توماس مان.. التلميذ الخائب عديم الفائدة يفوز بنوبل

  • 4/9/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كان توماس مان (1875 - 1955) في الحادية والعشرين من عمره حين رحل إلى روما عام 1869 ليلحق بشقيقه الأكبر هاينريش مان لينتقل الاثنان إلى جنوب العاصمة الإيطالية روما، وهناك بدأ في كتابة أولى رواياته آل بودنبروك.. انهيار عائلة التي نشرت عام 1901 بعد تردد من الناشر، وإلحاح من الكاتب، على حد تعبير محمد أبو رحمة، أحدث من انضموا إلى مترجمي تلك الرواية إلى العربية، والتي صدرت عن سلسلة آفاق عالمية. تفوز الرواية بجائزة نوبل للأدب عام 1929 ومما جاء في تقرير الأكاديمية السويدية، أن الرواية تعتبر درة فنية، يزهو بها الأدب الألماني، وهي الرواية الألمانية الواقعية غير المسبوقة حتى الآن، وقد احتلت مكانة رفيعة بلا منازع، وكذلك في الآداب الأوروبية.يوضح أبو رحمة أن أولى روايات توماس مان جاءت لترصد وقائع قصة حقيقية لصعود وانهيار عائلة بورجوازية، تماثلت بعض ملامحها وظروفها مع ملامح وظروف أسرة المؤلف نفسها، إلا أن توماس مان عالجها بأسلوب نفسي فلسفي، فغاص في وجدان شخصيات الرواية محللاً نموها، وعوامل تدهورها، مفسراً انهيار هذه العائلة اقتصادياً واجتماعياً، بل نفسياً وفسيولوجياً كذلك، حتى تلقى نهايتها المحتومة، وفي الإطار ذاته تناول الكاتب ظروف الطبقة البرجوازية الألمانية والأوروبية بشكل عام. يقول توماس مان في حفل تكريم أقيم له، بمناسبة بلوغه الخامسة والسبعين: لقد أضفت إلى الرواية تجربة أسرتي الشخصية وأنا أشعر بأن في نسيجها شيئاً من فن الأدب، أي الفكر، أي الحالة العامة، إلا أنني لم أكن على وعي شخصي آنذاك بأنني تناولت بأسلوب أدبي انحلال بيت برجوازي، كنت أسجل تحلل ونهاية طبقة ثقافياً واجتماعياً، على نحو أعظم، وأفق أرحب وقد أدت هذه المعالجة إلى اعتبار أن الرواية تنتمي إلى أسلوب المدرسة الواقعية، إلا أن وصف الكاتب المسهب والدقيق لمظاهر الحياة، والظاهر الخارجي للأفراد، يجعلنا نميل إلى الأخذ بالرأي القائل إن الرواية تنتمي أيضاً إلى المدرسة الطبيعية، إضافة إلى التناول الفلسفي لأفكار ومشاعر أبطال الرواية. وبرغم الإشارة الأولى في هذا الموضوع إلى تتبع الشقيقين هاينريش وتوماس مان خطى بعضهما بعضاً، فإن الخلاف كان محتدماً بينهما منذ الصبا، فنادراً ما كانا يلعبان معاً، بل إنهما امتنعا عن التحدث إلى بعضهما بعضاً لمدة عام كامل، ويذكر توماس مان عن أخيه حدة اللسان وطوله، فقد ذكر ذات مرة لابنته فيما بعد إن لسان هاينريش قادر على الإيذاء الشديد. بدأ توماس مان محاولاته في الكتابة بتأليف بعض المسرحيات الساذجة، التي قام أخواه وأخته بتمثيلها، في حضور والديه وأقاربه وأصدقائه، كما كتب مجموعة من القصائد، وتدرج في كتابة الحكايات، وشارك زملاءه إصدار مجلة اسمها عاصفة الربيع أسهم فيها بكتاباته الثورية والفلسفية، ويذكر توماس مان أنه بعد أن أصبح مشهوراً، عاد إلى مسقط رأسه، والتقى مدرسه القديم، الذي علمه اللغتين اللاتينية والألمانية، والذي كان يعتبر مان تلميذاً خائباً عديم الفائدة، وأعاد توماس مان على مسامعه تعليقاته القديمة على أشعار شيلر، فارتسمت على وجه المدرس العجوز علامات السعادة. كان توماس مان يعتبر موهبته أمراً مفروغاً منه، إذ إن المجلات كانت تنشر له ما يكتبه في وقت باكر للغاية، ففي أثناء إقامته في روما شاهد في مكتباتها أول مجموعة قصصية أصدرتها له المطابع الألمانية، وكتب هناك كما أشرنا آل بودنبروك وهي رواية ضخمة الحجم، جعلت الناشر يفكر في اختصارها، لكن المؤلف أرسل إليه خطاباً أثناء إقامته في مستشفى الجيش، يطلب منه عدم إجراء أية تعديلات أو حذف في النص، واقتنعت دار النشر بوجهة نظره، وأصدرت الرواية في مجلدين، حال ارتفاع سعرهما دون إقبال القراء عليهما، لكن النقاد تنبؤوا للرواية بمستقبل مبهر.

مشاركة :