شهد ثاني أيام زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة إعلان الملك اتفاقه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على إنشاء جسر يربط بين السعودية ومصر، كما تم توقيع 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين في مجالات عدة، بينها الكهرباء والإسكان والطاقة النووية وإنشاء جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز في الطور بسيناء.. ومشروع التجمعات السكنية ضمن مشروع سلمان لتنمية سيناء، فضلاً عن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين، في حين أكد السيسي أن زيارة العاهل السعودي تُرسي أساساً وطيداً للشراكة الاستراتيجية بين جناحيْ الأمة العربية. وفي مؤتمر صحافي مشترك عقد بقصر الاتحادية في القاهرة، أعلن العاهل السعودي إنه اتفق مع الرئيس المصري على بناء جسر يربط بين بلاده ومصر عبر البحر الأحمر. وقال إن الجسر سيكون منفذاً دولياً للمشروعات المشتركة بين مصر والسعودية ومعبراً رئيسياً للمسافرين من حجاج وسياح، بالإضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها المشروع. وأكد الملك سلمان أن الجسر سوف يعد نقلة نوعية لدعم الصادرات المتبادلة، وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، حيث يشكّل الجسر منفذاً للمشاريع الواعدة، إضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها لكلا البلدين. وقال السيسي معقباً على الإعلان، إن الجسر سيحمل اسم جسر الملك سلمان بن عبدالعزيز. رعد الشمال كما قال خادم الحرمين الشريفين: إننا اليوم نعيش واقعاً عربياً وإسلامياً جديداً تشكل التحالفات أساسه، وذكر أن مناورات رعد الشمال أرسلت إلى العالم رسالة، تؤكد أن قوتنا في وحدتنا. وتابع الملك سلمان: يسرني أن أزور مصر أرض الكنانة وبلد التاريخ والحضارة، وأتقدم بالشكر لمصر وشعبها نظراً لكرم الضيافة والاستقبال، مؤكداً أن الزيارة توثق علاقات الأخوة بين السعودية ومصر، حيث تم الاتفاق على رفع التعاون التجاري بشكل غير مسبوق. من جهته، استهل الرئيس المصري كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الملك سلمان، قائلاً: إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بجلالتكم على أرض الكنانة في هذه الزيارة التاريخية التي تحلون فيها أخاً كريماً وضيفاً عزيزاً في بلدكم وبين أهلكم، الذين يحرصون دوماً على أن ينقلوا إليكم مشاعر الود والأخوة والإعزاز التي يكنها الشعب المصري لجلالتكم وللشعب السعودي الشقيق. وأضاف أن هذه الزيارة إنما تأتي توثيقاً لأواصر الأخوة والتكاتف القائمة بين بلدينا وتُرسي أساساً وطيداً للشراكة الاستراتيجية بين جناحيّ الأمة العربية مصر والسعودية، وتفتح المجال أمام انطلاقة حقيقية بما يعكس خصوصية العلاقات الثنائية خاصة في مجال العمل المشترك، وبما يسهم في مواجهة التحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية. مرحلة دقيقة وأردف الرئيس المصري: تمر أمتنا العربية والإسلامية بمرحلة دقيقة نتحمل فيها مسؤولية كبرى أمام شعوبنا وخاصة الأجيال القادمة، وأثق أن خصوصية العلاقات المصرية السعودية، وما تنطوي عليه من عمق ورسوخ سوف تمكننا سويًا من مواجهة التحديات المشتركة والتعامل الجاد مع كل من يسعى للمساس بالأمن القومي العربي أو الإضرار بالمصالح العربية، أو تهديد الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوبنا. تنسيق واستطرد السيسي قائلاً : إن ثقتي كاملة في أن التنسيق المشترك بين مصر والسعودية يمثل نقطة انطلاقة حقيقية لمعالجة العديد من أزمات المنطقة على نحو ما نشهده في القضية الفلسطينية واليمن وليبيا وسوريا وغيرها من الأزمات. وأكد الرئيس المصري خلال كلمته على أنه رغم ما تعانيه بعض دول المنطقة من صعوبات نتيجة احتدام الصراعات، فإن زيارة خادم الحرمين الشريفين تدفع إلى التفاؤل بأن تعيد