لن يَطوي تَسَلُّمُ جثمان منسّق حزب «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان من سورية وتشييعه المرتقَب يوم الجمعة صفحة جريمةٍ كادت أن تكون «عود الثقاب» الذي يُشْعِل صِداماً أهلياً، سواء بـ «صاعق» عامل النزوح السوري أو وضعية «حزب الله» خارج الشرعية. وليس عابراً أن يُزجّ لبنان في نَفَقٍ هو الأخطر وبدا معه السلم الأهلي على المحكّ، عشية ذكرى الحرب المشؤومة التي اندلعت في 13 ابريل 1975 و«أقلعتْ» على متن بوسطة عين الرمانة التي دفعتْ بالبلاد حينها نحو هاويةِ الاقتتال بقوة دفْعٍ من العنصر الفلسطيني وتفلُّته من كل الضوابط وأيضاً من التناقضات الداخلية بخلفياتِ خياراتٍ وتموْضعات إقليمية كما اختلال النظام السياسي وعدم تشكيله «خيمة» تَجْمع مختلف المكوّنات اللبنانية تحْتها بالتساوي. وما جَعَلَ قتْل سليمان على يد ما قيل إنها عصابة سرقة سيارات (أوقف أعضاء سوريين فيها 4 منهم أساسيون في الجريمة) والذي تَكَشَّفَ مصيرُه الأسود مساء الاثنين يكتسب طابعاً ما فوق عادي، إلى جانب ارتداداته في السياسة حيث استعيدت بأعلى صورة «متاريس» الصراع بين «حزب الله» ومعارضيه، وفي الشارع الذي تَطايَرَ «غليانُه» في اتجاهِ الوجود السوري في لبنان، يتمثّل في أن الجريمة وضعت البلاد سريعاً «بين ناريْ» حرب المشاغَلة في الجنوب والتي تُسابِقُ جهودَ سحْب فتيل انفجارها الواسع بقرارٍ اسرائيلي، واحتمالاتِ انزلاق الحادثة التي استهدفتْ المسؤولَ «القواتي» (يوم الأحد) إلى المحظور في ضوء أبعادها المعقّدة ووقائعها الأولية التي أفضت إليها التحقيقات (تتم مع 9 موقوفين) والمدجّجة بمعطياتٍ لم تكتمل كل خيوطها بعد رغم توقيف ضالعين مباشرين في الجريمة. الجريمة... قراءة في «كتابيْن» وقد بدت «القراءات» للجريمة وكأنها في «كتابيْن»، واحد تقني أمني يقود إلى «جريمة عادية» طبعتْها «مصادفة» أوقعتْ «قرعة» السرقة على سليمان من دون أي علم بهويته قبل أن ينقلب السطو المسلّح إلى قتْلٍ «وليد لحظته»، وآخَر سياسي يرتكز على «ارتياب مشروع» مما وصفه أصحابه «صُدفاً غير بريئة» و«لا يقبلها عقل جنائي» وصولاً لاعتبار ما جرى «اغتيالاً سياسياً» - ربْطاً بالموقع الحزبي للمغدور - تخفّى بعصابةِ سرقةٍ وذلك «حتى ثبوت العكس». وفي هذا الإطار، تقاطعت رواياتُ مصادر أمنية عند أن ما جرى مع سليمان في جبيل يندرج في إطار السرقة، ناقلة عن الموقوفين الضالعين أن هدفهم في ذلك اليوم كان سرقة سيارات من طرازات فخمة نسبياً على أن تتم ملاحقة تلك التي يقودها سائق بمفرده، وأنه قبل قطْع الطريق على مسؤول «القوات» حاولت العصابة سرقة سيارتين تمكّن أصحابهما من النفاذ، إلى أن وصلت سيارة سليمان الذي أُرغم على التوقف وجرى تبادُل كلام مع قاطِعي طريقه عن سبب فعلتهم. ولكن تبايناً برز في رواية المصادر الأمنية في ما خص كيف قُتل سليمان: بحسب ما أوردت صحيفة «النهار» فإنه لدى محاولة سليمان مقاومة أفراد العصابة كلامياً، أقدم أحد أفرادها على ضربه على رأسه، وانطلقوا به في السيّارتين (سيارته جيب أودي وسيارة العصابة)، وكان عددهم أربعة أشخاص وأنه في الطريق، تابع سليمان مقاومته، فانهالوا عليه بالضرب على رأسه