منح الكابنيت الإسرائيلي صلاحيات أوسع لرئيس جهاز «الموساد»، ديفيد برنياع، خلال مفاوضات التهدئة التي تجري بشكل غير مباشر مع الفصائل الفلسطينية، بوساطة أميركية ومصرية وقطرية، خاصة فيما يتعلق بالبند الخاص بعودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم شمال قطاع غزة. وكشفت هيئة البث الإسرائيلية عن قيام رئيس «الموساد» بتحديث الاقتراح الإسرائيلي، الذي يتضمن مرونة أكبر فيما يتعلق بعودة سكان غزة إلى شمال القطاع، مشيرة إلى أن الوسيط المصري سينقل الاقتراح الإسرائيلي للفصائل للبت فيه. والتقطت القاهرة إشارات من الجانب الإسرائيلي بإمكانية موافقة الكابينت على منح صلاحيات أوسع للوفد المفاوضات بخصوص ما يتعلق بعودة النازحين من جنوبي غزة إلى الشمال خلال فترة الهدنة الإنسانية، وهو أحد أبرز المطالب التي تتمسك بها الفصائل خلال العملية التفاوضية. واقترح الجانب الإسرائيلي خلال الجولات التفاوضية التي تعثرت بسبب اشتراط إسرائيل عودة ألفي نازح بشكل يومي حال الاتفاق على الهدنة الإنسانية المتفق عليها لمدة 6 أسابيع، أي ما يقرب من 84 ألف فلسطيني من سكان الشمال يعودون لمنازلهم شرطة ألا يكونوا في سن التجنيد. وأبلغ رئيس «الموساد»، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه لن يتسنى إبرام صفقة لتبادل الأسرى دون تنازلات بشأن عودة المدنيين الفلسطينيين لشمال غزة. وأجرى الوفد الإسرائيلي زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة للتشاور حول سبل تحريك المفاوضات خلال الفترة المقبلة، والاتفاق على هدنة إنسانية تقضي بالإفراج عن عدد من الأسرى وتؤدي لوقف العمليات العسكرية لعدة أيام، مع التفاوض خلال فترة الهدنة على اتفاق وقف إطلاق نار كامل وشامل. وفي تل أبيب، أكد مسؤول إسرائيلي بإحاطة قدمها لوسائل الإعلام الإسرائيلية، مساء أمس، إمكانية إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع الفصائل الفلسطينية، في محاولة لإبرام صفقة تبادل أسرى بموجب اتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة، موضحاً أن «الفصائل حال كانت معنية بالتوصل إلى اتفاق يمكننا المضي قدماً، لقد قطعنا شوطاً طويلاً هذه المرة أيضاً، وهناك إمكانية لإحراز تقدم في الأيام المقبلة». وقدم الوفد الإسرائيلي الموجود في القاهرة موقفاً جديداً ومحدثاً إلى الوسطاء بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على أن تكون أكثر مرونة فيما يتعلق بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة. وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى جدية وواقعية من جانب الوفد المفاوض والوسطاء بهدف واحد وهو التوصل إلى اتفاق، مؤكداً أن تل أبيب بحاجة إلى اقتراحاً جدياً من جانب الفصائل في غزة للمضي قدماً. ورغم تواصل المحاولات الرامية لاستصدار قرار أممي يدعو إلى وقف الحرب في غزة بالتزامن مع تكثيف أطراف إقليمية ودولية جهودها للتوافق على إعلان هدنة هناك، يثير استمرار المعارك مخاوف من عدم وجود أفق لإيجاد تسوية قريبة للأزمة. واعتبر خبراء ومحليون في مجال الإغاثة وعاملين في منظمات إنسانية غير حكومية، أن «اليوم التالي» لإسدال الستار على الحرب في غزة ربما لن يأتي قريباً، وأن القطاع قد يكون على مشارف الدخول «دائرة مفرغة» وطويلة الأمد من الاضطرابات. وأشار الخبراء إلى أن الحديث عن سيناريو «اليوم التالي للحرب» في قطاع غزة، بات سريالياً على الأرجح، بالنظر إلى أنه كان يستند في الأساس، على افتراض مفاده بأن الحرب نفسها قد تنتهي قريباً، وهو احتمال يتنافى مع مؤشرات توحي بأن القتال الحالي، ربما سيتواصل لفترة طويلة للغاية. فوفقاً لتحليل المسار الذي اتخذته المعارك المتواصلة منذ قرابة نصف عام في غزة، يبدو إطلاق أي نقاشات حول حقبة ما بعد الحرب هناك في ظل الظروف الحالية، أمراً مضللاً أو في غير محله، على أفضل التقديرات، خاصة على ضوء التحذيرات المتصاعدة، من أن العنف والأزمة الإنسانية الحادة في القطاع، قد يتواصلان لسنوات لا لشهور، وإن بوتيرة أبطأ ووطأة أقل حدة.
مشاركة :