القاهرة - منذ ما يقرب من 20 عاما وفي إحدى ليالي رمضان اتجهت نهى عبدالمقصود مع أسرتها إلى متجر والدها لبيع الأحجار الكريمة بمنطقة الحسين في العاصمة المصرية القاهرة لتناول وجبة السحور. عند وصولهم طلب منها والدها مساعدة بعض الزبائن نظرا لغياب أحد العمال وفور انتهائها طلبت من والدها أن يعلمها "الشغلانة" فرفض بحجة أنها لن تقوى على فهم التفاصيل، وكان هذا الرفض هو الشعلة التي أوقدت شرارة الإصرار. والآن تمتلك نهى (36 عاما)، التي تعمل أسرتها في تجارة الأحجار الكريمة منذ ما يربو على 50 عاما، متجرها الخاص في نفس المنطقة وأمام متجر والدها مباشرة لكنها تقول إن والدها لا يخشي المنافسة وإنه شجعها على تحقيق حلمها "والدي كان ليه كلمة دايما يقولها 'ربنا يرزق جاري قبلي' الكلمة دي بحبها أوي مش بنساها أبدا". بدأت نهى، خريجة كلية الفنون الجميلة، أولى خطواتها في عالم الأحجار الكريمة في متجر والدها ثم بدأت رحلتها الخاصة عبر صفحة انشأتها على فيسبوك عام 2008 حيث كانت تصمم الحلي وتعرضه على صفحتها للبيع. وتقول نهى، إن الأحجار الكريمة يمكن توظيفها في تزيين أنواع الحلي المختلفة مثل الأساور والخواتم والقلائد، كما يتم استخدامها لعمل المسابح التي يمكن أن تصنع أيضا من الخشب. ويتراوح سعر المسابح من 120 جنيها مصريا إلى 250 ألف جنيه حسب نوع الحجر المستخدم، أما المسابح الخشبية فتتراوح أسعارها بين 20 جنيها و15 ألفا. وتحرص نهى من خلال تصميماتها على تسليط الضوء على طاقة الأحجار الكريمة إذ أوضحت أن بعض الأحجار تستخدم "لأغراض إيجابية في حياة الإنسان مثل حجر الفيروز والذي يسمى ‘عبد الرزاق‘ للاعتقاد أن اقتناءه يرتبط بسعة الرزق، وحجر السترين الذي يُعتقد أنه يأتي لحامله بالثروة فيوضع بداخل حافظات النقود". وتضيف "والمرجان التونسي الذي يعمل كحاجز بين الإنسان والسحر، والعقيق الذي يستخدم لمنع الحسد، والبنزاهير الذي يستخدم لتقليل آلام القولون وحجر اللازورد الذي يحفز فقدان الوزن". وتقول "أنا بعمل تركيبة أحجار كريمة، زي تركيبة الدوا بس أنا بعملها عشان لما حد يقتني القطعة دي يستفاد بطاقتها... كل حجر كريم له طاقة معينة بس طبعا احنا مش بناخدها مسلمات هي معتقدات قديمة اتقالت". وأوضحت نهى أنها تستخدم في عملها مزيجا من الأحجار المحلية والمستوردة من دول مثل الهند ومدغشقر وبلغاريا وألمانيا وبولندا وإيطاليا. وأكدت أن بعض الأحجار المحلية تعد من أجود الأنواع عالميا مثل الفيروز السيناوي والزبرجد والكهرمان والعقيق الذي كان يعد في الموروث الشعبي وسيلة لدرء السحر عن العروس قبل زواجها "وبعض الناس بيشتروه مني لهذا الغرض حتى الآن". وذكرت نهى، التي تقدر عدد المسابح التي قامت ببيعها العام الماضي بما لا يقل عن 800 مسبحة، أنها تأثرت بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وتقول إن أسعار الخامات وتكلفة التصنيع "ارتفعت بشكل غريب، مش أقل من 60 بالمئة" وإن القوة الشرائية تأثرت بسبب "خوف الناس على أموالهم". وتحظى نهى بعدد كبير من المتابعين على فيسبوك حيث يبلغ عددهم نحو 500 ألف، وتقول إن تسويق تصميماتها على وسائل التواصل الاجتماعي كان سببا في زيادة زبائنها رغم عدم اقتناع أسرتها بجدواه لاعتمادهم على وسائل البيع التقليدية. وتأمل أن تتوسع في نشاطها لتصبح مالكة لمتاجر عديدة بداخل وخارج مصر وتقول "لسة بدري أوي، أنا لسة ببتدي".
مشاركة :