قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الثلاثاء إن القصف الجوي الإسرائيلي الذي أودى بحياة سبعة أشخاص يعملون في منظمة "ورلد سنترال كيتشن" الخيرية كان غير مقصود، وطالبت واشنطن وحلفاء آخرون بتفسيرات في غمرة تنديدات واسعة النطاق. وعبر الجيش الإسرائيلي عن "صادق حزنه" جراء الحادث الذي زاد من الضغوط من أجل اتخاذ خطوات لتخفيف وطأة الوضع الإنساني الكارثي في غزة بعد نحو ستة أشهر تقريبا من حصار إسرائيل واجتياحها للقطاع الفلسطيني. وأدى الهجوم الدموي على قافلة ورلد سنترال كيتشن إلى مقتل مواطنين من أستراليا وبريطانيا وبولندا بالإضافة إلى فلسطينيين ومواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والكندية. وقالت ورلد سنترال كيتشن إنهم كانوا يسافرون في سيارتين مصفحتين عليهما شعار المؤسسة الخيرية ومركبة أخرى. وقال نتنياهو في بيان مصور "للأسف وقع في اليوم الماضي حدث مأساوي ألحقت فيه قواتنا أذى عن غير قصد بأشخاص غير مقاتلين في قطاع غزة". وأضاف "يحدث هذا في الحرب. نحن نجري تحقيقا دقيقا ونجري اتصالات مع الحكومات. وسنبذل قصارى جهدنا لمنع تكرار ذلك". وتعهد الجيش الإسرائيلي بأن تجري "هيئة مستقلة ومهنية تتمتع بالخبرة اللازمة" تحقيقا في الواقعة. واستدعت بريطانيا السفيرة الإسرائيلية لديها للتعبير عن "إدانتها القاطعة للقتل المروع" للعاملين في المنظمة، ومن بينهم ثلاثة مواطنين بريطانيين، وطلبت تفسيرا على وجه السرعة من إسرائيل عن كيفية وقوع هذا. وقالت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، إنه لا توجد أدلة على تعمد إسرائيل استهداف موظفي الإغاثة، لكن واشنطن غاضبة بسبب مقتلهم، وإن إسرائيل ملزمة بضمان عدم تضرر موظفي الإغاثة في غزة. وذكر البيت الأبيض أنه يتوقع إجراء تحقيق شامل ومحايد يراعي المساءلة المناسبة. ووصف بلينكن موظفي المنظمة غير الحكومية الذين قُتلوا في الغارة قائلا "هؤلاء أبطال، يصطدمون بالنار وليس بعيدا عنها... يجب ألا يكون لدينا موقف يجد فيه أشخاص، يحاولون ببساطة مساعدة إخوانهم من البشر، أنفسهم عرضة لخطر جسيم". ودأبت إسرائيل على نفي إعاقة توزيع المساعدات الغذائية التي يحتاجها القطاع بصورة عاجلة، قائلة إن المشكلة ناجمة عن عدم قدرة منظمات الإغاثة الدولية على إيصالها لمن يحتاجون إليها. وذكرت ورلد سنترال كيتشن أنه على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، تعرضت القافلة للقصف في أثناء مغادرتها مستودعها في دير البلح، بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي جُلبت إلى غزة عن طريق البحر. وقالت إيرين جور، الرئيس التنفيذي للمنظمة "هذا ليس هجوما على ورلد سنترال كيتشن فحسب، وإنما على المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف حيث يُستخدم الغذاء سلاح حرب". وأضافت "هذا لا يغتفر". وفي قبرص، قال مسؤولون إن مساعدات منقولة بحرا لغزة عادت إلى قبرص بعد أن قتلت إسرائيل سبعة من العاملين في منظمة ورلد سنترال كيتشن الخيرية التي قالت إنها ستوقف عملياتها في القطاع الفلسطيني المحاصر. وقالت الإمارات إنها ستعلق شحنات المساعدات من قبرص إلى حين الحصول على مزيد من ضمانات السلامة من إسرائيل وإجراء تحقيق شامل. وكانت الإمارات الممول الرئيسي لجهود ورلد سنترال كيتشن الإغاثية عبر الممر البحري. زيادة عزلة إسرائيل طالبت بريطانيا وأستراليا وبولندا، وهي دول صديقة بصفة عامة لإسرائيل، باتخاذ إجراءات لحماية موظفي الإغاثة مما يسلط الضوء على العزلة الدبلوماسية المتزايدة لنتنياهو بشأن الوضع في غزة. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن 196 موظف إغاثة على الأقل قُتلوا في غزة منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي ردت عليه إسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية في القطاع الفلسطيني. وأضاف أن مقتل موظفي ورلد سنترال كيتشن هو "النتيجة الحتمية لطريقة إدارة هذه الحرب حاليا". وحينما سُئل عما ستقوله الأمم المتحدة للحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بواقعة القصف، قال "الرسالة هي: اتركوا موظفي الإغاثة يؤدون عملهم". وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة للتخفيف من حدة الجوع الشديد في قطاع غزة الذي دمرته شهور من الحرب بين حركة (حماس) وإسرائيل. وتعرض جزء كبير من قطاع غزة المكتظ بالسكان لدمار مهلك ونزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. واتهمت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى إسرائيل بعرقلة توزيع المساعدات من خلال وضع عقبات بيروقراطية والتقاعس عن توفير الأمن لقوافل الغذاء، وهو ما أبرزته كارثة وقعت في 29 فبراير وأودت بحياة نحو 100 شخص كانوا ينتظرون تسلُم المساعدات. وقالت حماس إن المشكلة الرئيسية في توزيع المساعدات هي استهداف إسرائيل لموظفي الإغاثة. وبعد الواقعة الأحدث أصدرت بيانا قالت فيه إن الهجوم يستهدف ترويع العاملين في الوكالات الإنسانية الدولية ومنعهم من الاضطلاع بمهامهم. وقال خوسيه أندريس الطاهي الذي أسس ورلد سنترال كيتشن إنه يشعر بحزن شديد وعبر عن مواساته لعائلات وأصدقاء الذين لقوا حتفهم في الهجوم. وبدأ أندريس عمل ورلد سنترال كيتشن في 2010 بإرسال طهاة وطعام إلى هايتي بعد زلزال مدمر. وقال على وسائل التواصل الاجتماعي "على الحكومة الإسرائيلية أن توقف هذا القتل العشوائي. عليها التوقف عن تقييد وصول المساعدات الإنسانية، والكف عن قتل المدنيين وموظفي الإغاثة والتوقف عن استخدام الغذاء سلاحا". وأظهر مقطع مصور حصلت عليه رويترز فتحة كبيرة في سقف سيارة دفع رباعي تابعة لمنظمة ورلد سنترال كيتشن وأجزاءها الداخلية محترقة وممزقة، إضافة إلى مسعفين ينقلون الجثث إلى مستشفى ويعرضون جوازات سفر ثلاثة من القتلى. وما زالت الأوضاع في غزة شديدة الخطورة مع استمرار القتال في عدد من المناطق اليوم الثلاثاء ومقتل 71 شخصا في الغارات الإسرائيلية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
مشاركة :