قال القائم بأعمال سفارة جمهورية اليمن لدى البحرين السفير حسن مسعود بن قحطان بن مجلي إن عملية إعادة الشرعية التي مضى على انطلاقها عام الآن قد تمكنت من تحرير من 75% من الأراضي التي وقعت تحت سيطرة الانقلابيين، معتبرًا أن أفضل ما تحقق من إنجاز هو قطع الطريق لصناعة حزب الله إيراني جديد على غرار ذراع إيران في لبنان. وأشار السفير بن مجلي في مقابلة لـالأيام بمناسبة مرور عام على انطلاقة عملية إعادة الشرعية ان بلاده تعوّل كثيرًا على المحادثات المقرر عقدها في الكويت في 18 أبريل الجاري والتي يتطلع أن تشكل أرضية نحو حوار سياسي من أجل عودة السلام إلى اليمن. واعتبر السفير بن مجلي بقاء موانئ يمنية وجزر في البحر الأحمر تحت سيطرة الانقلابيين هو بقاء أرضية مناسبة لعمليات تهريب السلاح من إيران إلى الحوثيين والموالين لعلي عبدالله صالح، وكذلك تجارة المخدرات وتهريب الوقود التي تلعب إيران دورًا كبيرًا فيها. وفيما يلي نص المقابلة: ] عام على انطلاقة عمليات إعادة الشرعية إلى اليمن عاصفة الحزم وإعادة العمل.. إلى أي مدى نجح التحالف بتحقيق أهداف عملية إعادة الشرعية؟ - بلا شك إن العمليات قد حققت الكثير من الإنجازات وجاءت في وقتها، وجاءت تلبية لنداء الرئيس عبدربه منصور هادي الذي لم يكن أمامه سوى الاستنجاد بأشقائه لمواجهة التمدد الايراني المتحالف مع الانقلابيين للسيطرة على البوابة الجنوبية لجزيرة العرب وتهديد الأمن القومي العربي بشكل عام، وخلق بؤرة صراع طويل للهيمنة على جنوب الجزيرة العربية ومنها الى مناطق القرن الافريقي، وإسقاط الشرعية اليمنية، وكان هناك استجابة سريعة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبقية دول المنطقة، الآن نستطيع التأكيد على هزيمة المشروع الايراني وفشلهم الذريع في اليمن، وتم تجريد الانقلابيين من عناصر قوتهم الاساسية العسكرية، والاسناد الشعبي والجغرافيا والمقومات السياسية، وتحجيم وجودهم على الارض بشكل واضح، وكذلك الفشل في قيام حزب الله اليمني وانحسار حلم السيطرة العسكرية على باب المندب وخليج عدن وهو بوابة العرب الجنوبية. بالطبع لم يكن لذلك ان يتحقق إلا بفضل تضحيات الشعب اليمني بمختلف فئاته وقواه الوطنية والاسناد القوي والدعم الكبير من قبل قوى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وهو ما أدى الى تحرير عدن ولحج والضالع وأبين وشبوه خلال شهري يوليو واغسطس في العام الماضي، وتم إحكام تأمين باب المندب، كما ان المناطق الوسطى بمقاومتها الشعبية المساندة للشرعية قد حققت انتصارات في مأرب والجوف خلال شهري سبتمبر واكتوبر الماضيين، كما تم تحرير معظم مناطق تعز ونجحت قوات التحالف والجيش الوطني بحصار صنعاء وتحقيق الانتصارات في جبهات ميدي والطوال وتوسيع مساحات الاراضي المحررة الى نحو 75% ووصول المعارك الى مسافة لا تزيد عن 25 كم عن صنعاء. كل ذلك تم بدعم اخوي وإسناد لن ننساه من قبل قوات التحالف العربي. وبلا شك هذه المعطيات قد تمكنت من إضعاف القدرة العسكرية وإنهاء السيطرة الجوية والبرية والبحرية للانقلابيين، وإكساب