حتى شُلّت قواه، وغاب عن الوعي نتيجة ذلك، فتابعوا طريقهم، ومعهم الضحية الذي تبيّن لهم أنه فارق الحياة. وانتقلوا بسيارته إلى القصر، وهي منطقة على الحدود اللبنانية - السورية، حيث سلّموه جثّةً إلى مجموعة أخرى من هذه العصابة، فنقلته والسيّارةَ إلى الداخل السوري. في المقابل، ذكرت صحيفة «الأخبار» أن التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش أظهرت أنه أثناء مغادرة باسكال سليمان من واجب عزاء في بلدة الخاربة، اعترضت طريقه سيارة بيضاء تقل أربعة مسلّحين، وأنزلوه من سيارته وضربه أحدهم بـ«كعب» مسدس لدى محاولته مقاومتهم، ما أدى إلى وفاته على الفور. وفي عودة إلى تقاطُع الروايات، فإن الضالعين في الجريمة أكدوا رداً على سبب نقل سليمان الى سورية أن هدفهم كان نقله مسافة في داخل لبنان وتركه، لكنهم عدلوا عن ذلك عندما وجدوا أن الضحيّة فارق الحياة، فارتبكوا. وتلافياً لكشف جريمتهم، نقلوه معهم، مشددين على أنهم كانوا يجهلون هويّة الموقوف، وطبيعة عمله السياسي أو الوظيفي (مسؤول قسم المعلوماتية في أحد المصارف). ووفق ما سُرب عن التحقيقات فإن طرفَ الخيط في توقيف الفاعلين كان العثور على هاتف سليمان وتتبع داتا الاتصالات الذي أفضى إلى رصد رقم هاتف في منطقة القلمون كان ناشطاً في المنطقة التي خُطف فيها الضحية، ما قاد الى توقيف أحد أفراد العصابة الذي أعطى أسماء شركائه. كما أن أحد الذين ينشطون في التهريب عبر أحد المعابر تَواصَل مع استخبارات الجيش فور تفاقم القضية، وأفاد بمعلومات حول أسماء الخاطفين الذين دفعوا له لتمرير السيارة إلى الداخل السوري، وأنه في ضوء التواصل مع الأمن السوري أُوقف الثلاثة واعترفوا بأن باسكال «مات معنا ورمينا جثَته على الطريق». «القوات» تصوّب على «حزب الله» وفي «الكتاب» السياسي، لم تقنع هذه الرواية أفرقاء في المعارضة اللبنانية ولا سيما حزب «القوات»، وخبراء جنائيين تساءلوا عن قدرة عصابة سوريّة على التحرّك بهذه «الثقة» و«العقل البارد» رغم أن عملية الخطف انكشفت مباشرة كون سليمان كان على الهاتف مع أحد أصدقائه حين تم قطع الطريق عليه، وكيفية نقل جثة في سيّارةٍ لمسافة طويلة من جبيل الى بلدة القصر الحدودية (قضاء الهرمل - بعلبك) ثم الى داخل سورية من دون أن يخشى «السارقون» توقيفهم، ناهيك عن سبب ضرْب المسؤول القواتي بدايةً ثم اقتياده في السيارة عوض الاكتفاء بترْكه على جانب الطريق منذ أن نجحوا في اعتراضه، وهو لم يكن مسلّحاً، من دون إغفال علامات الاستفهام حول آثار الضرب المبرح الذي ظهر على جثته وفق ما عبّرت عنه مشاهد الفيديو الذي جرى تداوله للمغدور داخل الأراضي السورية. وفي ما بدا إحاطة للجريمة من مختلف جوانبها واعتبار أنها نتيجة «مشكلة واحدة أمّ»، أكدت «القوات» أنّ «التحقيق في جريمة قتل الشهيد باسكال سليمان يجب أن يكون واضحاً وشفافاً وعلنيّاً وصريحاً ودقيقاً بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعتبر أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة». وشددت على «أنّ ما أدى إلى عملية الاغتيال هذه بغض النظر عن خلفياتها عوامل جوهرية وأساسية، أوّلها وجود «حزب الله» بالشكل الموجود