أبو النعيم يتمسك بفتواه التكفيرية.. ويتبرأ من دعوات تصفية أمين عام الاتحاد الاشتراكي المغربي المعارض

  • 1/8/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الدار البيضاء: لحسن مقنع أطلقت الشرطة القضائية مساء أول من أمس سراح عبد الحميد أبو النعيم، أحد شيوخ السلفية في المغرب، بعد خمس ساعات من التحقيق معه في المواقف التي عبر عنها أخيرا في شريط فيديو، والتي أثارت جدلا كبيرا في البلاد، إذ أصدر فيها فتاوى بتكفير عدة شخصيات سياسية وثقافية مغربية من بينهم المفكر محمد عابد الجابري (متوفى) والمفكر عبد الله العروي، والزعيم اليساري الراحل المهدي بنبركة، والأمين العام الحالي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، والناشط الأمازيغي أحمد عصيد. ولم تصدر النيابة العامة، التي كانت قد أمرت بإجراء التحقيق، حتى مساء أمس أي موقف. وكتب أبو النعيم في صفحته على «فيس بوك» عقب إطلاق سراحه مساء أول من أمس «عاملني رجال الأمن معاملة طيبة جدا واحترموني احتراما كبيرا وقد جمعوا بين حسن الخلق ودقة المهنية فجزاهم الله عني خير الجزاء وأحسن إليهم». وأضاف حول سير التحقيق «عرضت علي فيها أسئلة دقيقة تتعلق بما ورد في الشريط وقد أجبت عن تلك الأسئلة بأجوبة فقهية مستدلا بما ورد في الكتاب والسنة وما قاله فقهاء المالكية وغيرهم». وأصدر أبو النعيم فتواه على إثر دعوة أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي، خلال افتتاحه لمؤتمر التنظيم النسائي للحزب، إلى تجريم تعدد الزوجات ومساواة الذكور والإناث في الإرث. وقبل ساعات قليلة من استدعائه من طرف الشرطة القضائية أصدر أبو النعيم شريطا جديدا تبرأ فيه من أي دعوات لإهدار الدماء أو الاعتداء على أشخاص أو أعمال شغب قد تقوم بها بعض الجهات استنادا إلى فتواه بتكفير بعض الشخصيات اليسارية المغربية. وقال أبو النعيم في شريط الفيديو الجديد، إن «ما أصدره هو عبارة عن حكم شرعي يستوجبه واجب البيان وليس تحريضا على القتل»، مشيرا إلى أن «أهل العلم مجالهم الأحكام الشرعية» وأن إنزال العقوبات وإقامة الحدود من صلاحيات أولياء أمور المسلمين والقضاة المكلفين. وأضاف أن «الذين لا يخافون الله يسعون إلى الربط بين هذين الأمرين المختلفين بهدف إشعال الفتن». وكانت جماعة تطلق على نفسها «حركة التوحيد والجهاد في المغرب الأقصى» قد أصدرت بيانا أهدرت فيه دم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بناء على فتوى تكفيرية لأبي النعيم. ورد هذا الأخير في شريطه على ذلك بتحريم قتل الكافر إلا بأمر من ولاة الأمور، وقال إن ما عدا ذلك فتنة غير شرعية. وأضاف «الحكم الشرعي تحريم قتل من وقع في الكفر ووقع الكفر عليه إلا من قبل ولي الأمر». وفي غضون ذلك، شكلت 26 هيئة سياسية وحقوقية وجمعوية في الدار البيضاء «جبهة لمواجهة التكفير»، والتي عقدت لجنتها التنسيقية أول اجتماع لها مساء أول من أمس. وقال مبارك وحيد، الأمين العام للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، وعضو اللجنة التنسيقية لجبهة مواجهة التكفير «لاحظنا في الأشهر الخيرة عودة الخطاب التكفيري بشكل قوي يذكرنا بالفترة السابقة على أحداث 2003 الإرهابية. لذلك بادرنا في الفضاء الحداثي إلى دعوة الهيئات والشخصيات الديمقراطية والتقدمية إلى إطلاق هذه المبادرة تحت عنوان (لا تنمية دون حرية)». وقال وحيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة التنسيقية ناقشت في اجتماعها الأول حالة الظاهرة التكفيرية في المغرب وسبل استقطاب أكبر عدد من قوى المجتمع من أجل التصدي لها». وأضاف وحيد أن اللجنة ستناقش، خلال اجتماعها في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، الوسائل التي ستستعملها في حملتها، مشيرا إلى أنها ستكون ذات طابع فكري من خلال تنظيم ندوات وملتقيات، وسياسي من خلال مراسلة الأحزاب السياسية والحكومة ومطالبتها بالتدخل لتحصين المجتمع وحمايته. وحول التصريحات الأخيرة لأبي النعيم، قال وحيد إنها محاولة للتملص من المسؤولية. وأضاف «هذا الشيخ أطلق خطابا متطرفا تضمن تكفير شخصيات وهيئات سياسية وثقافية وطعن في مؤسسات دينية، بشكل يذكرنا بالخطاب الذي أنتج انتحاريي أحداث 16 مايو (أيار) 2003 الإرهابية في الدار البيضاء. فبمثل هذا الخطاب يجري شحن بعض الفئات المهمشة ودفعها إلى ارتكاب أعمال متهورة. لهذا السبب أطلقنا هذه المبادرة من أجل تحصين المجتمع قبل فوات الأوان». ومن جهته، قال عبد الله العماري، عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة، الذي انفتح أخيرا على التيار السلفي، وضم عددا من شيوخ التيار ومعتقلين سابقين ضمن ملفات السلفية الجهادية إلى أمانته العامة ومجلسه الوطني إن «كلا الطرفين سقطا في تجاوزات»، مشيرا إلى أن أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي خاض في أمور تعد من النصوص القطعية في الدين، فيما شكك أبو النعيم في عقيدته ووصمه بالكفر بدل محاورته ومقارعته فكريا، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «لشكر لم يقل إنه ليس مسلما وخرج من الإسلام، وإنما يقول إنه يجتهد وأن العصور تختلف. كان على الشيخ أن يرد عليه فكريا وليس أن يصدر أحكاما بالتكفير». غير أن العماري يرى أن «محاكمة الآراء والأفكار يجب أن تجري في إطار محكمة الرأي العام وليس في إطار المحاكم القضائية». ويضيف العماري، وهو قيادي سابق في الشبيبة الإسلامية، ورئيس هيئة حقوقية مقربة من الإسلاميين، «لا يجب أن يحال كل من يشارك في نقاش عمومي على المحاكم، وإلا فإننا سنسد باب المنافسة الفكرية ونحجر على الفكر».

مشاركة :