الخبرة وتعزيز المعنوية القتالية لدى المقاومة مما مكنها من تحقيق الانتصارات العديدة في سائر الجبهات، وتأمين الملاحة الدولية، وتعزيز حماية باب المندب وخليج عدن وجنوب البحر الاحمر، وتمكين مساعدة المحتاجين، ومد المحافظات المحررة وغير المحررة بالدعم الإغاثي والغذائي والطبي وتحسين الاسناد الانساني، وكذلك تمكين الشرعية من العودة الآمنة الى العاصمة المؤقتة عدن وبعض المحافظات المحررة، واستتاب سير عمل الحكومة ومرافقها الخدماتية، ومعالجة الجرحى وتهيئة المطار والميناء وإعادة معظم الخدمات الى تلك المناطق والعمل على إزالة الألغام والمخاطر، كذلك تم ضم العديد من افراد المقاومة الى صفوف القوات المسلحة والامن والشرطة لتغطية الفراغ الامني والعسكري بعد ان سيطرت عليها قوات الانقلابيين، وإجبار الانقلابيين على التقيد بما تضمنه القرار الاممي من حوار الاطراف وتنفيذ بنودة بعد ان كانوا يتهربون من تلك الالتزامات ويتنصلون منها. ] لو استرجعنا تفاصيل المشهد اليمني خلال عام نجد أن كميات الأسلحة التي كانت بيد الانقلابيين كانت كبيرة وتفوق - منطقيًا - تسليح ميليشيات الحوثيين.. ما تعليقكم؟ -إن النظام الديكتاتوري العسكري القبلي الذي حكم اليمن لـ33 عامًا لم يقدم أي شيء في المجالات التنموية، والانجازات الوحيدة التي حققها هي بناء جيش يحمي هذا النظام، وشراء اسلحة وقوات عسكرية، واستخدم الظروف الطبيعية لليمن في اخفائها في الجبال والأنفاق، وكانت معظم موارد اليمن تذهب لتأمين بقائه هو وأسرته في الحكم، أما الشعب الذي يصل تعداده الى 25 مليون نسمة يتضورون جوعًا عندما نتحدث عن أكثر من 60% من الشعب اليمني تحت خط الفقر، لقد أصبح اليمن قبل العمليات العسكرية واحدًا من أكثر الدول الفاشلة ووضع تحت إشراف الامم المتحدة من حيث المساعدات التنموية كي لا تسقط الدولة وتنهار. ] ما الذي يؤخر تحرير صنعاء؟ - صنعاء وضعها مختلف كونها هي والمناطق المحيطة بها بيئة حاضنة لـالحوثيين وأنصار علي عبدالله صالح، والقوات المسلحة التي بناها صالح للانقلاب على الشرعية من هذه المناطق وعلى اساس قبلي تقدم الولاء له، هذه المناطق يحيط بها تعقيدات جغرافية، وبالتالي تحرير صنعاء يحتاج اختراق مناطق كثيرة، فهناك من يرى ان تحرير صنعاء مرتبط بحسم المعارك في مناطق اخرى مثل تعز التي تمثل بوابة تحرير العاصمة من الانقلابيين وحرمانهم من ورقة الضغط الانساني والسياسي نظرًا لاهمية تعز الجيو- سياسية، بالاضافة الى انها تعد ورقة سكانية ويتواجد بها كميات هائلة من العتاد العسكري الذي جمعوه وكدسوه في فترات سابقة، لذلك يتطلب الامر خلخلة الجبهات الداخلية وسحب البساط بالتدريج من تحت أقدام الانقلابيين لضمان نجاح عملية التحرير. هذا الوضع ايضًا يحتاج لتفاهمات مع رؤساء القبائل الموجودة هناك، لتفادي سقوط ضحايا كبيرة، لذلك كان هناك راهنات على المفاوضات الدولية وكذلك اجتماعات الكويت المزمع انطلاقها في 18 أبريل الجاري والهدنة التي ستسبقها ابتداءً من 10 أبريل في هذا الاتجاه ومما سيتم بحثه هو كيفية التزام الانقلابيين بتنفيذ بنود