إذا عُدنا بالزمن إلى الوراء لآلاف السنين، ونظرنا إلى الإنسان ماذا يأكل، لوجدنا عاداته الغذائية تختلف عنّا تمام الاختلاف، ولذلك ابتكر البعض "حمية العصر الحجري" أو "حمية باليو" التي تتجنَّب الأطعمة المُصنَّعة، وتُحاوِل الاكتفاء بالمصادر الطبيعية للطعام كالفواكه، والخضراوات، واللحوم، والمكسرات، لكن هل هذه الحمية فعّالة في خسارة الوزن؟ وكيف تختار بينها وبين الحمية النباتية؟ هي حمية تتجنب الأطعمة المُصنَّعة تمامًا، وكذلك السكريات والأملاح، والأطعمة التي لم تكن متاحة للإنسان منذ آلاف السنين خلال العصر الحجري، وبدلاً من ذلك الاعتماد على الفواكه، والخضراوات، والمكسرات، والبذور، واللحوم. حمية باليو مفيدة للجسم من جميع النواحي، إذ تكتفي بالأطعمة الصحية - باستثناء الحبوب - وتبتعد تمامًا عن الأطعمة المُصنّعة الحاملة لمخاطر لا حصر لها على صحة الإنسان، وبهذا الصدد تشمل فوائدها ما يلي: يُؤدِّي الاعتماد على الأطعمة الصحية، خاصةً الغنية بالبروتين كاللحوم، والمليئة بالدهون الصحية، مثل زيت الزيتون والأفوكادو إلى تعزيز الشبع، ومنع الإفراط في تناول الطعام، ومِنْ ثَمّ تقليل مدخول السعرات الحرارية إلى الجسم. كذلك تُشجّع حمية باليو على تناول الخضراوات الغنية بالألياف، التي بدورها أيضًا تُعزِّز الشبع وتُبطِئ عملية الهضم، ما يُساعِد في تجنُّب الإكثار من الأكل بما يتجاوز الاحتياج الحقيقي، وقد أشار موقع "healthline" إلى أنَّها خيار مناسب لخسارة الوزن لمن لا يرغبون في عدّ السعرات الحرارية. تُقيِّد حمية باليو بعض أنواع الكربوهيدرات، وليس كلُّها، مثل الحبوب، ومعلومٌ أنَّ الكربوهيدرات تزيد مستويات السكر في الدم، إذ تتفكَّك داخل الجسم إلى سكر الغلوكوز. الأمر الثاني أنَّ معظم أطعمة حمية باليو غنية بالبروتين والدهون الصحية، ما يعني إبطاءً لعملية الهضم، ومحافظةً على مستويات السكر ثابتة في الدم دون أن تزيد إلى مستويات خطيرة، كما تُساعِد حمية باليو أيضًا على زيادة حساسية الأنسولين. تُعدّ حمية باليو من الأنظمة الغذائية المُفيدة لصحة القلب؛ لأنّها تُساعِد على تقليل ضغط الدم، وخفض مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار، وتعزيز مستويات الكوليسترول الجيد في الدم، وكلُّ ذلك يصبُّ في مصلحة القلب مباشرةً، حسب "draxe". الالتهابات هي رد فعل الجسم الطبيعي تجاه الأجسام الغريبة والميكروبات الدخيلة والجراثيم المنيعة، لكنّ استمرار هذه الالتهابات بصورةٍ مزمنةٍ، يُهدِّد صحة الإنسان بأمراضٍ مزمنة قد تُصِيبه ولو بعد حين، بل إنّ هذه الالتهابات المزمنة هي منبع الأمراض الخطيرة، مثل السرطان وأمراض القلب، ومرض السكري. تمتلئ حمية باليو بكثيرٍ من الأطعمة المُضادة للالتهابات، مثل الفواكه والخضراوات، والبذور والمكسرات، فالفواكه والخضراوات مثلاً زاخرة بمضادات الأكسدة التي تُطارِد الشوارد الحرة المُساهمة في كثيرٍ من التهابات الجسم. قد يُساعِد تخفيف الالتهابات الناجم عن حمية باليو في تخفيف بعض أعراض الأمراض المناعية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض الذئبة الحمراء، أو التهاب القولون التقرُّحي. اقرأ أيضًا:رجيم التمر واللبن.. طريقك السريع لخسارة الوزن يُسمَح في حمية باليو بتناول كثيرٍ من الأطعمة، مثل: أمَّا الأطعمة التي ينبغي تجنُّبها حال الالتزام بحمية باليو، فتضمُّ ما يلي: