توجت جهود المركز الدولي للأمن الرياضي على مدار السنوات الأربع الماضية بتوقيع أكثر من 50 منظمة دولية وممثلين عن عدد من الحكومات وشخصيات رياضية ودولية بارزة على مسودة لإنشاء أول منظمة دولية تعني بالنزاهة والشفافية في الرياضة العالمية وسيطلق على المنظمة الوليدة التي لم يتحدد بعد مكان مقرها الرئيسي اسم المنظمة الدولية للنزاهة في الرياضة على أن يكون اختصارها تحت اسم (سيغا). وتعني المنظمة الوليدة بكل ما يتعلق بالنزاهة في الرياضة عبر ثلاثة محاور رئيسية مقترحة كأساس لوضع رؤية ورسالة «سيغا» موضع التنفيذ، وهذه المحاور هي الحوكمة الجيدة التي تستند على معايير مبادرة النزاهة والشفافية في الرياضة والتي تتضمن أعلى المعايير من حيث الديمقراطية والشفافية والمساءلة والتمثيل الحقيقي للشركاء وأصحاب المصالح في عمليات صناعة القرار بالاتحادات والمؤسسات الرياضية المختلفة أما المحور الثاني فهو النزاهة المالية وذلك وفقا لتوصيات منتدى النزاهة المالية في الرياضة بما في ذلك الالتزام بالرقابة الشاملة والتوافق مع المعايير، فيما سيكون «النزاهة الرياضية» محورا ثالثا بحيث يشمل مكافحة التلاعب في نتائج المباريات والمراهنات غير الشرعية من خلال تطبيق قواعد ومبادئ الدليل الصادر عن البرنامج المشترك بين جامعة باريس الأولى السوربون والمركز الدولي للأمن الرياضي. وفي متحف ديل برادو التاريخي في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، وبعد 3 ساعات من جلسة مناقشات محتدمة ترأسها خلف أبواب مغلقة المركز الدولي للأمن الرياضي، تم التوقيع الرسمي على مسودة إنشاء المنظمة الدولية التي من المؤمل أن تصوب مسيرة الرياضة العالمية التي يشوبها الفساد والجريمة المنظمة كما دعا المجتمعون إلى الاستمرار في حشد التأييد الدولي وتسليط الضوء وتشجيع المزيد من الشركاء التجاريين وغيرهم للانضمام إلى سيغا. من جانبه، قال الدكتور ميجيل كاردينال كارو وزير الرياضة الإسباني إن الحكومة الإسبانية رحبت باستضافة هذا الاجتماع في مدريد قناعة منها في وزارة الرياضة بأن المنظمة الوليدة ستصبح معلما بارزا في مسيرة العمل من أجل إرساء أسس للنزاهة في الرياضة العالمية. وتابع: نحن نحتفل هذا العام بالذكرى المئوية الرابعة لوفاة ميغيل دي سرفانتس، الكاتب العالمي الإسباني الشهير وصاحب رواية «دون كي شوت» الذي استمر زمنا طويلا يتحدى طواحين الهواء، والآن نجتمع حول تحد حقيقي لتنفيذ المبادئ الأساسية للحوكمة الجيدة والنزاهة المالية والشفافية في مجال الرياضة، ولذلك فمن واجبنا ألا ندخر وسعا لتسليط الضوء على الفساد والرشوة أو التلاعب بنتائج المباريات ضمن غيرها من الجرائم المنظمة في الرياضة.. وعلينا أن نمنح الأجيال القادمة الأمل. من جهته، أكد محمد بن حنزاب رئيس المركز الدولي للأمن الرياضي أن جمع كل هذه الأطراف والجهات والمنظمات والمؤسسات متنوعة الأهداف والغايات ومتشعبة المصالح، نحو هدف واحد في إطار مستقل ومحايد يعد في حد ذاته نجاح كبير للجهود التي بذلت في السنوات الماضية ولذلك فهي لحظة تاريخية أن يشهد العالم ميلاد منظمة دولية بأفكار ومبادرات قادمة من دولة عربية شرق أوسطية، وأنا شخصيا فخور بما تحقق وفخور بنجاح فريق المركز الدولي للأمن الرياضي في حشد الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشخصيات التي