بنغازي (ليبيا)- أكد أحمد المهدوي، عضو المكتب الاستشاري بوزارة الخارجية في الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، أهمية الدور المصري في حفظ الاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن التقارب المصري التركي الإماراتي الأخير ساعد في حدوث انفراجة في الطاولة السياسية الليبية، خاصة على صعيد التقارب بين الفرقاء. وتبرز مشاركة مصر في المشهد الليبي، لاعتبارات عدة أهمها الحفاظ على الأمن القومي المصري، وكانت ضمن الوسطاء الذين انخرطوا في مسارات الحل وجهود خفض التصعيد بين الأطراف الليبية، فضلًا عن المساعي لحشد التأييد الدولي نحو موقف إيجابي للتصدي لخطر التنظيمات الإرهابية التي اتجهت نحو تحويل ليبيا إلى قاعدة عمليات لأنشطتها في شمال أفريقيا وجنوب المتوسط. وقال المهدوي في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي، "لا يستطيع أحد أن ينكر الموقف المصري تجاه ليبيا قديما وحديثا، حتى إبان الحصار الذي فرض على ليبيا خلال فترة حكم النظام السابق وقفت مصر مع ليبيا خلال حكم الرئيس حسني مبارك، وأيضا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فمصر كان موقفها داعما للقضية الليبية وداعما لحفظ الأمن والاستقرار في ليبيا". وأضاف "لذلك يطمع الليبيون، بمساعدة الأخوة في مصر قيادة وشعبا، في إنهاء حالة الانقسام السياسي في ليبيا والذهاب إلى الانتخابات، والكل يعلم بأن ما يدار أو يحاك لليبيا الآن هو عبارة عن صراع مصالح لدول سواء كانت إقليمية أو حتى دولية، وهناك اختلاف مصالح دولية تجاه الأزمة الليبية والليبيون هم من يدفعون الثمن". وفي عام 2020، أعلن الرئيس المصري خلال مؤتمر صحفي مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بالقصر الرئاسي في القاهرة، عن مبادرة سياسية باسم إعلان القاهرة، تمهد لعودة الحياة الطبيعية إلى ليبيا، محذرًا من التمسك بالخيار العسكري لحل الأزمة في ليبيا. وأشار السيسي إلى أن الحل السياسي هو الوحيد لحل أزمة ليبيا، وتقوم هذه المبادرة على أساس احترام كافة القرارات الدولية بشأن وحدة ليبيا. وفي نفس العام قام وفد من المجلس الأعلى لشيوخ وأعيان القبائل الليبية بزيارة لمصر، لمناقشة سبل الخروج من الأزمة في ليبيا، وقد جاءت زيارة هذا الوفد تزامنًا مع ما سبق أن أعلنه مجلس النواب الليبي عن ترحيبه بتدخل القوات المسلحة المصرية لحماية الأمن القومي المصري والليبي. وأوضح مجلس النواب الليبي أن مخاطر التدخل التركي تمثل تهديدا مباشرا لليبيا ودول الجوار وفي مقدمتها مصر، وأن هذه المخاطر لن تتوقف إلا بتكاتف جهود دول الجوار العربي . وفي هذا السياق أكد المهدوي "الليبيون يريدون أيضا من الجانب المصري أن يحث الجانب التركي على سحب قواته من ليبيا وعدم دعم الميليشيات، والمساعدة في الذهاب إلى الانتخابات". وتابع إن التقارب المصري التركي الإماراتي الأخير "ساهم في إحداث نوع من الانفراجة في الطاولة السياسية الليبية، لا سيما في التقارب بين بعض الفرقاء الليبيين، حتى النخب السياسية الليبية ارتقت وحدث بينها نوع من التنسيق التام". وأضاف "هذا يدل على نجاح الدبلوماسية المصرية والإماراتية والتركية أيضا في إقناع الأطراف السياسية الليبية على المستويين الحكومي والنخبوي بالجلوس على طاولة المفاوضات وإجراء حوار وطني ليبي". وكان الجيش الوطني الليبي أعلن أن قائده خليفة حفتر استقبل الاثنين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل لمناقشة التطورات السياسية للأزمة الليبية. وقال المهدوي "زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى القيادة العامة ليست الأولى، أي أنها تأتي في إطار التشاور والتحاور وحرص مصر على حفظ أمنها القومي، لأن الكل يعلم بأن ليبيا تعتبر عمقا استراتيجيا للأمن القومي المصري، لذلك تبحث مصر عن دعم الاستقرار ومساعدة ليبيا لوجستيا حتى إنهاء الصراع. مشيرا إلى أن الموقف المصري الآن يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية، أي أن لديها تواصل مع عبد الحميد الدبيبة (رئيس حكومة الوحدة الوطنية) ولديها تواصل مع شرق ليبيا، سواء كان البرلمان أو القيادة العامة للجيش الليبي. وأضاف أن الموقف المصري حريص على أن تكون ليبيا في حالة استقرار، لأن الحدود الشرقية لمصر تشهد توترا نظرا لأحداث غزة، والكل يعلم أن ما يحدث في غزة يؤرق القيادة السياسية في مصر، فهي لا تريد أن يكون هناك أيضا توترا على الحدود الغربية لمصر. لذلك تحاول مصر أن تحفظ أمنها القومي، وأن تساعد في دعم أو تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الليبية. ونوه أن الموقف المصري واضح جدا، وهو دعم خارطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي أو بمعنى آخر، الموقف المصري مع ما يريده المجتمع الدولي، لا سيما بعد المقاربة الأخيرة التركية المصرية، والحديث عن طرح الملف الليبي على طاولة المشاورات التي حدثت أخيرا بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والسيسي". وكل هذه الأمور تجعل الموقف المصري مساعدا أو عامل جذب للأطراف السياسية للجلوس على طاولة واحدة وإقناع الأطراف السياسية، لا سيما ان القيادة العامة تعتبر طرفا مقربا من القيادة السياسية المصرية. وتحاول مصر إقناع القيادة العامة للمشاركة في طاولة باتيلي أو حتى كسر الجمود وإزالة المخاوف الليبية من مشاركة حكومة الدبيبة أو حتى نقل القيادة العامة للطرف المصري رغبتها في إشراك حكومة (رئيس الوزراء أسامة) حماد كطرف تفاوضي سادس على الطاولة الخماسية التي دعا لها باتيلي.
مشاركة :