مقالة خاصة: تشويش إسرائيل على نظام تحديد المواقع العالمي يعرقل عمل صيادي لبنان

  • 4/12/2024
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نجا الصياد اللبناني جمال يحيى من الموت بأعجوبة خلال عمله في صيد الأسماك في البحر بمدينة صور جنوب لبنان عندما تسبب التشويش الإسرائيلي على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) في تضليله على غرار صيادين آخرين باتوا في قلق وحيرة على مصير مورد رزقهم الوحيد. وعمدت إسرائيل منذ بدء الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي إلى التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي في أجزاء ومناطق داخل البلاد، لكن الأمر زادت حدته في الآونة الأخيرة في ظل تهديدات برد إيراني على هجوم إسرائيلي دمر القنصلية الإيرانية في دمشق وأودى بحياة قادة وضباط في الحرس الثوري الإيراني، وفق وسائل إعلام إسرائيلية ودولية. ونتيجة لذلك يشكو صيادو السمك في المناطق الساحلية بجنوب لبنان من أن التشويش الإسرائيلي على نظام (جي بي إس) يضللهم ويعرقل حركتهم في البحر ويحرمهم من مورد رزق يعتاشون منه في ظل الأزمة الاقتصادية في البلاد. وقال الصياد جمال يحيى لوكالة أنباء ((شينخوا)) "بالأمس وخلال رمي الشباك في بحر صور من علو 30 متراً معتمدا على نظام (جي بي إس) في تحديد مكان الرمية حدد الجهاز مكاناً خاطئاً بدا على عمق 100 متر بسبب التشويش، فخسرت الشباك وكدت أخسر المركب لولا العناية الإلهية". وتابع "تمكنت من النجاة هذه المرة من الموت المحتم بأعجوبة والعودة إلى الشاطئ، لكني بحيرة من أمري في العودة إلى العمل بالبحر ثانية أو أبقى بدون دخل يقي عائلتي المؤلفة من خمسة أفراد الجوع". وتقلصت حركة صيّادي الأسماك في هذه المنطقة بشكل حاد، وفق رئيس تعاونية الصيادين في منطقة صور/الناقورة رياض عطايا. وقال عطايا إنه "بعدما كان البحر يعج بالصيادين ليلا ونهارا أضحى اليوم شبه خال إلا من المغامرين العاجزين عن تأمين قوت عيالهم إلا من أسماكه". وحذر من "أن قطاع صيد السمك ونتيجة للتشويش والقصف الإسرائيلي المتمادي على المناطق الحدودية بات خطرا ومُرهَقًا". وعلى خلفية هذا الخطر بات أكثر من 200 مركبً للصيد في ميناء صور/الناقورة من القطاع الغربي من جنوب لبنان دون حركة، علما بأن ثمن المركب بحدود 4000 دولار، بحسب عطايا، مشيرا إلى "أن عدد الصيادين بحدود 500 صياد، لكن في ظل التشويش المتزامن مع الأعمال العسكرية أصبح العدد لا يتجاوز بضع عشرات". ويأخذ تأثير التشويش الإسرائيلي على نطام تحديد المواقع العالمي شكلين مختلفين، الأول فقدان الإشارة بشكل نهائي، والثاني وهو الأخطر وجود إشارة لكنها مغلوطة، إذ يظهر الفرق بين الموقعين الصحيح والخطأ لمسافة تتراوح بين 5 إلى 25 كيلومترا أو بعمق يتراوح بين 20 إلى 50 مترا، وفق ما أفاد مدير المركز اللبناني للغوص بجنوب لبنان يوسف الجندي. وقال الجندي لـ((شينخوا)) "إن أعمال التشويش لم تكن متواصلة بل تأتي على فترات متقطعة وغير محددة، وهنا الخطر الأكبر بحيث يدخل الصياد إلى البحر بشكل طبيعي مستعينا في حركته بنظام (جي بي إس) الذي ينقطع بشكل مفاجئ أو يتعرض للتشويش من أجهزة التشويش الإسرائيلية، مما يوقع الصياد بحالة إرباك يصبح عندها في ضياع وسط البحر عاجزا عن تحديد وجهته". وأردف قائلا إن "تعطيل حركة (جي بي إس) يرتد سلبا على الملاحة والغطس وعمل المساحين، إذ يعطي الجهاز إحداثيات مغلوطة تنقل حامله إلى أماكن خاطئة، وفي الكثير من الحالات تكون تأثيراتها صادمة على الصيادين بشكل خاص، إذ تحرم الصياد من شباكه أو توقعه في مشكلة بحرية يمكن أن تودي بحياته". وبجانب التأثير على قطاع الصيد، توقفت أيضا أعمال الغطس عند