داعش على سواحل البحر الأبيض المتوسط

  • 4/11/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما كان الساحل الأفريقي الواقع جنوب البحر الأبيض المتوسط مصدر قلق أمني للقارة الأوروبية بشكل عام ولإيطاليا وفرنسا بشكل خاص لكثرة المتسللين من المهاجرين غير الشرعيين العابرين له ومنه ليصلوا إلى سواحله الشمالية وحياتهم الجديدة. واليوم زاد توجس أوروبا عامة وإيطاليا وفرنسا خاصة من ذلك الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط وزاد حذرهم وانتباههم بعد توسع وتمدد تنظيم داعش الإرهابي وانتشارهم على السواحل الليبية واستيلائهم على بعض المدن والمناطق هناك. ومن أهم هذه المدن والمناطق مدينة "سرت" الليبية التي أشارت تقارير أمنية إلى خضوعها الكامل لسيطرة تنظيم داعش لتكون ثالث مدينة عربية يحتلونها وتشكل مركزاً إقليمياً لهم وعاصمة أفريقية لقيادتهم بعد مدينة "الموصل" في العراق و"الرقة" في سورية. وبحسب تقارير أمنية للأمم المتحدة نشرت مؤخراً فإن أعداد المنتمين لداعش ليبيا حالياً يقدر بحوالي 5000 مقاتل على الأقل توافدوا إلى هناك قادمين من العراق وسورية لينضموا إلى رفاقهم الموجودين هناك مسبقاً ويعززوا من تواجدهم في ليبيا. وأوضحت تلك التقارير أنه وبسبب ضعف سيطرة القوة الأمنية لحكومة الوفاق المحلي الليبية التي تعاني من اختلافات وفوضى سياسية داخلية كبيرة ومستمرة فقد تمكن أفراد هذا النظيم الإرهابي من التسلل بكل سهولة والدخول والعودة إلى ليبيا. وكان رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" قد حذر في وقت سابق من التقدم الذي يحرزه تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا وبالأخص في مدينة "سرت" هناك مؤكداً أن التقارير الأمنية عنهم أشارت إلى أن إخفاق الحكومة الليبية هو ما ساعدهم على ذلك. وبدوره فقد نبه رئيس الوزراء الإيطالي "ماني ريتزي" أيضاً إلى الخطر الذي أصبح قريباً من أوروبا بشكل عام ومن السواحل الجنوبية لإيطاليا بشكل خاص وأوضح أن على القوى العالمية المسارعة في دحر داعش والسيطرة عليهم قبل فوات الأوان. ويبدو بأن تنظيم داعش وبعد خسارته للموصل في العراق وللرقة في سورية توجهت أنظارهم إلى سرت في ليبيا لتكون مركز قيادتهم القادم لتكون منطلقاً له في السيطرة على باقي المناطق الليبية وبالذات المناطق الغنية بالنفط لتعويض نقص موارده المالية. وبالسيطرة على سرت ومصراته القريبة منها الاستيلاء على الموارد النفطية هناك ومن ثم إعادة حشد وتنظيم قواته من جديد ومحاولة إظهار استمرار بقائه وتمدده فإن تنظيم داعش سيرسل رسالة للعالم بأنه ما زال موجوداً وقادراً على التصرف والتحرك. وبسبب ضعف القوى السياسية الليبية المنقسمة وتنافسها بصراع داخلي بينها استطاع داعش استغلال هذا الضعف واغتنامه ليعود إلى تلك المناطق التي انطلق منها سابقاً حيث يجب ألا ننسى أن داعش لم يخرج أساساً من ليبيا التي تعتبر من معاقله الرئيسية. وأيضاً بسبب ثأر قديم ومستمر مع القوى العسكرية الشرعية في ليبيا والتي أتت بعد انهيار الحكم السابق للقذافي فإن خطر داعش الداخلي وتهديده للأمن بشكل عام في مجمل المناطق والمدن الليبية وشنه لهجمات مباغتة قد يحدث في أي وقت. وإن حصل ذلك وتمكن داعش من التفوق والتقدم والسيطرة على موارد النفط وتعزيز مصادر دخله المالي فإن وصوله لبقية المناطق العربية ولأوروبا وشنه لهجمات مماثلة تعتبر مسألة فترة زمنية قصيرة المدى قبل أن يستيقظ العالم بغتة على وحشيتها. وبقدر ما يشكل تواجد داعش في ليبيا من خطر كبير باقترابه من أوروبا وتوسطه إقليمياً للقارة الأفريقية فإن هذه بالمقابل قد تكون فرصة للقوى العالمية للمسارعة في دحره وقهره والقضاء عليه في المكان الذي يعتبر آخر فرصة لتواجده وتكونه. ولكن حتى يتم ذلك فيجب أولاً وبعد حشد الجهود الدولية واتفاقها أن تتوحد وتنتهي الخلافات السياسية الداخلية في ليبيا حتى يتم التدخل الدولي للتحالف المكون حالياً من أجل القضاء على داعش هناك بطلب رسمي من حكومة الوفاق الليبي.

مشاركة :