فيه بحجة ما يسمى مقاومة أو حجج أخرى، وهذا الوجود غير الشرعي للحزب أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، الأمر الذي أفسح في المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح. فالمشكلة الأساس إذًا تكمن في جزيرة«حزب الله»المولِّدة للفوضى، وما لم يعالَج وضع هذه الجزيرة، فعبثًا السعي إلى ضبط جزر الفلتان. فهذه العصابات موجودة ولكنها تتغذى من عامل تغييب الدولة». وأضافت: «العامل الثاني يتمثّل بالحدود السائبة التي حوّلها «حزب الله» إلى خطّ استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود، وما لم تُقفل المعابر غير الشرعية وتُضبط المعابر الشرعية فستبقى هذه الحدود معبراً للجريمة السياسيّة والجنائيّة وتهريب المخدرات والممنوعات». وتابعت: «العامل الثالث يتمثّل في«خصي»إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها من خلال منعها من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة، أو في أي أمر يتعلق بأي شخص ينتمي إلى محور الممانعة». وأكّدت «أنّها تنتظر انتهاء التحقيق وبأسرع وقت لتبني على الشيء مقتضاه»، مشددة على وجوب «العبور إلى الدولة الفعلية التي تبسط فيها وحدها سيادتها على كل أراضيها، والتي لها وحدها حصرية السلاح». وفي سياق متصل، أفادت مصادر «القوات» التي تحدثت عن «خطوات لاحقة» في الأيام المقبلة بأن «الرواية الأمنية المتناقضة بكل حلقاتها حول عملية الخطف وصولاً إلى اكتشاف جثة الشهيد باسكال لم تكن مقنعة لأنها ربطت الجريمة بسرقة السيارة، وهذه الرواية بكل فروعها طرحت تساؤلات إضافية ورسّخت القناعة بأن الجريمة ليست مجرد عملية سطو بسيطة يمكن أن تمرّ مرور الكرام وهو ما يذكّر بأسلوب وجرائم سابقة». وفي موازاة ذلك، كان وزير الداخلية بسام مولوي يعلن بعد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن المركزي بحضور قادة من الأجهزة الأمنية والعسكرية «ان الضالعين في جريمة قتل باسكال سليمان تعاونوا مع مطلوب في سورية والدولة تقوم بواجباتها السياسية بالنسبة لموضوع النزوح السوري ولن نقبل ببقاء السوريين في لبنان مقابل مكاسب ماليّة»، لافتاً إلى أنّ «السيارة المُستخدمة في العمليّة سُرقت من الرابية قبل أيّام، والتحقيقات ستكشف خلفيات الجريمة وهي تجرى بشكلٍ احترافي وشفّاف». وأضاف: «الفاعلون موقوفون، وخيوط الجريمة ستُكشف وكذلك خلفياتها ومَن يقفف وراءها». بكركي محور زيارات بارزة وعلى وقع إدانات واسعة لقتل سليمان من مختلف القوى السياسية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي تحدث عن «تصفية» للمسؤول القواتي في بيانٍ تم تعديله لاحقاً، تحوّلت بكركي محجة لمسؤولين أمنيين تقدّمهم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي التقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ووضعه في أجواء ما خلصت اليه التحقيقات الاولية، قبل أن يزور رأس الكنيسة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وزار بكركي ايضاً نائبا «القوات» ملحم رياشي وزياد حواط، بعدما كان البطريرك الراعي أعلن في بيان أنه تلقى «بألم كبير ككل اللبنانيين المخلصين مأساة خطف واغتيال