البيانات الاقتصادية القوية، والمخاوف من عدم تكيف الأسعار سريعا مع تغيرات العرض والطلب، يدفعان المستثمرين إلى إعادة تقييم قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة هذا العام، ما يؤجج ضعف سوق السندات الحكومية الأمريكية. بلغت العائدات على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 أعوام، التي تتحرك عكس أسعار السندات، 4.429 % يوم الأربعاء، مسجلة أعلى مستوى لها منذ أكثر من أربعة أشهر. تأتي عمليات البيع الكثيف وسط تحول واسع في المعنويات بشأن توقيت وحجم تخفيضات متوقعة في أسعار الفائدة. وأظهرت أسواق العقود الآجلة الأربعاء أن المستثمرين يراهنون على تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة 70 نقطة أساس هذا العام، مقارنة بـ 150 نقطة أساس تم حسابها بداية 2024. جدير بالذكر أن المستثمرين أصبحوا أقل تفاؤلا بشأن تخفيضات الفائدة مقارنة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه، الذي توقع تخفيض 25 نقطة أساس ثلاث مرات هذا العام. وأكد جيروم باول، رئيس المجلس، في خطاب ألقاه الأربعاء أن الفائدة ستنخفض في وقت لاحق من هذا العام، رغم وجود نمو أقوى من المتوقع. قال توني روث، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ويلمنجتون ترست إنفستمنت أدفايزرز: "بدأ الاحتياطي الفيدرالي يستبق السوق، لأنه يقول "سنخفض الفائدة" والسوق تقول "لا حاجة لذلك لأن النشاط الاقتصادي قوي للغاية". عائدات السندات تتحرك إلى أعلى لأن البيانات الأمريكية تأتي دائما أقوى من التوقعات، ما يدفع بعض المستثمرين إلى الاعتقاد أن الاحتياطي الفيدرالي لن يتمكن من تخفيض الفائدة دون المخاطرة بحدوث انتعاش تضخمي. جاء أحدث الأدلة على قوة الاقتصاد هذا الأسبوع، عندما أعقبت بيانات التصنيع الأقوى من المتوقع في مارس أرقاما قوية للوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة في فبراير وبيانات أخرى تشير إلى قوة سوق العمل. من جهتها، قالت شركة بيمكو لإدارة الاستثمار في توقعات لفترة تمتد من ستة إلى 12 شهرا يوم الأربعاء، إنها تتوقع أن يظل التضخم أعلى من 2 %. وذكرت أنها لا تزال تعتقد أن البنك المركزي سيبدأ في تخفيض الفائدة في منتصف 2024، لكنها أشارت إلى أن عدم تكيف الأسعار بسرعة مع تغيرات العرض والطلب قد يؤدي إلى مسار تخفيض أكثر تدرجا مقارنة بالاقتصادات الأخرى. في الوقت نفسه، لم تتبدد المخاوف بشأن حالة المالية العامة الأمريكية التي ساعدت على دفع العائدات إلى أعلى مستوياتها في 16 عاما في أكتوبر الماضي، مع توقع كثير من المستثمرين ارتفاع علاوات الآجال الطويلة - أو التعويض المطلوب للاحتفاظ بالديون طويلة الأجل. توقع مكتب الميزانية في الكونجرس الشهر الماضي أن يرتفع الدين العام الأمريكي في 2054 إلى 166% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 99 % في 2024. ومن الممكن أن تنشأ مخاوف إضافية بشأن انتعاش تضخمي، إذا استمرت أسعار النفط في ارتفاعها الأخير. يوم الأربعاء استقر خام برنت عند أعلى مستوى له منذ أكتوبر بعد مخاوف من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط. وارتفعت العائدات على السندات لأجل 10 أعوام 50 نقطة أساس منذ بداية العام. ووجد بعض المستثمرين في ذلك فرصة لتأمين العائدات على أمل أن ترتفع أسعار السندات مع تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة في وقت لاحق من العام. وسيراقب المستثمرون عن كثب بيانات التوظيف وأسعار المستهلك يوم الجمعة الأسبوع المقبل، لتقييم مدى استدامة ضغط البيع الحالي في السندات.
مشاركة :