المملكة ومصر قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي والعربي

  • 4/9/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

رصدت دراسة حديثة بعنوان "ملوك المملكة العربية السعودية ومصر" أعدها الدكتور رأفت غنيمى الشيخ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر وعميد كلية الآداب الأسبق بجامعة الزقازيق، تطور العلاقات السعودية المصرية، ومواقف ملوك المملكة تجاه مصر منذ عهد المغفور له -بإذن الله تعالى- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحديثة منذ بداية القرن العشرين. وتقول الدراسة إن الملك المؤسس وضع أساساً لتعامل المملكة مع قضايا مصر الشقيقة، وإن أبناءه البررة من بعده وعوا نصائحه لهم بالتمسك بالعلاقة القوية مع مصر, حيث ذكر مثلاً بعد عودته من زيارة رسمية لمصر عام 1946م: أن جيش مصر وحضارتها جند للعرب وركن من أركان حضارتهم. وقالت الدراسة أن الملك عبدالعزيز قد زار مصر مرتين الأولى قابل خلالها الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة وقابل ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بالفيوم في شهر فبراير 1945م، والمرة الثانية زيارة رسمية لمصر في يناير 1946م. وأن الملك عبدالعزيز تحدث عن زيارته لمصر بقوله:" أحمد الله إذ أعود إليكم من بلاد هي بلادي وبلادكم، مصر العزيزة بعد أن لاقيت فيها من جلالة الملك المعظم فاروق وحكومته وشعبه في كل شبر مشيت فيه من أرض الكنانة من الحفاوة والإكرام ما لا يحيط به الوصف، ولا يفي بحق وافر الشكر". وما كنا لننسى مصر الكريمة، وصلاتها بشقيقتها المملكة العربية السعودية، فكان من حظ البلدين توثيق الروابط بينهما وتوحيد جهودهما في سياستهما، وإقامة التعاون بينهما على أثبت الدعائم. وإنه لمن سعد الطالع لنا جميعاً أن الشعور العربي المشترك بيننا هو شعور عام اشتركنا فيه مع إخواننا ملوك العرب وأمرائهم ورؤسائهم، كما اشترك معنا في شعورنا كل مسلم وكل عربي، وما جامعة الدول العربية التي أسست في عاصمة مصر بفضل الله ثم بفضل جهود إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم وأمرائهم إلا أثر لهذه الروح العربية، التي تربط بيننا وتؤلف بين قلوبنا جميعاً. كلانا والحمد لله موقن بأن القوة في وحدة الكلمة، وأن الأخ درع أخيه، وأن تآخينا من شأنه أن يوثق العرى بين شعوبنا، وما شك أحدنا في أن مصلحة البلدين تقضي بوحدة اتجاهها السياسي، ووحدة السبيل الذي يسلكانه في مناهجهما الدولي.. ذلك مبدؤنا. ومبدأ شعبنا يتوارثه الأبناء عن الآباء، ويبقى إن شاء الله على وجه الدهر بهذه الروح. إن الصلات التي تربط بين شعبينا قد وثقها الله وأيدها التعاون في سبيل تحقيق مجد العروبة. ومن فضل الله علينا جميعاً أن كانت في هذه الزيارة والتي قبلها مجتمعة على مواصلة جهودهما في سبيل تأييد جامعة الدول العربية، وبذل كل مرتخص وغال في تأييد التضامن بين سائر دول الجامعة بالقلب والروح لما فيه الخير لدول الجامعة ما حيينا، وسنورثها بنينا، حتى يظل العربي يشعر في كل وطن يمر به من بلاد العرب أنه يسير في موطنه، ويعتز به في وطنه وبلاده. معاهدة 1936م: وقد ابرم الملك عبدالعزيز أبرم عدة معاهدات للصداقة وحُسن الجوار مع عدد من الدول من بينها مصر، فيما عرف باتفاقية عام 1936م، وأكدت الاتفاقية على معاملة المصريين في الأراضي السعودية معاملة متميزة إذ نصت المادة الرابعة على تعهد الحكومة السعودية بتسهيل أداء فريضة الحج وإقامة الشعائر الدينية الإسلامية للمسلمين من رعايا مصر، وأن يتمتعوا أثناء إقامتهم في الحجاز بالأمن على أموالهم وأنفسهم وبالحرية الشخصية في الحدود الشرعية، وعلى العموم بالمعاملة والحقوق الممنوحة