العزيز بسكال سليمان، وكنا نأمل جميعاً ان يكون حياً، وهذا ما قيل في البداية». ولفت إلى انه «في هذا الظرف الدقيق والمتوتر سياسياً وأمنياً واجتماعياً ندعو الى التروي وضبط النفس، طالبين من القضاء والقوى الأمنية القيام بالواجب اللازم وإنزال أشد العقوبات بالمجرمين، ونطلب من وسائل الإعلام مشكورة عدم إطلاق تفسيرات مغلوطة وتأجيج نار الفتنة. ان زوجته المفجوعة أعطت اللبنانيين امثولة عظيمة بردة فعلها "نحن أبناء القيامة، أبناء الرجاء. ولم تتلفظ بعبارة ثأر او قتل. حمى الله لبنان وشعبه من الأشرار». وكانت جبيل شهدت اثر شيوع خبر مقتل سليمان حالة من التوتر حيث عمد مناصرون لـ «القوات» الى قطع الطرق، وتكسير سيارات تحمل لوحات تسجيل سورية، والاعتداء على سوريين، فيما سقط عدد من الجرحى في اشتباكات بين شبان من برج حمود ونازحين سّوريين، ما استوجب دعوات رسمية إلى ضبط النفس. كما سبق إعلان مقتل سليمان، الذي تسلّم الصليب الأحمر اللبناني جثمانه بعد ظهر أمس من أحد مستشفيات حمص، على أن يكون التشييع الجمعة في جنازة يترأسها البطريرك الراعي، (بعد تشريح الجثة بمشاركة من أطباء من «القوات اللبنانية») موقف عالي النبرة من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اعتبر فيه رداً على ما قال إنها اتهامات وُجهت الى حزبه بالعملية ان «كشف مصير المخطوف فضيحة حقيقية لحزبي القوات والكتائب تظهر أنهم ليسوا أهل حق وحقيقة وأنهم أصحاب فتن يبحثون عن الحرب الأهلية». لن يَطوي تَسَلُّمُ جثمان منسّق حزب «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان من سورية وتشييعه المرتقَب يوم الجمعة صفحة جريمةٍ كادت أن تكون «عود الثقاب» الذي يُشْعِل صِداماً أهلياً، سواء بـ «صاعق» عامل النزوح السوري أو وضعية «حزب الله» خارج الشرعية.وليس عابراً أن يُزجّ لبنان في نَفَقٍ هو الأخطر وبدا معه السلم الأهلي على المحكّ، عشية ذكرى الحرب المشؤومة التي اندلعت في 13 ابريل 1975 و«أقلعتْ» على متن بوسطة عين الرمانة التي دفعتْ بالبلاد حينها نحو هاويةِ الاقتتال بقوة دفْعٍ من العنصر الفلسطيني وتفلُّته من كل الضوابط وأيضاً من التناقضات الداخلية بخلفياتِ خياراتٍ وتموْضعات إقليمية كما اختلال النظام السياسي وعدم تشكيله «خيمة» تَجْمع مختلف المكوّنات اللبنانية تحْتها بالتساوي. مصر تنفي وجود مقترح أميركي لقيامها بتفتيش النازحين العائدين إلى شمال غزة منذ 13 دقيقة استشهاد 3 من أبناء إسماعيل هنية وعدد من أحفاده بقصف إسرائيلي على غزة منذ 34 دقيقة وما جَعَلَ قتْل سليمان على يد ما قيل إنها عصابة سرقة سيارات (أوقف أعضاء سوريين فيها 4 منهم أساسيون في الجريمة) والذي تَكَشَّفَ مصيرُه الأسود مساء الاثنين يكتسب طابعاً ما فوق عادي، إلى جانب ارتداداته في السياسة حيث استعيدت بأعلى صورة «متاريس» الصراع بين «حزب الله» ومعارضيه، وفي الشارع الذي تَطايَرَ «غليانُه» في اتجاهِ الوجود السوري في لبنان، يتمثّل في أن الجريمة وضعت البلاد سريعاً «بين ناريْ» حرب المشاغَلة في الجنوب والتي تُسابِقُ جهودَ سحْب فتيل انفجارها الواسع بقرارٍ اسرائيلي، واحتمالاتِ انزلاق الحادثة التي استهدفتْ المسؤولَ «القواتي» (يوم الأحد) إلى المحظور في ضوء أبعادها المعقّدة ووقائعها الأولية التي أفضت إليها التحقيقات (تتم مع 9 موقوفين) والمدجّجة بمعطياتٍ لم تكتمل كل خيوطها بعد رغم توقيف ضالعين مباشرين في الجريمة.