السعودية ومصر الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية الجامعة للوقوف في مواجهة الإرهاب والتطرف اللذين يقوضان الاستقرار ويُمثلان خطراً على مستقبل الإنسانية بأسرها. وقال السيسي إن الشعب المصري لم ينسَ يوماً مواقفكم النبيلة، وتطوعكم مع أشقائكم في القوات المُسلحة المصرية في التعبئة العامة لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ودوركم في دعم المجهود الحربي إبان حرب الاستنزاف.. والتي تكللت بنصر أكتوبر المجيد، وهي مواقف تنم عن أصالة وشهامة عربية خالصة كانت وستظل دائماً محل إعزاز وتقدير من شعب مصر الوفي لشخصكم الكريم. فصل جديد واختتم كلمته قائلاً: اليوم ندشن معاً صفحة جديدة على درب العمل العربي المشترك، ونضيف لبنة في صرح العلاقات المصرية السعودية ونسطر سوياً فصلاً جديداً سيُسجله التاريخ وستذكره الأجيال القادمة، فزيارة جلالتكم إلى وطنكم الثاني مصر إنما تفتح آفاقاً ممتدة لمجالات التعاون الثنائي.. حيث نشهد اليوم التوقيع على اتفاقيات في العديد من مجالات التعاون المشترك، وهو الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في إطار سعينا الدؤوب لتأمين المستقبل المشترك للأجيال القادمة من أبناء البلدين الشقيقين. ولقد جاء تقليد جلالتكم أرفع الأوسمة المصرية، قلادة النيل، تعبيراً عن مشاعر الإخاء والإعزاز والمحبة التي تكنها لجلالتكم مصر، رئيساً وحكومة وشعباً. اتفاقيات وشهد خادم الحرمين والرئيس المصري التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بين البلدين. حيث وقعت وزيرة التعاون الدولي المصرية د. سحر نصر (منسقة الجانب المصري في مجلس التنسيق المصري السعودي) أربع اتفاقيات مع رئيس الصندوق السعودي للتنمية د. إبراهيم العساف، بإجمالي 590 مليون دولار.. من بينها اتفاقيتان تعتبران نموذجاً للمشروعات التي يتضمنها مشروع تنمية شبه جزيرة سيناء، من إنشاء تجمعات زراعية وسكنية، ضمن مبادرة الرئيس السيسي لتنمية سيناء، على أن يتم توقيع باقي الاتفاقيات الخاصة بتنمية سيناء مع الصندوق السعودي للتنمية، والبالغ قيمتها الإجمالية 1.5 مليار دولار، خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى القاهرة. وقالت د. سحر نصر، إن الاتفاقية الأولى تتعلق بإنشاء جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء، بقيمة 250 مليون دولار، وتهدف للارتقاء بالمستوى التعليمي للطلاب، ورفع التوعية والتعليم بسيناء، وإتاحة فرصة للالتحاق بتعليم جامعي، ما يساهم في توفير فرص عمل للشباب. وأن الاتفاقية الثانية تتعلق بإنشاء تسعة تجمعات سكنية منها ثمانية تجمعات في شمال سيناء وتجمع واحد في جنوب سيناء، بقيمة 120 مليون دولار، على أراض بمساحة 1.620 كيلو متر مربع. محطة كهرباء والاتفاقية الثالثة هي إنشاء محطة كهرباء غرب القاهرة بقيمة 100 مليون دولار، للإسهام في تلبية الطلب المتنامي على الطاقة الكهربائية، وزيادة قدرة التوليد في منطقة القاهرة الكبرى، وإضافة وحدة توليد بخارية بقوة 650 ميجا وات. وأكدت الوزيرة أن الاتفاقية الرابعة هي مشروع تطوير مستشفى القصر العيني، التابع لجامعة القاهرة، بقيمة 120 مليون دولار. كما تم التوقيع خلال الزيارة كذلك على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، منها: اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاق للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، واتفاق للتعاون في مجال النقل البحري والموانئ، ومذكرة تفاهم في مجال الكهرباء والطاقة، ومذكرة تفاهم في مجال العمل.. ومذكرة تفاهم في مجال الإسكان والتطور العقاري، ومذكرة تفاهم في مجال الزراعة ومذكرة تفاهم للتعاون في التجارة والصناعة، وبرنامج تنفيذي تربوي تعليمي، وبرنامج تنفيذي في مجال التعاون الثقافي، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
مشاركة :