) بدلا من الهيئة المحلية التابعة لسلطات الإقليم، وأعلن في بيان “عدم الاشتراك في انتخابات تجرى خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض”. واعتبر متابعون للشأن السياسي لإقليم كردستان العراق أنّ الحزب الديمقراطي الذي اعتُبر متضررا من القرارات الأخيرة للقضاء العراقي سواء ما تعلّق منها بالانتخابات أو بطريقة صرف رواتب موظّفي الإقليم عن طريق مصارف عراقية بدل تحويلها إلى حكومة الإقليم لتوزيعها على مستحقيّها، هدف من قراره إلى خلط الأوراق وإرباك الاستحقاق الانتخابي المهمّ وصولا إلى تعطيل إجرائه. لكنّ أطرافا سياسية أخرى في إقليم كردستان على رأسها حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بدت مصرّة على إجراء الانتخابات في موعدها بمشاركة الحزب الديمقراطي أو من دونه. وعمليا يبدو هذا السيناريو منطقيا وممكنا وتوجد له سابقة في العراق تتمثّل في إجراء انتخابات مجالس المحافظات في ديسمبر الماضي من دون مشاركة تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ذي الوزن السياسي والجماهيري الكبير، وكانت أوضح نتيجة لذلك هي خسارة التيار الصدري لجزء كبير من نفوذه داخل الحكومات المحلية للمحافظات. وتظهر تجربة القوى الشيعية المتحكّمة في زمام السلطة الاتّحادية العراقية مع الصدر العنصر الفاعل ضمن العائلة السياسية التي تنتمي إليها تلك القوى، عدم وجود أيّ فاعلية لتهديد الحزب الديمقراطي الكردستاني بتعطيل الانتخابات والانسحاب من العملية السياسية العراقية. ذلك أن تلك القوى لم تُلق بالا لانسحاب التيار الصدري بكل ما له من وزن ونفوذ من البرلمان العراقي المنتخب سنة 2021 وتمكّنت من تشكيل حكومة مستقرّة أشرفت بنجاح على تنظيم انتخابات محلية غاب عنها التيار وغنمت منها الأحزاب والفصائل الشيعية الكثير من المناصب القيادية في مجالس المحافظات. وفي ضوء ما حدث للتيار الصدري في معركته ضد أركان العائلة السياسية الشيعية التي ينتمي إليها، لن يكون من المستحيل إجراء الانتخابات في إقليم كردستان من دون الحزب الديمقراطي، خصوصا وأنّ الحزب يواجه في معركته السياسية الحالية ذات القوى التي واجهها مقتدى الصدر نفسه. وتُنسب الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية المسلّطة على إقليم كردستان العراق والتي يطال جزء كبير منها الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الأحزاب والفصائل الشيعية العراقية الموالية لإيران. ◙ قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات وتلويحه بالانسحاب من مؤسسات الدولة الاتّحادية أثار الأسئلة عن مدى جديته في تنفيذ قراره الذي يتضمن مقامرة كبيرة تهدّد بخسارته السلطة في الإقليم ◙ قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات وتلويحه بالانسحاب من مؤسسات الدولة الاتّحادية أثار الأسئلة عن مدى جديته في تنفيذ قراره الذي يتضمن مقامرة كبيرة تهدّد بخسارته السلطة وبدا منافسو الحزب على السلطة في إقليم كردستان واثقين من إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده حيث أكّد حزب الاتّحاد الوطني ثاني أكبر أحزاب الإقليم إثر اجتماع لمكتبه السياسي انعقد تحت إشراف رئيس الحزب بافل جلال طالباني على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها دون تأخير. واعتبر أنّ عدم إجراء الانتخابات في الموعد المعلن بأيّ ذريعة يضع شرعية مؤسسات إقليم كردستان موضع تساؤل. وانتقد سعدي بيره المتحدث باسم حزب الاتّحاد قرار الديمقراطي الكردستاني عدم المشاركة في الانتخابات، وقال إنّ الاتحاد الوطني لا يولي اهتماما “بمشاركة طرف معين أو عدم مشاركته في الانتخابات وأن المسألة المهمة هي مطالب الجماهير بضرورة توزيع الرواتب”. كما وصف بيره معارضة الحزب الديمقراطي للمؤسسات القانونية في العراق، لاسيما المحكمة الاتحادية العليا، بأنّها أمر غير صحيح. وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد شنّ حملة شرسة على المحكمة الاتحادية العراقية التي شملت قراراتها إلغاء المقاعد الأحد عشر المخصصة للأقليات في برلمان إقليم كردستان ضمن نظام الكوتا، وكان الحزب نفسه يستفيد منها في السابق لزيادة عدد مقاعده في البرلمان، ووصل بحملته حدّ سحب أحد المقربين منه من عضوية المحكمة. لكن الحزب بدا بصدد فتح معركة خاسرة سلفا ضدّ المحكمة التي أصبحت تتدخّل بشكل متزايد في الشأن السياسي وتحوّلت إلى أقوى أداة لرفد سلطة القوى الحاكمة في العراق. ودعا الإطار التنسيقي الذي يضمّ أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المشكلة لحكومة السوداني