الجريمة... قراءة في «كتابيْن»وقد بدت «القراءات» للجريمة وكأنها في «كتابيْن»، واحد تقني أمني يقود إلى «جريمة عادية» طبعتْها «مصادفة» أوقعتْ «قرعة» السرقة على سليمان من دون أي علم بهويته قبل أن ينقلب السطو المسلّح إلى قتْلٍ «وليد لحظته»، وآخَر سياسي يرتكز على «ارتياب مشروع» مما وصفه أصحابه «صُدفاً غير بريئة» و«لا يقبلها عقل جنائي» وصولاً لاعتبار ما جرى «اغتيالاً سياسياً» - ربْطاً بالموقع الحزبي للمغدور - تخفّى بعصابةِ سرقةٍ وذلك «حتى ثبوت العكس».وفي هذا الإطار، تقاطعت رواياتُ مصادر أمنية عند أن ما جرى مع سليمان في جبيل يندرج في إطار السرقة، ناقلة عن الموقوفين الضالعين أن هدفهم في ذلك اليوم كان سرقة سيارات من طرازات فخمة نسبياً على أن تتم ملاحقة تلك التي يقودها سائق بمفرده، وأنه قبل قطْع الطريق على مسؤول «القوات» حاولت العصابة سرقة سيارتين تمكّن أصحابهما من النفاذ، إلى أن وصلت سيارة سليمان الذي أُرغم على التوقف وجرى تبادُل كلام مع قاطِعي طريقه عن سبب فعلتهم.ولكن تبايناً برز في رواية المصادر الأمنية في ما خص كيف قُتل سليمان:بحسب ما أوردت صحيفة «النهار» فإنه لدى محاولة سليمان مقاومة أفراد العصابة كلامياً، أقدم أحد أفرادها على ضربه على رأسه، وانطلقوا به في السيّارتين (سيارته جيب أودي وسيارة العصابة)، وكان عددهم أربعة أشخاص وأنه في الطريق، تابع سليمان مقاومته، فانهالوا عليه بالضرب على رأسه حتى شُلّت قواه، وغاب عن الوعي نتيجة ذلك، فتابعوا طريقهم، ومعهم الضحية الذي تبيّن لهم أنه فارق الحياة. وانتقلوا بسيارته إلى القصر، وهي منطقة على الحدود اللبنانية - السورية، حيث سلّموه جثّةً إلى مجموعة أخرى من هذه العصابة، فنقلته والسيّارةَ إلى الداخل السوري.في المقابل، ذكرت صحيفة «الأخبار» أن التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش أظهرت أنه أثناء مغادرة باسكال سليمان من واجب عزاء في بلدة الخاربة، اعترضت طريقه سيارة بيضاء تقل أربعة مسلّحين، وأنزلوه من سيارته وضربه أحدهم بـ«كعب» مسدس لدى محاولته مقاومتهم، ما أدى إلى وفاته على الفور.وفي عودة إلى تقاطُع الروايات، فإن الضالعين في الجريمة أكدوا رداً على سبب نقل سليمان الى سورية أن هدفهم كان نقله مسافة في داخل لبنان وتركه، لكنهم عدلوا عن ذلك عندما وجدوا أن الضحيّة فارق الحياة، فارتبكوا.وتلافياً لكشف جريمتهم، نقلوه معهم، مشددين على أنهم كانوا يجهلون هويّة الموقوف، وطبيعة عمله السياسي أو الوظيفي (مسؤول قسم المعلوماتية في أحد المصارف).ووفق ما سُرب عن التحقيقات فإن طرفَ الخيط في توقيف الفاعلين كان العثور على هاتف سليمان وتتبع داتا الاتصالات الذي أفضى إلى رصد رقم هاتف في منطقة القلمون كان ناشطاً في المنطقة التي خُطف فيها الضحية، ما قاد الى توقيف أحد أفراد العصابة الذي أعطى أسماء شركائه.