في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، ودخول العدوان الإسرائيلي عليه شهره السابع، تستأنف اليوم في القاهرة مفاوضات صعبة ومعقدة للتوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار في القطاع، فيما تصاعدت الضغوط على تل أبيب وحركة حماس، لتقديم تنازلات ووقف الحرب التي عادت احتمالات تمددها إقليمياً ترتفع. مع دخول العدوان، الذي دمّر غزة ووضع سكانها على شفير المجاعة، شهره السابع، تشهد القاهرة خلال الساعات المقبلة محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين بين حركة حماس وإسرائيل، وسط ضغوط عليهما للتوصل الى اتفاق، مع عودة احتمال توسّع الحرب الى المنطقة. وقبيل بدء جولة المحادثات الجديدة، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد الحصول على التزامات من «حماس» بالموافقة على الاتفاق المحتمل والالتزام به، وذلك غداة حضّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمة هاتفية «مشحونة» على التوصل «من دون إبطاء» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال مسؤول أميركي كبير إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA، ويليام بيرنز، توجه إلى القاهرة للمشاركة بالمحادثات، وسيجتمع مع رئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل. وأكد المسؤول أن «الحقيقة الأساسية هذه تظل صحيحة: سيكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة اليوم لو وافقت حماس ببساطة على الإفراج عن هذه الفئة الضعيفة من الرهائن المرضى والجرحى والمسنين والشابات». ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن نتنياهو ومساعديه فوجئوا بطلب بايدن وقف القتال في غزة، خارج سياق صفقة التبادل. عودة النازحين وبينما أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن الحكومة ترهن إرسال وفدها بردّ إيجابي، قررت «حماس» إرسال وفدها برئاسة خليل الحية إلى القاهرة، تلبية لدعوة مصرية. وشددت «حماس» على أن مطالبها «تتمثل في وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الاحتلال وعودة النازحين وإغاثتهم وصفقة تبادل أسرى جادة». وأفادت صحيفة وول ستريت بأن عودة النازحين إلى شمال غزة هي نقطة الخلاف الرئيسية المتبقية في المحادثات، مبينة أن إدارة بايدن تضغط للسماح لأعداد محدودة بالعودة، وإسرائيل منفتحة للسماح بعودة 2000 من سكان غزة يومياً. وأكد قيادي فلسطيني أنّ «أميركا مارست ضغوطاً على الوسطاء المصريين والقطريين وعلى الاحتلال للتوصل إلى اتفاق وقف النار»، لافتاً إلى أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أبلغ الوسطاء بأن أي جولة تفاوض يجب أن تبدأ بالانسحاب الشامل للاحتلال وعودة النازحين بلا شرط. المساعدات ورفح وغداة تحذيره لنتنياهو من إعادة تقييم الدعم إذا لم يتم بذل المزيد لحماية المدنيين، أعلن بايدن أن إسرائيل تقوم بما طلبته إدارته على صعيد إيصال المساعدات، فيما قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن واشنطن تنتظر «نتائج» سريعة بهذا الشأن، مشدداً على أن «100 بالمئة من سكان غزة بحاجة إلى مساعدات». وتحت الضغط الأميركي والدولي، أعلنت إسرائيل السماح بنقل المساعدات «مؤقتاً» عبر ميناء أسدود ومعبر إيريز (بيت حنينا)، كما ستسمح «بزيادة المساعدات الأردنية عبر معبر كرم أبوسالم». وفي مصر، أكّد السيسي «تضامنه مع الأشقاء في غزة»، وأنه «لم ولن يتوانى عن بذل أقصى الجهود لإيقاف القتال والعمل على إنفاذ المساعدات إلى القطاع». نواب أميركيون وفرنسيون يدعون لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل بعد قرار مجلس حقوق الإنسان وأوضح السيسي أن موقف مصر الراسخ هو السعي بلا كلل أو ملل نحو حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. في غضون ذلك، ذكرت وكالة بلومبرغ أن الإسرائيليين يطالبون حكومتهم بالتراجع عن خططها لتنفيذ اجتياح بري لمدينة رفح، مشددين على أن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن يجب أن يكونا الأولوية. ووفق الوكالة، يرى الإسرائيليون أنه «يمكن في مرحلة لاحقة تحييد حماس عن طريق إغلاق الحدود مع مصر، مما يحرمها من الأسلحة التي يعتقدون أنها تدخل غزة بهذه الطريقة». ورغم إصرار نتنياهو على أن الطريقة الوحيدة لهزيمة «حماس» هي إرسال قوات إلى رفح للقضاء على «ما بين 5 و8 آلاف مقاتل، يشكلون 4 كتائب متحصنة هناك، إلى جانب القادة والعديد من الرهائن»، فإنّ الأصوات المطالبة بتغيير هذه الخطط بدأت تتعالى، خصوصاً مع الرفض الأميركي والمصري، وتزايد القلق العالمي بشأن الضحايا بين المدنيين بعد الغارة الإسرائيلية التي تسببت في مقتل 7 من عمال الإغاثة الدوليين. مبيعات أسلحة وفي قرار عبّر عن مخاوف من وقوع «إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين في غزة، طالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوقف أي مبيعات أسلحة لإسرائيل، وحملها المسؤولية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية. وبعد القرار، الذي قدّمته باكستان نيابة عن جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باستثناء ألبانيا وحصل على تأييد 28 من أعضاء مجلس حقوق الإنسان وعددهم 47 عضوا، والذي امتنعت عنه 13 دولة وصوتت 6 دول ضده، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا، اكتسبت الضغوط الدولية الرامية لوقف توريد السلاح لإسرائيل زخماً. وطالب 115 برلمانيا فرنسيا الرئيس إيمانويل ماكرون بوقف جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل فورا، محذرين من مغبة تحوّل فرنسا إلى «شريكة في جريمة إبادة جماعية». وفي واشنطن، وقّعت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والسيناتور البارز تيم كين على رسالة موجهة من عشرات الديموقراطيين في «الكونغرس» إلى بايدن وبلينكن، يطالبون فيها بوقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
مشاركة :