القوى السياسية في البلاد إلى احترام قرارات المحكمة الاتحادية. جاء ذلك في بيان أصدره الخميس تعليقا على تنديد المحكمة بما سمّته هجمة داخلية وخارجية تستهدفها متوعدّة بـ”ردعها وإفشالها”. وقالت المحكمة التي تمثّل أعلى سلطة قضائية في العراق وتُصدر قرارات غير قابلة للطعن في بيان أصدرته في وقت سابق إنّ الغرض من ممارستها اختصاصاتها “التطبيق الصحيح للدستور بما يضمن وحدة العراق وبناء نظام جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة والتوزيع العادل للثروة”. واعتبرت أن ذلك “يستدعي وجوب تقيّد كل السلطات بحدود اختصاصاتها الدستورية وعدم ممارسة السلطات المحلية للاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، لأن ذلك يتعلق بسيادة البلد ووحدته”. ◙ الإطار التنسيقي الذي يضمّ أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المشكلة لحكومة السوداني القوى السياسية في البلاد إلى احترام قرارات المحكمة الاتحادية ◙ الإطار التنسيقي الذي يضمّ أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المشكلة لحكومة السوداني القوى السياسية في البلاد إلى احترام قرارات المحكمة الاتحادية وانضمّ البرلمان العراقي إلى الأطراف المساندة للمحكمة. ووصفت اللجنة القانونية البرلمانية الحملة ضدّها بأنها “هجوم الخاسرين والفاشلين”. وقال عضو اللجنة سالم العنبكي إنّ هذا الهجوم “لن يؤثر على المحكمة الاتحادية وعلى قراراتها الدستورية، والتي هي ملزمة التطبيق لكل السلطات”، مؤكّدا أنّ “الأغلبية السياسية داعمة وبقوة للمحكمة ورافضة لأيّ تطاول عليها”. ويجعل تعاضد العديد من القوى السياسية من داخل إقليم كردستان ومن عموم العراق مع مؤسسات الدولة العراقية، في مواجهة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الأخير في موقف ضعيف الأمر الذي يرجّح أن يدفعه للتهدئة والتراجع عن قرار مقاطعة الانتخابات والعدول عن التمرّد على قرارات المحكمة الاتّحادية. وقال المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي إنّ تراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني عن مقاطعة انتخابات برلمان إقليم كردستان أمر متوقع. ورجّح أنّ يكون إعلان الحزب مقاطعته الانتخابات مجرّد وسيلة للضغط السياسي “خصوصا أن هذه المقاطعة لا تؤثر على شرعية انتخابات الإقليم والكل مصر على إجرائها في موعدها دون أيّ تأجيل جديد”. وقال متحدثا لوكالة بغداد اليوم الإخبارية إن “الكل يعلم أنّه لا يمكن للحزب الديمقراطي ترك السلطة في إقليم كردستان. والمقاطعة تعني فقدانه السلطة والنفوذ. وهذا ما لا يريده الحزبّ. واعتبر شريفي أنّ الحزب الديمقراطي شرع فعلا في التراجع عن قراره، وذلك استنادا إلى ما صدر عن رئيسه مسعود بارزاني من تصريحات بدت ميالة للتهدئة وخفض التصعيد السياسي. وقال بارزاني في لقاء جمعه في أربيل بالسفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي إنّ حزبه يساند باستمرار إجراء الانتخابات وهو لا يخشى إجراءها بل يتحفظ على الطريقة التي ستجرى بها وما تنطوي عليه من مخاطر زعزعة أسس التعايش بإلغاء مشاركة المكونات في الحياة السياسية. وذكر أنه تم تأخير إجراء الانتخابات لمدة عامين بحجج وذرائع مختلفة، معتبرا أن أيادي خارجية تدخلت في هذه المسألة لتقويض وإضعاف مكانة الإقليم. وأوضح أن الحزب الديمقراطي لم يقاطع العملية الانتخابية لكنّه يدعم إجراء انتخابات نزيهة وموثوقة بعيدة عن التدخلات الخارجية بما يضمن عدم إفراغ العملية الديمقراطية من مضمونها وعدم انتهاك قوانين الإقليم. وحرص على التذكير بدور حزبه في تشكيل الحكومة الاتّحادية الحالية من خلال تحالف إدارة الدولة، قائلا إنّ اتفاقات واضحة أبرمت مع قوى الإطار التنسيقي لكنّها لم تُنفّذ. أطراف سياسية في الإقليم على رأسها حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بدت مصرّة على إجراء الانتخابات في موعدها بمشاركة الحزب الديمقراطي أو من دونه وأبقى بارزاني باب الحوار مفتوحا مؤكّدا على “استمرار التشاور والتنسيق من أجل معالجة الخلافات وتبديد المخاوف ومَواطن القلق”. ورأت مصادر سياسية عراقية أن اجتماع بارزاني مع السفيرة رومانوسكي في هذا الظرف بالذات لم يخل من رسالة دعم أميركية لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف لواشنطن. لكنّ المصادر رأت أن الدعم الأميركي لا يكفي لحماية الحزب في مواجهته للقوى الحليفة لإيران، والمتمكّنة بشدّة من مفاصل السلطة في العراق ما يجعلها الطرف الأقوى في المعادلة السياسية العراقية القائمة حاليا.

مشاركة :