أو المعترف عليها لرعايا أولى الأمم بالتفضيل. وكان الملك عبدالعزيز كثيراً ما يوصى رجاله بالحجاج المصريين قائلاً: إخواننا سهلوا لهم ولا تكدروا خواطرهم، كما أنه رحب بتقوية العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية حيث استقبل الاقتصادي الكبير محمد طلعت حرب وناقش معه فكرة قيام مشروعات مشتركة بين مصر والسعودية مثل ربط ميناء السويس بميناء جدة بخط ملاحي بحري. كما أكدت الاتفاقية ضرورة الحرص على استمرار العلاقات الأخوية في المستقبل، فقد نصت المادة السادسة على تعهد من كلا الطرفين بالقيام في أقرب فرصة ممكنة بعد توقيع المعاهدة بمفاوضات ودية لحل المسائل المعلقة بينهما، ولعقد اتفاقيات جمركية وبريدية وملاحية وغير ذلك من الشؤون التي تهم بلديهما. وتؤكد الدراسة أن عقد معاهدة عام 1936م (16 صفر عام 1355 الموافق 7 مايو عام 1936م) كان تتويجاً لروح الأخوة العربية والإسلامية بين القطرين الشقيقين، وقد شارك في وضعها فؤاد حمزة وكيل وزارة الخارجية السعودية، وعلي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء ووزيرا لخارجية المصرية. انجازات ملوك المملكة: تقول الدراسة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – توفي يوم 16 ربيع الأول عام 1373 الموافق 12 نوفمبر عام 1953م ليخلفه على عرش المملكة ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز، وتوالى إخوته بعده حيث خلفه الملك فيصل بن عبدالعزيز تلاه الملك خالد بن عبدالعزيز ثم الملك فهد بن عبدالعزيز، ثم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثم الملك سلمان. وتسلط الدراسة الضوء على إنجازات ملوك المملكة العربية السعودية. أولاً: الملك سعود: تقول الدراسة لقد تولى الملك سعود مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية في اليوم التالي لوفاة المغفور له الملك عبدالعزيز ليواصل المسيرة المتمثلة في بناء في الداخل على أساس من الأمن والاستقرار الشاملين، وعمل من أجل التضامن الإسلامي وخدمة دين الله والأمة الإسلامية، وسعي من أجل الإخاء العربي بحكم روابط الدين واللغة والجوار والأرض والتاريخ والدم، ومساهمة فعالة في الجهود الدولية الرامية إلى إقرار السلام العالمي القائم على الحق والعدل. وتؤكد الدراسة ان الملك سعود بن عبدالعزيز استطاع استخدام إمكانات المملكة المادية والبشرية في استكمال المشروعات التطورية والتوسع في الخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة للمواطنين، كما كانت له زيارات متعددة للخارج وإلى مصر وغيرها من الأقطار، العربية كما زار الولايات المتحدة الأميركية في إطار العلاقات التقليدية بين البلدين. ثانيًّا: الملك فيصل: تقول الدراسة أن الملك فيصل رحمه الله تولى مقاليد الحكم فى المملكة بتاريخ 17 جمادي الثانية 1384 الموافق 1964م، وقد بدأت في عهده عملية البناء الداخلي للدولة على أسس حديثة كاعتماد التخطيط أساساً للخطوات التي تخطوها البلاد على طريق التطور والرقي، ومثل وضع خطة التنمية الأولى. وبالنسبة لسياسة الملك فيصل الخارجية، تقول الدراسة: لقد قام الملك فيصل بمجهودات كبيرة لبلورة مبادئ التضامن الإسلامي كقوة تجمع الشعوب الإسلامية في مؤتمرات ومؤسسات على مختلف المستويات فقام بسلسلة طويلة من الرحلات شملت معظم البلاد الإسلامية داعيًّا إلى وحدة الكلمة والصف الإسلاميين، وساعيا من أجل عقد مؤتمر قمة إسلامي يكون منطلقا لتنظيم شؤون المسلمين وعلاقاتهم ببعضهم فيما يعود بالخير على دينهم وأمتهم، وهو ما تحقق بالفعل بانعقاد مؤتمري القمة الإسلامية في الرباط والثاني في لاهور. كما تبني الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين في المحافل