القرار الاممي 2216 ووضع آلية تنفيذ لذلك حسب تأكيدات المبعوث الاممي ومنها الانسحاب من كافة المدن اليمنية، وتسليم الاسلحة واتخاذ الاجراءات المناسبة لاستعادة مؤسسات الدولة الى الشرعية وإطلاق سراح كافة الاسرى، بلا شك انه اذا عقدنا المقارنة بين لقاءاتهم الاولى في جنيف والآن ومسارعتهم بمحاولة الوصول الى اتفاقيات في الرياض وهذا لم يكن ليتحقق لولا تحقق هزائمهم المتلاحقة في عدة مناطق. ] إلى أي مدى يمكننا أن نتفاءل بالتزام حقيقي من الحوثيين والانقلابيين وتنفيذ انسحابات من بقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم؟ - نحن متفائلون بمفاوضات الكويت، نحن لا نقول حوارات بل مشاورات لتنفيذ مقررات مجلس الأمن وما تضمنه من انسحاب الحوثيين من المدن بما فيهم صنعاء وتسليم الاسلحة وتمكين الدولة من إعادة سيطرتها على مرافق الدولة، وتمكين الإغاثة والجانب الانساني وعدد من القضايا حول الاسرى، هذه الإجراءات التي تضمنها القرار هي التي سيتم بحثها في الكويت وما اذا تمت هذه الخطوة يتم بعدها ترتيب الحوار السياسي حول ترتيب النظام والانتقال السياسي، لكن الامل كبير، لأن مبعوث الامين العام للأمم المتحدة يؤكد ان الانقلابيين جادون في تنفيذ القرار. ] لا يختلف اثنان على أن ما فعله الحوثيون ومرتزقة علي عبدالله صالح بشع جدًا، لكن في النهاية الحوثيين هم جزء من النسيج الاجتماعي في اليمن.. بتقديركم ما مستقبل الحوثيين في المشهد السياسي اليمني؟ - بتقديري الشخصي، الحوثيون هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي اليمني والحوثيون هم حركة سياسية وليست طائفية بل هي أقرب لمشروع سياسي على غرار حزب الله في لبنان أي احد أذرع ايران، لقد سعت ايران لصناعة حزب الله جديد في اليمن علمًا ان نسبة الحوثيين لا تتجاوز في اليمن 2%. لكن القوة العسكرية التي ساند بها علي عبدالله صالح للحوثيين هي من جعلتهم يبدون قوة كبيرة في اليمن. ] قبل أيام قليلة أعلنت القوات البحرية الأمريكية عن ضبط شحنة أسلحة من إيران مهربة إلى الحوثيين.. ما مستقبل بقاء النفوذ الإيراني في اليمن؟ - إيران تتدخل في اليمن وفي كل دول الجزيرة العربية، وقبل هذه الشحنة ضبط الفرنسيون أيضًا شحنة أسلحة ايرانية، ايران تحرص على خلق بؤر صراعات والاستمرار بإشعالها، وبالتالي كافة دعواتهم للسلام في اليمن ليست صادقة، نحن امام واقع جغرافي بالغ التعقيد، حيث هناك امتداد ساحلي طويل يمتد لـ2000 كم ونحن ليس لدينا القدرة العسكرية للسيطرة عليها، وحتى الآن لا زالت هناك موانئ تحت سيطرة الحوثيين وكذلك جزر في البحر الأحمر تحت سيطرة الحوثيين، وايران تستغل هذه الموانئ والجزر للقيام بعمليات التهريب، وبالتالي هناك عمليات يومية لتهريب الاسلحة حتى ان المساعدات الانسانية تم استغلالها لتهريب الاسلحة، ايران تصر على ان تبقى هذه المنطقة ساخنة وبالتالي لن ننتهي من هذا الوضع ما لم يتم القضاء على القوة العسكرية للحوثيين ومرتزقة صالح، والوضع لا ينحصر فقط بالسلاح فهناك عصابات تهريب مخدرات تعمل لصالح أطراف ايرانية وكذلك تهريب الوقود وايران تلعب دورًا سيئًا بانتشار هذه الانشطة غير الشرعية، واليمن تعاني من ذلك. ] طرح ملف اليمن على طاولة الاجتماع المشترك بين وزراء دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري والذي عقد نهاية الأسبوع الماضي في المنامة.. كيف تجدون الموقف الأمريكي والذي جدد فيه كيري موقف بلاده من إعادة الشرعية؟ - موقف الولايات المتحدة بشكل عام هو داعم للتحالف وإعادة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور، والولايات المتحدة كان لها دور بارز بدعم القرار الاممي 2216، والامل كبير، ما نتطلع اليه هو عدم ربط اليمن بتوازنات أخرى في المنطقة في المستقبل، نحن جزء من المنطقة وبالطبع لا نريد أن يكون أي تقارب امريكي - ايراني مستقبلاً على حساب مصالح دول الخليج واليمن، لأن وجود حالة من غض الطرف عن الممارسات الايرانية وعدم الضغط عليها بشكل كافٍ للتوقف عن تدخلاتها هو مساعدة لمشروع ايران. ] ماذا عن اليمن ما بعد العمليات؟ - يجب أولاً أن نتقدم بكل التقدير لما قدمه لنا أشقاؤنا الخليجيون من إسناد وتضحيات وشهداء ودعم لمواجهة انقضاض ايران على اليمن، لقد اختلطت دماء أشقائنا الخليجيين بدماء ابنائنا اليمنيين وهذا امر سيكتب بحروف من ذهب عبر التاريخ، نحن نؤمن ان عملية عاصفة الحزم وإعادة الامل ليست عمليات تقتصر فقط على الجانب العسكري بل هي عملية متكاملة تشمل مناحٍ مختلفة، وقد أثبتت هذه الازمة ان اليمن جزء اساسي ومؤثر في خاصرة الجزيرة العربية وعمق سكاني وأمني للجزيرة العربية فلن يترك اليمن لوحده وسيتم معالجة الكثير من القضايا الاقتصادية والتنموية. لابد بعد انتهاء العمليات العسكرية من بروز قوى جديدة ومؤثرة كالمقاومة الجنوبية واستحقاقات الانتقال السياسي السلمي وفقًا لكل تلك الأسس التي قامة عليها عمليات عاصفة الحزم وإعادة الامل والانتقال لمرحلة البناء ومواجهة الارهاب وبناء الدول الاتحادية المدنية الجديدة التي يحلم بها شعبنا في الشمال والجنوب وحل القضية الرئيسية القضية الجنوبية وفقًا لما يرتضيه ابناء تلك المحافظات واستعادة حقوقه ومكتسابته السياسية والامنية والحقوق الاقتصادية، نأمل ان يكون هناك مشروع مارشال خليجي يأخذ في الاعتبار إعادة الإعمار والتنمية ودور اليمن في العمق الاستراتيجي العربي. ] كيف تنظرون للقرارات الرئاسية الأخيرة لمنصبي نائب الرئيس ورئيس الوزراء؟ - القرارات الأخيرة تحظى بتأييد ودعم وارتياح وكانت ناتجة عن ضرورة فرضها تطورات الواقع، والتوازنات على الساحة اليمنية بهدف تحفيز مكانة ودور الحكومة اليمنية خاصة في ظل توسع المهام وتعددها وتنوع العمليات القتالية والامنية والخدماتية، واستحقاقات سياسية، وتوسيع الاهتمام بالجرحى وأسر الشهداء وإعادة الإعمار للبنية التحتية والنفسية والمهام الكبيرة وغيرها التي تقع على عاتق الحكومة وقيادة الدولة، بالطبع هناك مناطق لا زالت ترزح تحت احتلال الانقلابيين وهي بحاجة الى ان يمتد إليها دور الحكومة وخدماتها وإسنادها، اعتقد ان تعيينات الرئيس جاءت في وقت وظروف مناسبة جدًا. المصدر: تمام أبوصافي
مشاركة :