الشيخ الدكتور عمر حسن فلاتة العالم والمُحدّث عميد كلية التربية بالمدينة الأسبق في ذمّة الله

  • 3/25/2024
  • 05:24
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كلّما غيّب الموت لنا عالمًا ازددنا حُزنًا وألَمًا على فقده ، فموت العَالِم خسارة فادحة وَخَطب جلل وَنَزْعٌ للعِلْم كما حدّثنا بذلك نبيّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنّ الله لا يقبض العِلْمَ انتزاعًا ينتزعه مِنَ النّاس ، ولكن يقبض العِلْمَ بقبض العُلماء ….. ). وبالأمس القريب وفي هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك فَقَدَت المدينة أحد علمائها وأعلامها البارزين ، المُربِّي والمُعلّم والداعية والمُحدّث فضيلة الشيخ : الدكتور عمر حسن عثمان فلاتة رحمه الله رحمةً تسع السموات والأرض. الحديث عن حياة هذا الشيخ الجليل والعَالِم القدير والمربّي الفاضل الخلُوق يستجذب الأقلام ويُثير حفيظة الكُتّاب والأدباء لِمَا تحفل به شخصية هذا الشيخ وما يكتنفه مشوار حياته العلمي والعملي من مراحل وتضحيات وجُهود حثيثة في الدعوة والعلم وأعمال الخير يجد الكاتب خصوبة وليونة ومرونة وزخم من المحطات والمعلومات يستنير بها الطريق في كتابتة عن هذا الشيخ الوقور. اسمحوا لي أن أتناول في هذا الطرح جزءًا من الجانب الإنساني والأخلاقي لَمَحتُه ورصدتُّه من خلال تعاملي والتقائي بهذا الشيخ الجليل الذي وهب نفسه وحياته ووقته في سبيل العلم والتعليم والدعوة والإصلاح بين الناس .. وسوف اترك الجوانب المضيئة الأخرى من أعماله الخيرية المشرّفة وأنشطته الدعوية والعلمية والاجتماعية الرفيعة لأقلام أخرى كانت قريبة منه. عرفتُ شيخنا الجليل أستاذًا فاضلاً وعميدًا حاذقًا لكلية التربية فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة عندما كُنت طالبًا في مرحلة الماجستير في بدايات الأربعمائة بعد الألف الهجرية وكانت الكلية آنذاك في بداية ولادتها وهي نواة جامعة طيبة الآن ، وكانت تزخر آنذاك بكوكبة مضيئة من الأساتذة الكرام الأجلاّء يأتي في مقدّمتهم : الدكتور محمد إسماعيل ظافر العميد الأول للكليّة ومؤسسها ، والدكتور متوكل مهلهل ، الدكتور خالد علي كماخي ، الدكتور منير صدقة خاشقجي ، الدكتور محمد عليثة الأحمدي ، الدكتور محمد عيد الخطراوي ، الدكتور عبدالفتاح غونّي ، الدكتور منصور غونّي ، الدكتور علي أبو غرارة ، الدكتور عبدالله حافظ ، الدكتور محروس غبان ، الدكتور زين الردادي ، الدكتور أحمد غنيم فضلا على كوكبة أخرى من خيرة الأساتذة السعوديين والمصريين ومن بعض الدول العربية .. رحم الله من فارقنا وأمدّ الله في عُمر الباقين منهم. وكانت فترة عَمَادة فقيدنا الدكتور عمر للكلية من أجمل الفترات نظرا لما كان يتمتّع به من خبرات علمية وإدارية وسمات شخصية متّزنة وأخلاقية رفيعة لامستُها وعايشتُها من خلال دراستي في الكلية كان رحمه الله يتّصف : بالأدب والرزانة وجودة القيادة وحُسن التصرّف والتعامل الراقي مع طلابه في تسهيل مهامهم وتيسير سُبل تحصيلهم فضلاً على دماثة أخلاقه وحلاوة وطلاوة لسانه وجمال كلامه ، ولا غَرابة في ذلك فهذا لَعَمْري ديدن حَمَلَةَ القرآن الكريم وَمَن يَتَحلّى بأخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. كان يُحدّثني عنه كثيراً الزميل العزيز شقيقه الأصغر المرحوم الأستاذ عبدالرحمن حسن عثمان فلاتة رئيس قسم التربية الرياضية بإدارة تعليم المدينة الأسبق رحمه الله الذي كان يكِنُّ لأخيه الأكبر احترامًا وتقديرًا عاليًا .. كان يذكر لي محاسنه ومناقبه وغزارة علمه وحُسن تعامله مع أهله وأبنائه وأشقائه كان قُدوتهم ومُلتقى جمعتهم وترابطهم. أمًا الأوقات التي كانت تمنحني فرصة رؤية الشيخ عمر كانت من خلال زياراته المتكررة التي كان يقوم بها لسيّدي الوالد الخال عبدالرحيم مبارك عويضة في مكتبه ، كنتُ أراهما يبقيان وقتًا طويلاً في مناقشة ما يخصّ جماعة تحفيظ القرآن الكريم بالمدينة النبوية التي كان يرأسها سيدي الخال عبدالرحيم وكان الشيخ الدكتور عمر عضوًا مؤثّرًا فيها وقد أسهم مع باقي الأعضاء في تطويرها. وأختم حديثي عن فقيدنا بالقول وبكل مصداقية : ما ذَكَرَ أَحَدٌ هذا الرجل الصالح في مجلس أو في محفل إلّا وتقاطرت عبارات المدح والثناء فيه .. وهذا من أجل علامات المحبّة. هنيئًا لكم شيخنا الجليل بمحبّة الناس لكم .. هنيئا لكم وقد أكرمكم الله بالموت في مدينة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وفي يوم الجمعة وفي شهر رمضان المبارك وأدّى المسلمون الصلاة عليكم بعد صلاة الجمعة في المسجد النبوي الشريف وشهد جنازتكم الآلاف من أهل المدينة وزوّارها وكتب الله لكم قبرًا في بقيع الغرقد بجوار أهل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .. إنّها بإذن الله تعالى علامات السعادة. رحم الله فقيدنا الغالي شيخنا المُبجّل الدكتور عمر حسن فلاتة وأسأل الله الكريم في هذا الشهر الكريم أن يجعل كل ما قدّمه من أعمال الخير والدعوة والإصلاح وخدمة القرآن الكريم والحديث الشريف في موازين حسناته يوم القيامة وأن يغفر الله له ولجميع موتانا وموتى المسلمين. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. للتواصل مع الكاتب  ٠٥٠٥٣٠١٧١٢

مشاركة :