كما أن أحد الذين ينشطون في التهريب عبر أحد المعابر تَواصَل مع استخبارات الجيش فور تفاقم القضية، وأفاد بمعلومات حول أسماء الخاطفين الذين دفعوا له لتمرير السيارة إلى الداخل السوري، وأنه في ضوء التواصل مع الأمن السوري أُوقف الثلاثة واعترفوا بأن باسكال «مات معنا ورمينا جثَته على الطريق».«القوات» تصوّب على «حزب الله»وفي «الكتاب» السياسي، لم تقنع هذه الرواية أفرقاء في المعارضة اللبنانية ولا سيما حزب «القوات»، وخبراء جنائيين تساءلوا عن قدرة عصابة سوريّة على التحرّك بهذه «الثقة» و«العقل البارد» رغم أن عملية الخطف انكشفت مباشرة كون سليمان كان على الهاتف مع أحد أصدقائه حين تم قطع الطريق عليه، وكيفية نقل جثة في سيّارةٍ لمسافة طويلة من جبيل الى بلدة القصر الحدودية (قضاء الهرمل - بعلبك) ثم الى داخل سورية من دون أن يخشى «السارقون» توقيفهم، ناهيك عن سبب ضرْب المسؤول القواتي بدايةً ثم اقتياده في السيارة عوض الاكتفاء بترْكه على جانب الطريق منذ أن نجحوا في اعتراضه، وهو لم يكن مسلّحاً، من دون إغفال علامات الاستفهام حول آثار الضرب المبرح الذي ظهر على جثته وفق ما عبّرت عنه مشاهد الفيديو الذي جرى تداوله للمغدور داخل الأراضي السورية.وفي ما بدا إحاطة للجريمة من مختلف جوانبها واعتبار أنها نتيجة «مشكلة واحدة أمّ»، أكدت «القوات» أنّ «التحقيق في جريمة قتل الشهيد باسكال سليمان يجب أن يكون واضحاً وشفافاً وعلنيّاً وصريحاً ودقيقاً بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعتبر أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة».وشددت على «أنّ ما أدى إلى عملية الاغتيال هذه بغض النظر عن خلفياتها عوامل جوهرية وأساسية، أوّلها وجود «حزب الله» بالشكل الموجود فيه بحجة ما يسمى مقاومة أو حجج أخرى، وهذا الوجود غير الشرعي للحزب أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، الأمر الذي أفسح في المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح. فالمشكلة الأساس إذًا تكمن في جزيرة«حزب الله»المولِّدة للفوضى، وما لم يعالَج وضع هذه الجزيرة، فعبثًا السعي إلى ضبط جزر الفلتان. فهذه العصابات موجودة ولكنها تتغذى من عامل تغييب الدولة».وأضافت: «العامل الثاني يتمثّل بالحدود السائبة التي حوّلها «حزب الله» إلى خطّ استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود، وما لم تُقفل المعابر غير الشرعية وتُضبط المعابر الشرعية فستبقى هذه الحدود معبراً للجريمة السياسيّة والجنائيّة وتهريب المخدرات والممنوعات».وتابعت: «العامل الثالث يتمثّل في«خصي»إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها من خلال منعها من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة، أو في أي أمر يتعلق بأي شخص ينتمي إلى محور الممانعة».وأكّدت «أنّها تنتظر انتهاء التحقيق وبأسرع وقت لتبني على الشيء مقتضاه»، مشددة على وجوب «العبور إلى الدولة الفعلية التي تبسط فيها وحدها سيادتها على كل أراضيها، والتي لها وحدها حصرية السلاح».