السواحل الجنوبية اللبنانية بسبب التشويش الإسرائيلي، إذ تتطلب تحديد الأماكن بدقة عبر نظام تحديد المواقع العالمي، وفق الجندي. وحذر الجندي من أن الشويش الإسرائيلي يهدد قطاع الصيد بالتعطيل وحرمان فئة كبيرة من أبناء الطبقة الفقيرة من مورد رزقهم الوحيد، معتبرا إياه "خطوة خطرة غير مسبوقة" من شأنها وضع صيادي الأسماك في المناطق الساحلية بجنوب لبنان في حالة قلق وخوف على مصيرهم في ظل اعتمادهم على عملهم اليومي في تأمين قوت عائلاتهم. وفي العادة كان الجيش الإسرائيلي في الحروب السابقة بجنوب لبنان يُحرّك زوارقه وفرقاطاته في المياه ويروّع الصيادين من خلال أعمال القنص، لكن في هذه الفترة ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي اختفت الزوارق الإسرائيلية من البحر وحل محلها التشويش على حركة الصيد والغواصين، بحسب الجندي. ولمواجهة هذا الأمر، تسعى الحكومة اللبنانية لمعالجته "على أعلى المستويات". وقال الجندي في هذا الإطار "لقد وضعنا وزير الأشغال العامة علي حمية، بصورة الوضع وشرحنا ما يتعرض له صيادو السمك من أذى نتيجة للتشويش الإسرائيلي، إذ تخلى الكثير منهم عن هذه المهنة الوحيدة التي يجيدونها منذ الصغر وباتوا عاطلين عن العمل". وأضاف "تلقينا وعدا من الوزير حمية بمعالجة هذا الوضع على أعلى المستويات، مشيرا إلى أن معالجة التشويش على صيادي السمك يسير بالموازاة مع معالجة التشويش على حركة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي". وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد طلبت في 22 مارس الماضي من بعثة لبنان بالأمم المتحدة تقديم "شكوى عاجلة" لمجلس الأمن الدولي بشأن ما وصفه "باعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية عبر التشويش على أنظمة الملاحة الجوية والبحرية". وقال وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية علي حمية في تصريح نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية مؤخرا إن شكوى لبنان إلى مجلس الأمن حول التشويش الإسرائيلي "جاءت استكمالاً لحملة توثيق الخروق والانتهاكات الإسرائيلية". وأضاف حمية "يحمل لبنان إسرائيل المسؤولية وتبعات أية حادثة أو كارثة تسببها سياسة إسرائيل المتعمدة بالتشويش على أنظمة الملاحة الجوية والأرضية والتعطيل المتعمد لأجهزة استقبال وبث الإشارات". وكشف الوزير اللبناني عن إقرار تأمين الاعتماد المالي المطلوب من إحتياطي الموازنة العامة إلى موازنة وزارة الدفاع الوطني لتمكين الجيش من المؤازرة التقنية والفنية والبشرية وتأمين ديمومة واستمرارية أعمال الملاحة الجوية والبحرية بكل أمان. لكن لحين تجنب تأثيرات التشويش الإسرائيلي يبقى الصيادون في لبنان في قلب الخطر، بعدما دفع النزوح الحاصل نتيجة للحرب والبطالة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية بالكثيرين للتوجه إلى مهنة الصيد تأمينا لمتطلبات الحياة. ويقول الصياد الستيني علي منتش لـ((شينخوا)) "إن هذه الفئة، وهم بالمئات أكثر تعرّضاً للخطر في ظل التشويش الحاصل لأنهم لا يحفظون خريطة البحر جيداً، ويعتمدون على نظام الـ جي بي إس في مهمّتهم، فيمكن أن يجرّهم التشويش نحو الجزر ويودي بحياتهم أو يلحق الضرر بمراكبهم". وأضاف "لا يكفي الصيادون ما يعانونه من وضع معيشي صعب حتى حلت عليهم هذه الكارثة الجديدة، فباتوا يغامرون بمراكبهم وبمعدات الصيد من أجل تأمين دخل يسد جوع عيالهم". وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل إطلاق نار وقصفا متبادلا بين حزب الله وفصائل مسلحة من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى منذ اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

مشاركة :