رغم فوائد حمية باليو فإنّها لا تخلو من بعض العيوب، وبالتأكيد أي إنسانٍ سيستفيد صحيًا مع الحدّ من تناول الأطعمة المُصنّعة، وزيادة تناول الفواكه والخضراوات، وهو الحاصل في حمية باليو. لكن حمية باليو تمنع تناول بعض الأطعمة المليئة بالعناصر الغذائية، مثل البقوليات الغنية بالبروتين والألياف، وكذلك المُغذّيات زهيدة المقدار كالحديد، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، وحمض الفوليك. كذلك تتجنّب حمية باليو تناول منتجات الألبان التي تمد الجسم بالكالسيوم، والفوسفور، وفيتامين د، ما قد يُؤثِّر سلبًا في صحة العظام. وتُركِّز حمية باليو على تناول اللحوم. صحيحٌ أنَّ تناول اللحوم، باعتدال، مفيد جدًا لصحة الجسم، لكن الإكثار منها ليس بنفس الفائدة، بل قد يضر، فقد ربطت بعض الدراسات بين الإفراط في تناول اللحوم الحمراء وزيادة خطر الوفاة والإصابة بسرطان القولون والمستقيم. لذلك ينبغي وضع هذه الأمور في الحُسبان قبل الانخراط في حمية باليو، ومعرفة فوائدها، وما تحمله من مخاطر يمكن تفاديها بإكمال العناصر الغذائية الناقصة عبر استشارة اختصاصي التغذية؛ لتحديد السبل المناسبة لذلك. هناك فروق واضحة بين حمية باليو والحمية النباتية، سواءٌ في الأطعمة المسموحة في كل منهما أو الممنوعة، لكنّهما من الأنظمة الغذائية التي يتبعها بعض الناس رغبةً في خسارة الوزن الزائد، وكلاهما من الأنظمة الصحية بلا شك على الرغم من وجود بعض العيوب في كل منهما بالتأكيد، وقد أشارت كلية الطب بجامعة هارفارد "Harvard Medical School" إلى الفرق بين الحميتين على النحو التالي: يعتمد كلا النظامين الغذائيين على تناول أطعمة صحية، والابتعاد عن الأطعمة المُصنَّعة قدر الإمكان، ويُوفِّران قدرًا لا بأس به من العناصر الغذائية الضرورية للجسم. اقرأ أيضًا:«حمية العامل F».. نظامك الغذائي للعام الجديد سواءٌ أردت الاستمتاع بحمية باليو أو الحمية النباتية، أو لم ترغب الاعتماد على الأنظمة الغذائية الشائعة، فهذه قواعد عامّة للتغذية الصحية: تُوفِّر الأطعمة النباتية - مثل الفواكه والخضراوات، والبقوليات والحبوب الكاملة، والبذور والمكسرات- ثروة هائلة من المعادن والفيتامينات الضرورية لصحة الجسم، وكذلك مضادات الأكسدة الداعمة للمناعة ذات النشاط المُكافِح للسرطان؛ لذا يُفضّل أن يحتوي نصف طبقك في كل وجبة على طعامٍ نباتي. يُساعد البروتين في بناء أنسجة الجسم، وخصوصًا العضلات لمن يُمارِسون التمارين الرياضية، ومصادر البروتين كثيرة كالأسماك والمأكولات البحرية والدواجن، بل حتى المصادر النباتية، مثل البقوليات والمكسرات تُوفِّر قدرًا معقولاً من البروتين. تتسبَّب الأطعمة المُصنَّعة في زيادة الوزن وارتفاع مستويات السكر والكوليسترول في الدم، وهي ما تجعلك بحاجةٍ في نهاية المطاف إلى اتّباع نظامٍ غذائي صحي، فعملية تصنيع الأطعمة تُجرِّدها من العناصر الغذائية وتُضِيف إليها كميات زائدة من الدهون والسكريات والأملاح، ناهيك عن المواد الحافظة أيضًا. تُوصِي إرشادات التغذية للأمريكيين بأن تُمثِّل الدهون المُشبّعة أقل من 10% من السعرات الحرارية اليومية، وكذلك السكر المُضاف، فلو كُنت تحصل على 2,000 سعر حراري يوميًا، ينبغي ألّا يتجاوز السكر المضاف 200 سعر حراري. أمَّا الأملاح المُمثَّلة في الصوديوم، فالأفضل أن يظل استهلاكه أقل من 2,300 مغم يوميًا.
مشاركة :