تعكس أعمال الفنان التشكيلي المغربي نور الدين وارحيم، المعروضة حديثاً في مدينة الصويرة، تعلقه بالطبيعة وشغفه الكبير بالمنازل الطينية المعروفة في الجنوب المغربي، كما أن اشتغاله على مواد طبيعية، كالتراب والأحجار والأعواد، يمنح أعماله الفنية وتنصيباته ثراء البعد الجمالي المشحون بالحركية والضوء وتناغم الألوان والرموز الممتدة من سحر البيوت الطينية القديمة. ويحاول الفنان نور الدين وارحيم أن يلفت الأنظار إلى ما قد تواجهه المنازل والمآثر العمرانية من محو لذاكرتها البيئية بجماليتها وشاعريتها لصون المتبقي من عادات الناس في قرى الجنوب المغربي التي تحاول الحداثة الجديدة تغيير مكوناتها الجمالية الذي حافظت عليها لعشرات القرون في تآلف حميمي بين الإنسان والمعمار القديم. وتميل أعمال وارحيم إلى البساطة، ولا تنحاز إلى الأطنان والحشو والتعقيد الذي يدمر العمل الفني، ويُصعِّب استيعابه لدى المتلقي العادي. وقد منح الفنان نور الدين وارحيم، من خلال توظيف مهاراته، العمل الفني أبعاداً جمالية بتفاصيل وإشارات وعلامات يستطيع المتلقي لمسها، لأن الفنان يُعبر عن فلسفته بتعبير علاماتي يتبدى من خلال استعمال مواد وخامات من الطبيعة، وجعلها تنطق من خلال العجن والخدش لشحن العمل الفني بدلالات رمزية ومرجعيات من صلب المكان الذي يحاول الفنان أن يُبقي ملامحه ناطقة بجماليته وشاعريته. يلتزم نور الدين وارحيم باستعادة كل هذه العناصر في لوحاته باستخدام الصفات التعبيرية للتربة، مستغلاً قدرتها على الانتشار والتفرّق وتشكيل نفسها. الناقد الفني محمد بوسماط، يصف تجربة الفنان نور الدين وارحيم قائلاً: «إنه يتفرس في التفاصيل، ويقرأ فيما تبقى من الآثار، ويحث الذاكرة على الاستذكار».
مشاركة :