أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، أن على الولايات المتحدة المحافظة على «التزامها الراسخ» حيال حلف شمال الأطلسي تزامناً مع إحياء الناتو ذكرى مرور 75 عاماً على تأسيسه. وقال بايدن، في بيان: «علينا أن نتذكر أن الالتزام المقدّس الذي نقدّمه لحلفائنا بالدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو يمنحنا نحن أيضاً الأمان». وشدّد الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتبنرغ، على أهمية وحدة الصف بين الولايات المتحدة وأوروبا. وأعاد الهجوم الروسي على أوكرانيا عام 2022 إنعاش «الناتو»، فيما واجه أحد أخطر التحديات منذ خرج من الحرب العالمية الثانية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو. وعزز الحلف قواته في أنحاء شرق أوروبا، وبات يضم 32 عضواً بعدما انضمت كل من فنلندا والسويد إلى صفوفه. لكن بينما أعاد الصراع في أوكرانيا تركيز «الناتو» شرقاً، يثير تهديد آخر آت من الغرب قلق الحلفاء من القوة الأبرز التي تقود الحلف وهي الولايات المتحدة. يتمثّل هذا التهديد بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، بعدما لوّح بعدم الالتزام بمعاهدة الدفاع الجماعي للحلف عبر التصريح بأنه «سيشّجع روسيا على مهاجمة أي دولة منضوية في الناتو لا تنفق ما يكفي على الدفاع». وقال ستولتنبرغ، خلال مراسم أقيمت في مقر الحلف في بروكسل: «لا أؤمن بأميركا وحيدة، كما لا أؤمن بأوروبا وحيدة.. أؤمن بأميركا وأوروبا معاً في حلف شمال الأطلسي، لأنّنا أقوى وأكثر أماناً معاً». وفي مسعى لدرء انتقادات ترامب، استعرض «الناتو» زيادة في إنفاق الحلفاء الأوروبيين، إذ يتوقع أن يصل 20 عضواً العام الجاري إلى هدف إنفاق 2 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي على الدفاع. وقال ستولتنبرغ، بعدما عزفت فرقة تابعة للجيش البلجيكي نشيد «الناتو»: «تحتاج أميركا الشمالية أيضاً إلى أوروبا». وأضاف: «تملك الولايات المتحدة من خلال الناتو أصدقاء وحلفاء أكثر من أي قوة كبرى أخرى». وبينما يخيّم شبح فوز ترامب على مستقبل الحلف، تواجه بلدان «الناتو» التحدي الأكثر إلحاحاً المتمثل في ضمان عدم خسارة أوكرانيا. وألقى أعضاء الحلف بثقلهم خلف كييف الساعية للانضمام إلى «الناتو» عبر إرسال أسلحة بقيمة عشرات مليارات الدولارات. لكن هذه الإمدادات تراجعت الآن في وقت لا تزال فيه حزمة مساعدات ضرورية عالقة في إطار السجالات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة. وعلى خط الجبهة، تواجه القوات الأوكرانية التي تعاني نقصاً في الذخيرة مقارنة بتلك الروسية، خسائر متتالية. وفي مواجهة تصاعد الهجمات الصاروخية الروسية، تناشد كييف داعميها الغربيين إرسال كل أنظمة باتريوت الدفاعية التي يمكنها إرسالها. وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قبل المحادثات مع نظرائه في «الناتو»: «لا أرغب في تخريب الأجواء الاحتفالية، لكن بالتأكيد رسالتي الرئيسية اليوم ستكون صواريخ باتريوت». وأضاف: «إنقاذ حياة الأوكرانيين وإنقاذ الاقتصاد الأوكراني وإنقاذ المدن الأوكرانية يعتمد على توافر باتريوت وغيرها من أنظمة الدفاع الجوي في أوكرانيا». وعقب المحادثات، قال ستولتنبرغ إن الشركاء في حلف شمال الأطلسي اتّفقوا على البحث مجدداً في مخزوناتهم عمّا إذا كانت لديهم أنظمة دفاعية إضافية يمكنهم إمداد أوكرانيا بها. وفي منشور على منصة «إكس»، قال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبرغيس إن «القصص الجميلة لا تُكسب حرباً». وأضاف: «من دون إمدادات كبيرة بالأسلحة وضمانات أمنية حقيقية، فإن السردية المجيدة للوحدة والتضامن مع أوكرانيا تتلاشى بسرعة». وفي مسعى لضمان الدعم طويل الأمد لكييف في مواجهة احتمال عودة ترامب، اقترح ستولتنبرغ أن ينشئ أعضاء الحلف صندوقاً بقيمة 100 مليار يورو (108 مليارات دولار) لمدة خمس سنوات. كما أنه يضغط لجعل «الناتو» منظمة منخرطة بشكل مباشر أكثر في تنسيق عمليات تسليم الأسلحة، وهو أمر رفض الحلف القيام به حتى اللحظة خشية تسببه بجرّه نحو حرب مع روسيا. وأعطت بلدان الناتو الضوء الأخضر للمضي قدماً بالخطة، أمس الأول، لكن ما زالت هناك العديد من التساؤلات بشأن الطريقة التي يمكن أن يتم من خلالها التمويل، وإلى أي حد سيكون الحلف مستعداً للعمل على تحديد تفاصيله قبل قمة مرتقبة في واشنطن في يوليو.
مشاركة :