حقق الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، الذي يحكم البلاد منذ عام 1999، فوزًا كاسحًا بولاية رابعة في انتخابات قاطعتها بعض أحزاب المعارضة في هذه الدولة الأفريقية الاستراتيجية. وأكدت وزارة الداخلية أن غيله نال 86.68 في المائة من الأصوات في انتخابات أول من أمس، التي اشتكى ناشطون من قمع سياسي وتضييق للحريات سبقها. وكان رئيس الوزراء عبد القادر كامل محمد قد أعلن أنه «بحسب توقعاتنا يمكننا القول إن مرشح الاتحاد من أجل الغالبية الرئاسية (إسماعيل عمر غيله) انتخب من الدورة الأولى». وعلق رئيس الوزراء على هذه النتائج قائلاً إن «الشعب اختار طريق الحكمة والاستقرار والأمن والتنمية». من جهته، قال غيله (68 عامًا) في كلمة للتلفزيون الرسمي إن «شعب جيبوتي أوكل إلي مرة أخرى أرفع منصب في الدولة، وقد أدركت ما يأملونه، وسأعود إلى العمل غدًا». وبمواجهة معارضة منقسمة، كان من المتوقع على نطاق واسع فوز غيله بولاية رابعة في هذا البلد الصغير، الواقع في القرن الأفريقي، والذي يشكل نقطة جذب للولايات المتحدة وفرنسا والصين كموقع رئيسي لإقامة قواعد عسكرية. وفاز مرشح المعارضة بأكثر من 7 في المائة من الأصوات في انتخابات يحق لنحو 187 ألف ناخب المشاركة فيها، أي نحو ربع السكان، علمًا بأن بعض أحزاب المعارضة دعت إلى المقاطعة، كما فعلت في الانتخابات السابقة، لكن نسبة الإقبال كانت 68 في المائة. وقد بدا الارتياح على غيله، الذي كان يبتسم أثناء الإدلاء بصوته في وسط مدينة جيبوتي برفقة زوجته، قائلاً إنه «واثق جدًا» من إعادة انتخابه. فيما اشتكى الكثير من مرشحي المعارضة من إبعاد ممثليهم عن عدد من مراكز الاقتراع. وبهذا الخصوص قال المرشح المستقل جامع عبد الرحمن جمعة: «نطالب الحكومة بإصلاح هذا الأمر، وتنظيم انتخابات شفافة حرة نزيهة عادلة». ويبلغ عدد سكان جيبوتي 875 ألف نسمة، وتحاول هذه المستعمرة الفرنسية السابقة الاستفادة من موقعها المشرف على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم. وهي مقر لقاعدة واشنطن الوحيدة الدائمة في أفريقيا، وتستخدم لعمليات في اليمن عبر خليج عدن، فضلاً عن محاربة حركة الشباب الإسلامية في الصومال، وتنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب». وقد خلف غيله، عام 1999، حسن غوليد أبتيدون، الذي يعتبر أبًا للاستقلال، بعد أن كان مدير مكتبه لمدة 22 عامًا. وكان غيله قد فاز في الانتخابات السابقة عام 2011 بنسبة 80 في المائة من الأصوات، بعد أن قام البرلمان بتعديل الدستور تمهيدًا لولاية ثالثة. وفي أعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2013 التي فاز فيها حزب غيله الحاكم، أثار ذلك غضب المعارضة التي اشتكت من الغش، وطالبت الأحزاب المتنافسة بتشكيل لجنة انتخابية مستقلة، الأمر الذي لم يحدث أبدًا. كما اشتكت جماعات المعارضة من القيود على حرية التجمع قبل الانتخابات، في حين نددت منظمات حقوقية بالقمع السياسي والتضييق على الحريات الأساسية. كما نددت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بقمع أي أصوات منشقة، منددة في هذا السياق بـ«المجزرة» التي وقعت في 21 من ديسمبر (كانون الأول) 2015. وأدى تدخل الشرطة خلال احتفال تقليدي في حي بالبالا الشعبي في جيبوتي إلى سقوط 27 قتيلاً، حسب الاتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان، فيما أعلنت الحكومة عن سقوط 7 قتلى في حادث «مؤسف». كما تعرض هذا الأسبوع فريق «بي بي سي» للاعتقال والاستجواب، ثم الطرد بعد إجراء مقابلة مع زعيم معارض. وقد بدأت جيبوتي مشاريع كبرى في البنى التحتية بهدف تحويلها إلى مركز إقليمي للتجارة والخدمات، وذلك باستخدام الأموال المقترضة إلى حد كبير من الصين التي تخطط لبناء قاعدة عسكرية هناك. لكن رغم الاستثمارات، يعيش 4 من كل 5 أشخاص في الفقر. وانقسمت المعارضة على نفسها في هذه الانتخابات، بعد أن كانت نجحت في توحيد صفوفها خلال الانتخابات التشريعية عام 2013 تحت راية الاتحاد من أجل الإنقاذ الوطني. وقررت 3 أحزاب من الاتحاد من أجل الإنقاذ الوطني، (بينها حزب ضاهر أحمد فرح، المتحدث السابق باسم الاتحاد) مقاطعة الانتخابات منددة بـ«مهزلة انتخابية».
مشاركة :