وصلت المبالغ التي صُرفت على الإعلانات التلفزيونية في المملكة المتحدة في العام 2015، الى 5.27 بليون جنيه استرليني، محققة رقماً قياسياً لم يصله التلفزيون في البلد من قبل، لتواصل صعودها الحاد المتواصل منذ العام 2010. إذ شهدت القيمة الكلية للإعلانات التلفزيونية البريطانية في العام الماضي، زيادة بنسبة 7.4 في المئة عن العام الذي سبقه. وهي نسبة أكبر من التي حققتها كل الوسائل الإعلامية الأخرى في بريطانيا، التي شهدت زيادة بنسبة 6.1 في المئة العام 2015 مقارنة بالعام 2014. تسير هذه الأرقام التي تعكس نجاحات القنوات التلفزيونية البريطانية بقدرتها على جذب الإعلانات التجارية الأكبر، ضد وجهات النظر المتشائمة السائدة منذ سنوات، والتي تحاجج أن التلفزيون في الدول المتقدمة يفقد جمهوره وتلقائياً موارده. ذلك أن متابعة البث الحيّ التصاعدي بالتحديد، والذي يعول عليه المعلن التجاري كثيراً، هو في تراجع بفعل التكنولوجيا الحديثة التي توفر خدمات مثل:المشاهدة وفق الطلب، وتسجيل البرامج التلفزيونية لغرض مشاهدتها في أوقات لاحقة. كما يبدو المبلغ الذي صرف على الإعلانات، والذي يمكن أن يبني مدناً صغيرة في مناطق من العالم الثالث، لا يناسب الوقت القليل نسبياً الذي يصرف على مشاهدة التلفزيون التقليدي في بريطانيا. فوفق البحث الذي أجرته مؤسسة «ثينكبوكس» البريطانية، فإن معدل الوقت الذي أمضاه المشاهد البريطاني في مشاهدة التلفزيون على شاشات التلفزيون العادية وصل في العام 2015 الى 123 دقيقة في اليوم. وهو أقل بنسبة 1 في المئة عن العام 2014. هذه الدقائق «الذهبية» ما زالت ثمينة ومهمة للغاية للمعلن التجاري، الذي يفضّل الإعلان فيها، على رغم شعبية وسائل إعلامية اخرى. وعلى رغم التفاؤل الذي تمنحه إيرادات الإعلانات التلفزيونية، إلا أنه من العسير تخيّل أن يواصل التلفزيون تصدّره المنافسين الآخرين في جذبه الإعلانات، بخاصة مع تواصل الإحصاءات التي تؤكد تغييرات مهمة في تقاليد المشاهدة لجميع الفئات العمرية، وزيادة حصة الأجهزة النقّالة بالاستحواذ على وقت الترفيه للمستهلك. على أي حال، لا يستكين التلفزيون للتغيرات القاسية، فيحاول أن يتفاعل ويستجيب لها، فقنوات تلفزيونية غربية كثيرة غيّرت استراتيجياتها التي تخص الإعلان على خدمات المشاهدة وفق الطلب والمشاهدة اللاحقة للبرامج. فلم يعد ممكناً الهروب من الإعلان التلفزيوني عبر تسريع التسجيل كما كان يحدث سابقاً. كما تفرض بعض القنوات على مشاهدي خدماتها للمشاهدة وفق الطلب، التفرج على الإعلانات التجارية التي تسبق عرض هذه المواد. وهذه التغييرات الحديثة لا تقتصر على مشاهدة التلفزيون على أجهزة التلفزيون التقليدية، بل تشمل الأجهزة الإلكترونية النقّالة الأخرى.
مشاركة :