تحليل إخباري: نصف عام على الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة والتصعيد سيد الموقف

  • 4/7/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مر نصف عام على الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة، والتي خلفت أزمة إنسانية حادة وأصبحت نقطة تحول في مشهد العلاقات والتوازنات الدولية ولا نهاية تلوح في الأفق. وتخوض حماس التي أعلنت عن انطلاقها قبل نحو 36 عاما، مواجهة دموية هي الأعنف على مدى السنين الماضية مع إسرائيل التي أكدت إصرارها على القضاء على الحركة وتقويض حكمها في قطاع غزة منذ العام 2007. ومنذ 183 يوما تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد الحركة في قطاع غزة التي تسيطر عليه منذ العام 2007 تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت أكثر من 33 ألف قتيل وعشرات آلاف آخرين بين مفقودين وجرحى. وأدت الحرب إلى أزمة إنسانية شاملة لسكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، وتدمير واسع النطاق وضخم في القطاع، بما في ذلك المنازل وكافة مرافق البني التحتية بتقديرات تصل إلى أكثر من 60 %، وفق تقارير أممية. وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز 230، وفق السلطات الإسرائيلية. ورغم الدعوات المستمرة من قبل المجتمع الدولي، استمرت الحرب في القطاع الساحلي، فيما تشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل على وقع الحرب في غزة مواجهات عسكرية وقصفا متبادلا بين حزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى. وعلى مدى الأسابيع الماضية، ظل المسؤولون المصريون والقطريون يسابقون الزمن للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل شهر وخلال شهر رمضان، وعلى الرغم من مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الوساطة إلا أن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ظل يراوح مكانه. -- استمرار الحرب في غزة ويتوقع مراقبون مستقلون فلسطينيون استمرار الحرب بين حماس وإسرائيل في ظل عدم وجود ضغوط دولية كبيرة، تزامنا مع إصرار كل طرف على مطالبه. وقال أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين بالضفة الغربية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الحرب في غزة ستستمر طالما لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحكم وعدم فرض عقوبات على إسرائيل جراء ما تقوم به من "جرائم" . وأشار في المقابل إلى عجز وضعف الرئيس الأمريكي جو بايدن في الضغط على نتنياهو لوقف الحرب، بالإضافة إلى ضعف الحراك السياسي في إسرائيل. واستبعد يوسف التوصل إلى صفقة شاملة بين الجانبين إنما صفقة "تكتيكية مؤقتة" تقوم على إطلاق سراح أسرى مقابل تأجيل هجوم إسرائيلي على مدينة رفح جنوب القطاع التي يقطنها أكثر من مليون نسمة من النازحين. ورأى يوسف أن صفقة التبادل القادمة قد تترافق معها حلول جدية للأزمة الإنسانية التي يعاني منها القطاع لا سيما بعد مقتل عمال إغاثة أجانب في غارة جوية إسرائيلية، عبر إدخال مساعدات غذائية وطبية عبر المعابر البرية. الهجوم على رفح معقد ويرى مراقبون فلسطينيون أن قيام إسرائيل بشن هجوم واسع على رفح من شأنه أن يؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى، حيث نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى المنطقة للبحث عن مأوى. ويعتقد مسؤولون في الأمم المتحدة أن نحو 1.4 مليون فلسطيني يحتمون من الحرب في رفح، وهو ما يمثل أكثر من نصف سكان قطاع غزة. وقال نتنياهو مرارا إنه حتى لو توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، فإن الجيش الإسرائيلي سيشن في نهاية المطاف هجوما بريا على رفح. وتعتقد أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن إسرائيليين محتجزين موجودون في رفح وأن قادة حماس يختبئون في أنفاق تحت الأرض هناك. وقال إياد أبو زنيط الكاتب والمحلل السياسي من رام الله إن هجوم رفح معقد ويختلف عما يصوره البعض في الإعلام. وأضاف أن التعقيد يكمن في المواقف الدولية بشأن هذه العملية وحجمها، نظرا لحجم الخسائر التي قد تنجم عنها في أوساط المدنيين المتكدسين هناك فضلا عن تداعيات النزوح الجماعي الذي قد يحدث باتجاه الحدود المصرية. وأضاف أن الولايات المتحدة لا تريد العملية في رفح إلا بعد إجلاء السكان إلى منطقة آمنة، وهي قد تعطي الضوء الأخضر بأن يقتصر الهجوم في رفح على هجمات مركزة الأهداف بعد أن تتمكن إسرائيل من نقل غالبية النازحين إلى منطقة آمنة. -- تضارب وضعف في الموقف الأمريكي وقال أبو زنيط إن الموقف الأمريكي المتضارب والضعيف بات واضحا جراء عدم تقيد إسرائيل بخطوط حمراء في هذه الحرب وإطالة أمدها دون أن تحقق الأهداف المرجوة منها بالقضاء على