وفي سياق متصل، أفادت مصادر «القوات» التي تحدثت عن «خطوات لاحقة» في الأيام المقبلة بأن «الرواية الأمنية المتناقضة بكل حلقاتها حول عملية الخطف وصولاً إلى اكتشاف جثة الشهيد باسكال لم تكن مقنعة لأنها ربطت الجريمة بسرقة السيارة، وهذه الرواية بكل فروعها طرحت تساؤلات إضافية ورسّخت القناعة بأن الجريمة ليست مجرد عملية سطو بسيطة يمكن أن تمرّ مرور الكرام وهو ما يذكّر بأسلوب وجرائم سابقة».وفي موازاة ذلك، كان وزير الداخلية بسام مولوي يعلن بعد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن المركزي بحضور قادة من الأجهزة الأمنية والعسكرية «ان الضالعين في جريمة قتل باسكال سليمان تعاونوا مع مطلوب في سورية والدولة تقوم بواجباتها السياسية بالنسبة لموضوع النزوح السوري ولن نقبل ببقاء السوريين في لبنان مقابل مكاسب ماليّة»، لافتاً إلى أنّ «السيارة المُستخدمة في العمليّة سُرقت من الرابية قبل أيّام، والتحقيقات ستكشف خلفيات الجريمة وهي تجرى بشكلٍ احترافي وشفّاف». وأضاف: «الفاعلون موقوفون، وخيوط الجريمة ستُكشف وكذلك خلفياتها ومَن يقفف وراءها».بكركي محور زيارات بارزةوعلى وقع إدانات واسعة لقتل سليمان من مختلف القوى السياسية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي تحدث عن «تصفية» للمسؤول القواتي في بيانٍ تم تعديله لاحقاً، تحوّلت بكركي محجة لمسؤولين أمنيين تقدّمهم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي التقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ووضعه في أجواء ما خلصت اليه التحقيقات الاولية، قبل أن يزور رأس الكنيسة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.وزار بكركي ايضاً نائبا «القوات» ملحم رياشي وزياد حواط، بعدما كان البطريرك الراعي أعلن في بيان أنه تلقى «بألم كبير ككل اللبنانيين المخلصين مأساة خطف واغتيال العزيز بسكال سليمان، وكنا نأمل جميعاً ان يكون حياً، وهذا ما قيل في البداية».ولفت إلى انه «في هذا الظرف الدقيق والمتوتر سياسياً وأمنياً واجتماعياً ندعو الى التروي وضبط النفس، طالبين من القضاء والقوى الأمنية القيام بالواجب اللازم وإنزال أشد العقوبات بالمجرمين، ونطلب من وسائل الإعلام مشكورة عدم إطلاق تفسيرات مغلوطة وتأجيج نار الفتنة. ان زوجته المفجوعة أعطت اللبنانيين امثولة عظيمة بردة فعلها "نحن أبناء القيامة، أبناء الرجاء. ولم تتلفظ بعبارة ثأر او قتل. حمى الله لبنان وشعبه من الأشرار».وكانت جبيل شهدت اثر شيوع خبر مقتل سليمان حالة من التوتر حيث عمد مناصرون لـ «القوات» الى قطع الطرق، وتكسير سيارات تحمل لوحات تسجيل سورية، والاعتداء على سوريين، فيما سقط عدد من الجرحى في اشتباكات بين شبان من برج حمود ونازحين سّوريين، ما استوجب دعوات رسمية إلى ضبط النفس.كما سبق إعلان مقتل سليمان، الذي تسلّم الصليب الأحمر اللبناني جثمانه بعد ظهر أمس من أحد مستشفيات حمص، على أن يكون التشييع الجمعة في جنازة يترأسها البطريرك الراعي، (بعد تشريح الجثة بمشاركة من أطباء من «القوات اللبنانية») موقف عالي النبرة من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اعتبر فيه رداً على ما قال إنها اتهامات وُجهت الى حزبه بالعملية ان «كشف مصير المخطوف فضيحة حقيقية لحزبي القوات والكتائب تظهر أنهم ليسوا أهل حق وحقيقة وأنهم أصحاب فتن يبحثون عن الحرب الأهلية».
مشاركة :