تبقى في ذاكرة الوطن

  • 4/8/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا تحسب الأعمارُ بالسنوات، لكنها تحسبُ بالعطاء واللمسة الإنسانية المُؤثرة في العمل والحياة، وحين يترجل الراحلون، تبقى الآثار خالدة تعطر سيرهم متن الحكاية، فلا يليق بهم سوى كلام من القلب. ثماني سنوات عملتُ فيها مع الراحل الحاضر خلفان الرومي في جائزة الصحافة العربية، كان فيها الأب المُرشد والمُعلم، وكنا في رحابه نتعلم من قامة من الرعيل الأول، جمعت الحنكة والحكمة والجد والتواضع. ما زلت أذكر روحه المليئة بالحماس والشغف، وهو يبث في نفوس فريقه قيم التفاؤل والعزيمة والعطاء، يناديني بأريحية ومن دون تكلف بـابنتي، ويتحدث بشكل مُباشر، وكان كذلك مع كل أعضاء الفريق، يُمازحنا بحميمية ويشاركنا التفاصيل والمسؤوليات. غيب الموت خلفان الرومي، لكنه سيظل حاضراً في أذهان ووجدان كل من عرفهُ، بحس أصيل، ودماثة أخلاق نادرة، ووعي عالٍ بالمسؤولية، وتواضع جم وخصال سمحة. يحضر عملهُ وتفانيه وإخلاصه، كما تحضر تلك القيم الأصيلة لرعيل مُميز، ستظل مسيرتهم نهج حياة، كيف لا وهم غرس زايد وراشد، طيب الله ثراهما، ومدرسة قيم وطنية أصيلة وخالصة مليئة بروح الاتحاد. من رحاب تلك القيم برز خلفان الرومي ناصعاً في عطائه، أصيلاً في انتمائه، وفياً في عمله، حازماً وحاسماً في مبادئه وقناعاته، وظل كذلك حتى ووري الثرى، وما زلت أذكر إلحاحه حين يصر - متحدياً ظروفه الصحية - على حضور أنشطة نادي دبي للصحافة، يقدم ملاحظاته القيمة، ويناقش معنا ويحدثنا في مجالسَ لا تُمل. في الإدارة كما في الحياة، ترك بصمته الخاصة، وارتقى بجائزة الصحافة العربية التي كان يترأس مجلس إدارتها، إلى منصة إعلامية تحكيمية عالمية، وطور محدداتها التنافسية والمعيارية. أبو فيصل كما يناديه مُحبوه، رجل علمنا أصول الإدارة والإعلام، وهو الإداري الفذ الذي واكب تغيرات محورية في نهضة إماراتنا، وكانت له جهود حثيثة في لبنات التأسيس، من خلال انشغالاته في السنوات الأولى من الاتحاد، حيث عمل في لجانه التحضيرية، ثم وكيلاً فوزيراً في الدولة الفتية، همهُ رفعة الوطن. يصعبُ الحديث عن مُعلم عزيز، وإداري تعلمنا منه الكثير، وكان لوجودنا معه أثر، فوداعاً خلفان الرومي، وداعاً رجل الحصافة والتواضع، من ستبقى سيرته رطبة على الألسنة، عذبة بطيب الذكر. رئيس التحرير المسؤول

مشاركة :