اخلع نعليك إنك في حضرة خرائط سيناء ترتق انشقاق التاريخ وهو يستعيد تغريبة القوافل العربية بعد تيه طويل داخل صحراء الضياع والتصدع. بلاد العُرب تخرج من النشيد الساذج الذي كان يردده قومجية الستينات عندما كانوا يهيمون في أرض الشعارات ويقولون ما لا يفعلون، وظلت الشعوب العربية تستمع إلى صوت المعارك فلا صوت وقتها يعلو فوق صوت المعركة، ولكن الشعوب العربية المخذولة تريد الآن أن تجرب صوت المصنع الذي يضع الطعام فوق مائدة الجياع، والحقل الذي يرسل سلاله إلى قلب الصحراء، والأكاديمية التي تخصب العقول، المستشفى الذي يرمم ذل الطوابير.. دعهم فالحلم العربي هو أمل لا شفاء منه. جسر الملك سلمان الذي يرتق انشطار قارتين، حلم صريح إلى حدود البهجة، ولاسيما أنه تمخض عن وعثاء خريطة دبرت بليل، خرائط الفوضى الخلاقة التي تريد أن تساوي كل ما ارتفع ونبا على الأرض ليصبح موازياً لحطام 11 سبتمبر، حلم الغرفات الداخلية للبنتاجون وما تحت الطاولات التي تقايض الهواء بالقواعد العسكرية. مصر والسعودية تخرجان من الوغى وقد تجذرتا في الأرض عميقاً، تمر العاصفة فتقتلع مدن الصفيح وتبقى أعمدة الممالك العريقة لها ملامح الأبد، بينما تنغمر الشعوب في حياكة أشرعة المستقبل. إنه النفير باتجاه المستقبل، فليبحث كل منا على مكانه داخل جيش لجب يقصد الغد، تأملوا تحت مواضع الأقدام فمن هناك سينبجس الماء، وسيجري الينبوع. جسر يربط قارتين ماذا يعني: -مساحة هائلة مستقرة سياسياً، نشطة تنموياً، متماسكة أمنيا، عصية على الطموحات الإقليمية التوسعية وخرائط الإمبراطوريات السرية. -مساحة خصبة للاستثمار في الموارد البشرية والطبيعية والتأسيس للاقتصاديات الكبرى التي تجتذب المقدرات والفرص، ليستعيد المكان مشروع النهضة العربية الكبرى. -مساحة مزدهرة اقتصادياً، عصية على المزايدات والاضطرابات الداخلية التي تدخل من شقوق الفقر والفساد والارتباك التنموي، لتصمت أبواق مزايدات التيارات الرجعية والطائفية والتطرف، ويصبح الحلم ميداناً متاحاً للجميع. جسر يربط بين قارتين.. كم هو مهيب أن نرى التاريخ يصنع أمام أعيننا. omaimakhamis@yahoo.com لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net
مشاركة :