تصطدم السلطات التونسية مرة أخرى بملف الشهادات المزورة التي طالت مختلف القطاعات العمومية بعد ثورة يناير 2011، في ظل تزايد المطلبية الشعبية على الشغل والتوظيف، وسط دعوات ملحة إلى القيام بعمليات تدقيق في مختلف المؤسسات في إطار ما يعرف بتطهير الإدارة التونسية من ممارسات الفساد. تونس - أودعت السلطات القضائية في تونس ثلاثة موظفين من شركة الخطوط الجوية التونسية المملوكة للدولة السجن للاشتباه في عمليات توظيف واسعة النطاق لموظفين بشهادات مزورة. وأثار تزوير الشهادات العلمية والتعيينات المشبوهة في عدد من القطاعات، في ظل ارتفاع نسبة البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للتونسيين، جدلا واسعا في الفترة الأخيرة. وقرر قاض في المحكمة الابتدائية بالعاصمة إيداع الموظفين الثلاثة وصاحبة مدرسة خاصة السجن الجمعة، للاشتباه في الحصول على شهادات علمية مزورة وترقيات وظيفية غير قانونية، وفق ما أفادت به إذاعة “موزاييك” الخاصة. ويحقق القطب القضائي والمالي في شبهات بالفساد بالشركة التي تعاني من صعوبات مالية وهيكلية منذ سنوات، ومن زيادة كبيرة في أعداد الموظفين فوق حاجتها الحقيقية. وتمثل أعداد الموظفين إحدى النقاط الخلافية بين الحكومة وقطاع النقابات بشأن برنامج إصلاح المؤسسة. والأربعاء، أذنت النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بالاحتفاظ بموظفين اثنين تابعين لشركة الخطوط الجوية التونسية ويعملان بمطار المنستير (شرق) قاما بالإدلاء بشهادات مزورة. وصرح الناطق الرسمي للنيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة لوكالة الأنباء الرسمية في تونس أن النيابة العمومية بالقطب المذكور أذنت للفرقة المركزية الثالثة للبحث في الجرائم المالية المتشعبة التابعة للحرس الوطني بالعوينة بمواصلة الأبحاث للكشف عن الأطراف التي سهّلت عمليات التزوير تلك، وذلك في إطار تعهد تلك الفرقة بالبحث في شبهات الفساد ببعض الانتدابات والترقيات الوظيفية صلب الناقلة الوطنية. ♦ قيس سعيد قال خلال زيارة إلى مطار قرطاج إن 130 عاملا بشركة الخطوط التونسية تم توظيفهم بشهادات مزورة ووفق محمد زيتونة تبين للفرقة الأمنية المذكورة أن الموظف الأول قدم شهادتين مدرسيتين صادرتين عن مؤسستي تعليم خاص بكل من القصرين وسوسة تبين أنهما شهادتان مزورتان وفق ما أكده تباعا الممثل القانوني للمندوبية الجهوية للتعليم بالقصرين والممثل القانوني للمندوبية الجهوية للتعليم بسوسة اللذين أكدا للمحققين أن الموظف المذكور لم يزاول تعليمه بأيّ مدرسة تعليم خاص سواء في القصرين أو سوسة. أما الموظف الثاني محل التتبع فقد أظهرت الأبحاث التي قامت بها الفرقة الأمنية أنه يعمل حاليا بالخطوط الجوية التونسية بنفس المطار وأنه أدلى بشهادة باكالوريا بها شبهة تزوير باعتبار أن سنة توظيفه تتوافق مع سنة حصوله على تلك الشهادة. ومن المنتظر أن تتواصل الأبحاث، وفق محمد زيتونة للكشف عن الجهات التي سهلت تلك العمليات. وباشرت السلطات في تونس، بطلب من الرئيس قيس سعيد غداة إطاحته بالنظام السياسي في 2021، بعمليات تدقيق واسعة لعمليات التوظيف في المؤسسات العمومية منذ بدء الانتقال السياسي في البلاد في 2011. وقال سعيد في زيارة غير معلنة إلى مطار تونس قرطاج الدولي في مطلع الشهر الجاري إن 130 عاملا بشركة الخطوط التونسية تم توظيفهم بشهادات مزورة. ودعا إلى فتح كل ملفات الفساد المتعلقة بشركة الخطوط التونسية وذلك خلال لقائه بالرئيس المدير العام للشركة في زيارة غير معلنة، حسب تسجيل نشرته صفحة رئاسة الجمهورية. وشدد قيس سعيد بالمناسبة على فتح ملف الطائرة التونسية “أميلكار” التي أكد أنها غادرت البلاد في سنة 2017 دون رجعة ودون تصريح ديواني مشيرا إلى أنها موجودة حاليا في فلوريدا. وصدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، في عدده المنشور بتاريخ 22 سبتمبر 2023، أمر رئاسي، يتعلّق بإجراء تدقيق شامل لعمليات التوظيف والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى والمنجزة من 14 يناير 2011 إلى 25 يوليو 2021. وتتصاعد الدعوات الشعبية المطالبة بفتح ملفات التعيينات المشبوهة، لاسيّما من حملة الشهادات الجامعية العليا الذين يوجهون اتهامات للأحزاب التي قادت البلاد خلال الأعوام الماضية، بفتح أبواب الوظيفة العمومية لأنصارها والموالين لها، دون الأخذ بالاعتبار معيار الكفاءة. وشهدت تونس بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011، حالة استقطاب وتجاذبات سياسية حادة بين الإسلاميين والعلمانيين لم تقتصر على الخيارات الكبرى التي تم انتهاجها، بل طالت أيضا التعيينات في الإدارة التونسية التي يرى البعض أنها تخضع للمحاصصة الحزبية.
مشاركة :