حركة حماس وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، مما يضع إدارة الولايات المتحدة في موقف محرج أمام المجتمع الدولي والعربي. وأشار أبو زنيط إلى أن ذلك ظهر واضحا خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى منطقة الشرق الأوسط 6 مرات منذ بداية الحرب، وفشل جميع المحاولات لتحقيق اختراق حقيقي باتجاه وقف إطلاق النار بسبب تبني واشنطن للموقف الإسرائيلي تارة ومحاولتها الظهور بأنها تسعى لوقف شلال الدم حيث زاد حجم الانتقادات الدولية تارة أخرى. وقال رائد الدبعي أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس إن الولايات المتحدة ليس لديها "نية لوقف هذه الحرب ومنذ اليوم الأول تبنى الرئيس جو بايدن الرواية الإسرائيلية ورفعت بلاده الفيتو ضد قرار وقف الحرب". وأضاف الدبعي أن الولايات المتحدة تمتلك كافة الأدوات التي تستطيع إنهاء الحرب فورا لكن حتى اللحظة لا نرى ذلك. وتابع أن حالة "التبجح الإسرائيلي ظهرت واضحة بعد مقتل موظفي الإغاثة الأجانب وإقرار الجيش الإسرائيلي بتنفيذ الهجوم الذي تم نتيجة خطأ يحدث في الحروب وتهديدات المسؤولين العسكريين والسياسيين بالهجوم على رفح". واعتبر الدبعي أن موقف الولايات المتحدة منذ اليوم الأول للحرب وبعد ستة أشهر على مرورها "الشراكة الكاملة في العدوان على غزة من خلال الدعم السياسي والعسكري والدبلوماسي" لإسرائيل. من جهته قال هاني الجمل خبير الشؤون الإقليمية بمركز العرب للأبحاث والدراسات من القاهرة إن الولايات المتحدة تتعامل مع المنطقة العربية باعتبارها الحديقة الخلفية لها وتحرص على السيطرة والهيمنة عليها لتأمين احتياجاتها، وباعتبارها سوقا رائجا للسلاح، ولأهميتها الجيوسياسية المتنامية. ولذلك تعتبر واشنطن إسرائيل بمثابة رأس حربتها أو العصا التي تسيطر بها على المنطقة وتمنع المنطقة من الدخول في شراكات استراتيجية وثيقة مع الخصوم المحتملين لها، بحسب الجمل. لا أفق لحل قريب ويرى محللون فلسطينيون وعرب أنه بدون ضغط دولي قوي فإن الحرب ستستمر ولا يوجد أفق قريب لكي تضع أوزارها، مشيرين إلى احتمالية اتساعها. ويعتقد هؤلاء أن فجوة الخلاف الرئيسية بين حماس وإسرائيل في الجولات السابقة من المحادثات غير المباشرة ما زالت كبيرة حيث تطالب حماس بوقف كامل للحرب، بينما تريد إسرائيل وقفا مؤقتا فضلا عن نقاط أخرى ما تزال تراوح مكانها تتعلق بعودة النازحين في شمال القطاع، وإطلاق سراح الأسرى. وفي أحدث التطورات، شنت إسرائيل هجوما يوم الاثنين على مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، الذي أسفر عن مقتل سبعة إيرانيين، من بينهم اثنان من القادة المخضرمين في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وفي رسالة على موقعه على الإنترنت يوم الثلاثاء ردا على الهجوم، تعهد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بأن "الرجال الشجعان" في إيران سيوقعون على إسرائيل عقاباً يورثها الندم بسبب هجومها "الإجرامي" المميت على مبنى القنصلية الإيرانية. كما تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي، على خلفية الحرب في غزة، مواجهات عسكرية وأعمالا قتالية متصاعدة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يثير مخاوف دولية من تصاعدها إلى حرب واسعة. وقال الباحث السياسي من سوريا أسامة دنورة إن إسرائيل "لم تترك بابا من أبواب توسيع الصراع في المنطقة إلا وطرقته من خلال الهجمات الدموية في غزة والاعتداء على لبنان والهجوم الأخير الذي استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة دمشق". وأضاف دنورة أن إسرائيل تسعى بشكل محموم لتجعل من أزمتها في غزة مواجهة إقليمية ربما ستجر أطرافا دولية لكي تنقذها من التأزم والطريق المسدود التي وصلت إليه في غزة"، معتبرا أن هذا المسعى لن يكلل بالنجاح. وتوقع أن تقوم إيران بالرد على استهداف قنصليتها ما يجعل من الاصطدام المباشر مع إسرائيل قريبا، مشيرا إلى أن إسرائيل قد تضطر إلى "غض الطرف عن الرد الإيراني أو تقابله برد لتظهر أنها صاحبة اليد الطولى في المنطقة". ويستبعد الخبير الجمل من جهته خروج الوضع الإقليمي عن السيطرة أو أن الأمر سيتفاقم بشكل كبير، لوجود حرص دولي على عدم خروج الأوضاع عن السيطرة. وقال إن حلفاء إسرائيل يدركون عدم قدرتها على القتال في أكثر من مسرح عمليات في وقت واحد، وهو ما ظهر جليا من خلال قيام قوى كبرى بينها الولايات المتحدة بإرسال حاملات طائرات إلى البحر المتوسط والأحمر لتكون بمثابة رسالة لعدم اتساع المواجهة العسكرية بالمنطقة. وأضاف الجمل أن مناوشات بسيطة قد تندلع لمجرد إثبات مواقف والرد عليها من جانب إسرائيل يأتي بقوة مناسبة لا تدفع لانفلات الأوضاع وإنما مجرد رسائل تؤكد جاهزيتها للتعامل العسكري. ■

مشاركة :