وقعت ناورو، الدولة الجزرية في المحيط الهادئ، يوم الاثنين على وثيقة التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق بحضور رئيسها ديفيد أدينغ، الذي يقوم بزيارة دولة إلى الصين في الفترة من 24 حتى 29 مارس، والرئيس الصيني شي جين بينغ. وهذه أول زيارة يقوم بها أدينغ إلى الصين منذ أن استأنف البلدان العلاقات الدبلوماسية في وقت سابق من هذا العام. وخلال المحادثات مع رئيس ناورو، تعهد شي باستعداد الجانب الصيني للعمل مع الدولة الجزرية لتوسيع التعاون في الاقتصاد والتجارة وتغير المناخ، وكذلك في البنية التحتية، من بين قطاعات أخرى. وفي الوقت الذي يرسم فيه الرئيسان المسار لمزيد من النمو في العلاقات الثنائية، بدأ مشروع الطاقة الشمسية الذي تساهم فيه الصين ويجري بناؤه بمشاركة قرابة 100 عامل من ناورو بالفعل في إحداث فرق في المجتمعات المحلية، وهو دليل حي على التعاون المربح للجانبين وسريع النمو بين البلدين. -- من الورق إلى الواقع ويُطلق على ناورو، بمناظرها الاستوائية الخلابة وشمسها المشرقة، تحببا اسم "لؤلؤة المحيط الهادئ". وفي الجزء الجنوبي الغربي من الدولة الجزرية، تم ترتيب صفوف من الألواح الكهروضوئية الزرقاء بدقة بالقرب من البحر اللازوردي، لتعكس ضوء الشمس الاستوائي المبهر. بمجرد توصيله بالشبكة، يمكن لمشروع توليد الطاقة الكهروضوئية وتخزين الطاقة الذي تقوم شركة صينية ببنائه تلبية الطلب على الكهرباء في الجزيرة بأكملها. وسيقلل المشروع من اعتماد ناورو على الديزل، مما يخفض تكاليف توليد الكهرباء، ويحسن إمدادات الطاقة المحلية، ويزيد من حصة توليد الطاقة المتجددة. والأهم من ذلك، أنه سيحسن بشكل كبير من جهود حماية البيئة في ناورو، وبالتالي يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقال جون سكوت، الذي يعمل في المشروع منذ عام 2022، إن "توليد الطاقة في ناورو يعتمد الآن بشكل أساسي على الديزل. هذا مكلف ومن شأنه أن يلوث البيئة". وأضاف أن "أشعة الشمس متاحة بكثرة هنا وهي جيدة لتوليد الطاقة الشمسية. وأعتقد أن إمدادات الكهرباء هنا ستكون أفضل بكثير عند اكتمال المشروع". وإضافة إلى بناء مشروع توليد الطاقة، تقوم شركة الصين لهندسة الموانئ المحدودة أيضا بإعادة تطوير أكبر ميناء في ناورو، ميناء أيوو. ويشمل المشروع، الذي بدأ بنائه في عام 2019 وسيتم الانتهاء منه في عام 2025 تجريف الميناء وبناء رصيف جديد ونظام لتحلية المياه وساحة حاويات، من بين منشآت أخرى. وفي سبتمبر 2022، جرى تشغيل الرصيف الجديد. كما جلب الميناء البحري الحديث أحدث التكنولوجيات وفرص العمل إلى الدولة الجزرية، مما سهل النمو الاقتصادي المحلي من خلال توسيع ترابطه ببقية العالم. وشهد تشو وي، نائب مدير الشركة المقاولة ومدير البناء للمشروع، تطوير ميناء أيوو على مدار السنوات الخمس الماضية. وقال تشو لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في الماضي، كان رصيف الميناء القديم صغيرا جدا بحيث لا يمكن لسفن الحاويات أن ترسو مباشرة، وكانت تأتي مرة واحدة فقط كل شهرين. والآن يمكن للحاويات أن ترسو مباشرة على رصيف الميناء الجديد، وتأتي كل شهر أو حتى كل 20 يوما". ومع اكتمال بناء المنشآت بشكل تدريجي، يشعر تشو بالفخر بجهوده المبذولة على مدار السنوات الماضية، قائلا "إنني أتطلع قدما إلى رؤية المشاريع التي شاركت فيها شخصيا وهي تساهم بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية لناورو". وقال وزير خارجية ناورو ليونيل إينغيميا، أثناء زيارته للصين في يناير، إن الأساس المنطقي وراء قرار ناورو باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع الصين "يتعلق بالطبع بإستراتيجية التنمية في ناورو". وأضاف "لا توجد دولة نامية تريد أن تتخلف عن الركب". -- "عشب السعادة" كونها دولة جزرية في المحيط الهادئ، تكافح ناورو للتعامل مع التحديات الملحة مثل ارتفاع منسوب مياه البحر، وتآكل الأراضي الناجم عن التغير المناخي. والأسوأ من ذلك، تشكل الموارد الضئيلة من المياه العذبة للحياة اليومية مصدر قلق مستمر للسكان المحليين. وقالت مديرة مكتب الإعلام التابع للحكومة في ناورو جوانا أولسون إنه بسبب ظروفها الطبيعية غير المواتية للزراعة، تعتمد ناورو بشكل كبير على واردات المنتجات الزراعية والخضروات والفواكه، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق. ويقدم جونتساو، وهو عشب هجين طوره العلماء الصينيون كمورد زراعي رئيسي متعدد الوظائف، حلا ممكنا لهذه المشاكل. ويمكن استخدام جونتساو، والذي يترجم حرفيا بعشب الفطر، لزراعة الفطر، أو كعلف للماشية وعلف للدواجن، وكحاجز أخضر لمنع التصحر. أثناء عمله في مقاطعة فوجيان بشرقي الصين قبل أكثر من عقدين، عرض شي جين بينغ تكنولوجيا جونتساو أمام حاكم مقاطعة زائر من بابوا غينيا الجديدة، وهي دولة جزرية أخرى في المحيط الهادئ، مما يمثل بداية التعاون الدولي في مجال تكنولوجيا جونتساو. وبعد أن تمت زراعته في أكثر من 100 دولة ومنطقة حول العالم، أشاد السكان المحليون بعشب جونتساو مطلقين عليه اسم "العشب الصيني" أو "عشب السعادة". وفي الشهر الماضي، أصبح هيس تيكاي فويلابي، مسؤول الإرشاد الزراعي في وزارة البيئة والإدارة والزراعة في ناورو، أول شخص من ناورو يحضر دورة تدريبية في مجال تكنولوجيا جونتساو عقدها علماء صينيون في فيجي. وقال فويلابي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أعتقد أن اعتماد تكنولوجيا جونتساو في ناورو سيكون مفيدا للغاية لبلدنا. وتشمل الآثار المحتملة تحسين الأمن الغذائي، وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز الفرص الاقتصادية من خلال تطوير صناعات جديدة". -- ننمو معا تواجه الصين وناورو، وكلاهما من الدول النامية، المهام المشتركة المتمثلة في تنمية الاقتصاد وتحسين رفاه الشعب وتحقيق التحديث. وقال وزير الخارجية أينغميا إن الصين كسبت قلوب شعب ناورو بجميل أفعالها. ومستذكرا زيارته لمحطة لتحويل النفايات إلى طاقة ومصنع للسيارات الكهربائية في الصين، قال إن أكثر ما أثار إعجابه هو "مدى تقدمها". وأضاف "لقد أذهلتني التكنولوجيا، مذهلة للغاية"، واصفا طريق الصين نحو التحديث بأنه "سريع وذو رؤية". وأشارت أولسون إلى أن مبادرة الحزام والطريق توفر فرصا تنموية للدول الجزرية في المحيط الهادئ، مبدية تفاؤلها بشأن التعاون المستقبلي بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بتغير المناخ وإمدادات المياه والزراعة. وفي اجتماعه مع أدينغ، قال شي إن الصين مستعدة لتقديم المساعدة لناورو من أجل تنميتها المستقلة والمستدامة دون أي شروط سياسية. وأكد شي أن الصداقة، قديمة كانت أم جديدة، سيكون لها مستقبل مشرق طالما بدأت، وأن التعاون، مهما كان حجمه، سيكون مثمرا طالما كان صادقا.■
مشاركة :