يسير دونالد ترامب في طريق وعرة لكن سالكة، نحو تعيينه مرشحا للحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض، لكنه يواجه بحلول استحقاق نوفمبر الرئاسي، مساراً يبدو مثبطاً أكثر لعزيمته. وما زال عليه صد الانتفاضة الأخيرة لخصمه تيد كروز مع تقدمهما نحو المراحل الأخيرة من الانتخابات التمهيدية إلى جانب حائز المرتبة الثالثة جون كاسيك. لكن السيناريو الكابوس بالنسبة إلى الجمهوريين يكاد يصبح حقيقة، حيث يفوز مرشح بتعيين حزبه لكن حجم معارضيه كبير إلى حد الخسارة الفادحة، يوم الاستحقاق الرئاسي، حتى إنه قد يهدد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس. ويظهر استطلاع تلو الآخر أن ترامب سيواجه مشكلة كفيلة بردعه في تحويل تعيينه المحتمل إلى حملة مجابهة قابلة للاستمرار ضد المرشحة الديموقراطية الأكثر ترجيحاً هيلاري كلينتون، التي تعاني كذلك من نسب شعبية متدنية. وبين 57 استطلاعا للمقارنة بين كلينتون وترامب في بيانات موقع ريل كلير بوليتيكس اعتبارا من مايو الأخير، لم يتقدم ترامب إلا في خمسة منها. وتتقدم كلينتون حاليا بمعدل وطني يبلغ 10,8 نقاط مئوية. وفي استطلاعات المقارنة النظرية بين الديموقراطي بيرني ساندرز وترامب، يحرز ساندرز تقدما أوسع من ذلك يبلغ 16,5 نقاط مئوية. لكن نظرا إلى إحراز أحد الحزبين ثلاث ولايات متوالية مرة واحدة فقط منذ 1952، يبدو التاريخ في صف الجمهوريين، هذا العام. لكن ترامب الدخيل وحملته المتمردة التي تخللتها تصريحات نارية ومهينة بحق المكسيكيين والمسلمين والنساء، قلب هذا الاحتمال رأساً على عقب. وتقول لارا براون من جامعة جورج واشنطن: لا شك في أن ترامب نقل توجه الانتخابات من ترجيح كفة الجمهوريين قليلا في السابق إلى الديموقراطيين الآن. مع إثارة الملياردير الشهير البالغ 69 عاما، حماس آلاف الناخبين لا سيما في شريحة الرجال البيض الساخطين على وضع البلاد، تمكن من تحطيم قواعد اللياقة السياسية وبات مهددا بأن يصبح المرشح الجمهوري الأسوأ صورة في تاريخ الانتخابات الحديث. وكتبت صحيفة واشنطن بوست في آخر الشهر الفائت، في أحد عناوينها: سيكون ترامب المرشح الأقل شعبية في حزب كبير في التاريخ المعاصر، بعد كشف استطلاعها عن نسب معارضة مخيفة، بدءا من نسبة معارضته الإجمالية التي بلغت 67%. ويترك ترامب انطباعا سيئا لدى 85% من ذوي الأصول اللاتينية و80% من السود، وهما مجموعتان أراد الحزب الجمهوري إحراز اختراق في صفوفهما بعد هزيمة ميت رومني في 2012. لكن حتى 51% من شريحة الرجال البيض التي تعتبر منهلا لأصوات ترامب، أعربوا عن رأي سلبي بشأنه بحسب الاستطلاع. ويبقى السؤال مفتوحاً، إن كان البعض أو الكثير من أولئك الجمهوريين سيمتنع عن التصويت في حل تعيين ترامب مرشحا عن الحزب. فخصومه أصروا على وجود سقف لتأييده، الأمر الذي يؤيده عدد من الخبراء. وتضيف براون لن يحصل على حزب جمهوري متحمس أن تم تعيينه. أضافت: إن قسما كبيرا من الحزب الجمهوري لا يهمه أن يكون المرشح الجمهوري شخصا يأمل مواقف وأيديولوجيات ترامب. فهو لا يمثل ما يؤمنون به. كل هذا يفسر التوتر لدى بعض الجمهوريين ولا سيما رومني الذي قاد حملة نخبة الحزب ضد تعيين ترامب. وأكد ترامب أنه سيفوز في عدة ولايات ما يعرف بـحزام الصدأ (أي المدن الصناعية التي أفل نجمها حتى 1970) ومنها ميشيغن، التي لم يصوت الكثير منها لصالح الجمهوريين منذ ربع قرن. لكنه يحل متأخرا بفارق يتجاوز 10% في استطلاعات مقارنة مع كلينتون في ولايات محورية منها فلوريدا واوهايو، بحسب نيويورك تايمز. لكن الاستطلاعات لا يمكنها التنبؤ بالنتيجة في هذه المرحلة البعيدة عن موعد الاستحقاق. إلا أن الخبراء يشيرون إلى أرقام توحي بإقدامه على مرحلة منهكة. وحذر خبير الإحصاء والمحلل الانتخابي نيت سيلفر من أن حصة ترامب في أثناء الانتخابات الحزبية التمهيدية التي انطلقت في الأول من فبراير، لم تسجل ارتفاعا كبيرا، من 35% في ايوا إلى معدل 39%. كذلك في الاستحقاق الأخير، سحق كروز ترامب في ويسكونسن بنسبة 42,6% مقابل 35,1%. الأربعاء، وجه المدير الإعلامي للبيت الأبيض في عهد جورج دبليو بوش، اري فلايشر رسالة إلى ترامب معددا فيها خمسة أمور عليه فعلها ليتحول من دخيل ذي شعبية إلى منافس فعلي. في الرسالة، نصح فلايشر ترامب بوقف المشادات مع الجميع وتوسيع علمه بالسياسة، علما أن جميع الاستطلاعات الأخيرة تكشف أنك تتراجع أمام هيلاري. أضاف: مهما فعلت، تذكر دوما أنك لن تفوز إذا عجزت عن إحراز أكثرية. وكشف استطلاع لجامعة كوينيبياك في مارس، أن عدد الجمهوريين الذين أكدوا عدم التصويت لترامب (17%) أبدا بلغ تقريبا ثلاثة أضعاف الديموقراطيين الذين أكدوا عدم التصويت لكلينتون (6%). كما كشف أن 54% من المستقلين لن يصوتوا إطلاقا لصالح ترامب مقابل 46% لن يختاروا كلينتون.
مشاركة :