وقعت على مسودة تأسيس منظمة (سيغا) وهي على قناعة تامة بأن هذه المبادرة هي الطريق الأمثل لحماية مستقبل ونزاهة الرياضة في كل دول العالم تزامنا مع تفشي الفساد في كرة القدم والرياضة بشكل عام. وأشار حنزاب إلى أن هذه المنظمة ستضع الرياضة العالمية على الطريق الصحيح من خلال إعادة هيكلة المؤسسات والاتحادات الرياضية على نحو يجعل أداءها قابل للقياس من ناحية الجوانب المتعلقة بالنزاهة والشفافية والحوكمة الجيدة وبالتالي غلق منافذ الفساد الذي استشرى بشكل هائل في جسد الرياضة العالمية. وكشف رئيس المركز الدولي للأمن الرياضي أن الخطوة القادمة هي الانتهاء من تقارير لجان العمل التي تشكلت عقب توقيع الأعضاء على التأسيس والانتهاء من النظام الأساسي للمنظمة تمهيدا للتدشين الرسمي لافتا إلى أن دخول المؤسسات العالمية الراعية من ضمن الأعضاء المؤسسين لمنظمة (سيغا) تعد خطوة غاية في الأهمية لتحقيق الاستقلالية المالية وبالتالي استقلالية الإدارة واتخاذ القرار وهي جوانب مطلوبة مسبقا لضمان نجاح مستدام لهذه المنظمة الدولية. وفي المقابل، اعتبر جويل لانج المدير التنفيذي لتقييم المخاطر بمؤشر بورصة داو جونز بأن تأسيس المجتمع الرياضي منظمة سيغا يعد خطوة كبيرة إلى الأمام حيث ستسهم المنظمة الجديدة في وضع معايير عالمية للنزاهة المالية والنزاهة الرياضية. فكما رأينا في القطاعات المالية والشركات، يتضح أن وضع المعايير المتفق عليها هي الخطوة الأولى لتعزيز الحوكمة وإرساء ثقافة الامتثال. أما لارس كريستر أولسون، رئيس رابطة الدوريات الأوروبية المحترفة لكرة القدم ورئيس رابطة الدوري السويدي للمحترفين فقال: إن مجتمع الرياضة يواجه أزمة جماعية وحقيقية تتعلق بالنزاهة، ومن الإنصاف القول إن الرياضة لا يمكن أن تحقق أعلى منفعة للمجتمع ما لم تتبن نهجا جديدا وراسخا وينطلق من مبادئ النزاهة والشفافية، ولاشك أن سيغا تشكل فرصة جيدة لتحقيق كل هذه المبادئ واستعادة كرة القدم والرياضة بصفة عامة لتصبح ملكا للجماهير. تجدر الإشارة إلى أنه رغم أن المنظمة الدولية الوليدة (سيغا) تأسست في أبريل (نيسان) 2016 في ظروف مشابهة لظروف الوادا التي تأسست في نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، ورغم أن هناك قواسم مشتركة أبرزها أن كلتيهما منظمة مجتمع مدني لا تهدف للربح، فإن الفارق المهم هو أن (سيغا) ستكون منظمة مستقلة ماليا بشكل كامل على عكس الوادا التي تهيمن عليها وتمول 60 في المائة منها اللجنة الأولمبية الدولية. وشهد الحفل إعلان بيان بأسماء الموقعين على تأسيس المنظمة الدولية الجديدة للنزاهة في الرياضة «سيغا» حيث انضمت لها الحكومة الإسبانية ممثلة بوزارة الرياضة والشباب الإسبانية والحكومة التركية ومؤسس الدوري الإنجليزي السير ديفيد ريتشاردز الذي يعمل حاليا نائبا أولا للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ومايكل روبيشود النائب الأول لرئيس ماستر كارد للرعايات العالمية ورئيس رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم وجامعة هارفرد وجامعة السربون والإدارة التنفيذية في اتحاد مكافحة غسل الأموال وشركة ديلويت ومؤشر بورصة دان جونز والكثير من لجان أولمبية وطنية واتحاد ألعاب الكومنولث وهو ما يبلغ مجموعهم أكثر من 50 منظمة ورابطة واتحادا وشخصيات بارزة على مستوى العالم.
مشاركة :