الدولية، فزار من أجل ذلك عدداً من الأقطار الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، كما شجع حركة تحرير فلسطين وأسهم بقدر كبير في مؤتمر الخرطوم عام 1967م في إنهاء الخلافات العربية وتقرير سياسة الدعم العربي. ثالثاً: الملك خالد تقول الدراسة إنه بوفاة الملك فيصل عام 1395 الموافق لعام 1975م آلت المسؤولية للملك خالد بن عبدالعزيز الذي عهد إلى أخيه فهد بن عبدالعزيز بولاية عهده، وفي عهد الملك خالد نفذت خطة التنمية الثالثة التي بدأ تنفيذها عام 1400 الموافق لعام 1980م. وفي عهد الملك خالد عقد مؤتمر القمة الإسلامية الثالث عام 1401 / 1981م في مكة المكرمة حيث اجتمع في رحاب الحرم المكي الشريف ولأول مرة في التاريخ قادة وزعماء الدول الإسلامية. كما قام بعدة زيارات رسمية لعدد من الدول الشقيقة والصديقة لتوثيق علاقة المملكة بهذه الدول، كما نشأ مجلس التعاون الخليجي الذي هدف إلى تقوية الروابط التي تصل بين الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، وهو المجلس الذي جعل من دوله قوة متكاملة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والحضارية بحكم التجانس الطبيعي لشعوب هذه الدول. وتقول الدراسة إنه في 21 شعبان 1402 الموافق 13 يونيو 1982م توفى الملك خالد بن عبدالعزيز، فتمت مبايعة ولي العهد الامير فهد بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد، الذي ما لبث أن اتخذ لقب خادم الحرمين الشريفين حيث أشرف على استمرار مشروعات توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. كما أن الملك فهد بن عبدالعزيز استمر في تقوية العلاقات الطيبة للمصلحة المشتركة منذ صار ملكًا للمملكة عام 1982م, كما أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقف إلى جانب مصر بعد ثورة 30 يونيو عام 2013م بالدعم المالي والاقتصادي والتعاون العسكري في مواجهة أعداء مصر وأعداء استقرارها. وجاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد أخيه الملك عبدالله ليواصل التعاون المثمر بين المملكة ومصر. ويقول الدكتور رأفت الشيخ فى دراسته: لعل اشتراك مصر في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد انقلاب جماعة الحوثيين في اليمن ضد الشرعية ما يؤكد التعاون الاستراتيجي بين البلدين الشقيقين, واشتراك مصر في مناورات جيوش الدول الإسلامية في "حفر الباطن" من الدلائل على متانة العلاقات بين مصر والسعودية. العلاقات المصرية السعودية: وتقول الدراسة أن العلاقات المصرية السعودية تشهد أزهى عصورها بعد ثورة 30 يونيو 2013 م بعد الدعم الكامل التي قدمته المملكة ملكا وحكومة وشعبا لإرادة الشعب المصرى في مواجهة قوى الطغيان العالمية التي أرادت القضاء على الثورة المصرية بدعم الإخوان وتأتى العلاقة المتميزة بين البلدين على مر التاريخ نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة للبلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فمصر والسعودية هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي والعربي.و أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أعلن خلال حديثه في حملته الانتخابية قبل فوزه بالرئاسة أن المملكة السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، إيمانا بأهمية ترسيخ العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة وفى المقابل جاءت تهنئة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز-يرحمه الله- لمصر والرئيس السيسي، وتأكيده بضرورة دعم مصر في مثل هذه الظروف بل والدعوة إلى مؤتمر المانحين للأصدقاء وجاءت هذه الخطوة بعد لحظات من إعلان فوز الرئيس السيسي برئاسة مصر.

مشاركة :