انطلقت اليوم أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل، الملتقى السنوي الأبرز في مجال الطاقة المستقبلية والاستدامة، التي تستضيفها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك) لثلاثة أيام، في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الخليج العربي أمطاراً غزيرة تؤكّد الحاجة الملحّة إلى التخفيف من آثار التغير المناخي والحدّ من تجاوز درجات الحرارة عتبة 1.5 درجة مئوية. وأشادت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيُّر المناخي، خلال الكلمة الافتتاحية للقمة بالتعاون الأخير لإطلاق خارطة الطريق لخفض درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية من قبل ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف المكون من دولة الإمارات والمضيفين التاليين لمؤتمر الأطراف، أذربيجان والبرازيل. كما حذرت من أن الحدّ من تغير المناخ العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي سيتطلب «مستوياتٍ عالية من التمويل».وقالت الشيخة شما: «ندرك أنه من غير الممكن تحقيق أهداف العمل المناخي بصورةٍ فردية، إذ نثق بقوة الأصوات المتنوعة لتعزيز سبل الحوار وتبادل المعارف لإيجاد حلول إبداعية للتحديات. وتغمرني هذه الروح المشتركة بالفخر بينما أقف معكم اليوم، إذ توفر منتديات مثل القمة العالمية لطاقة المستقبل هذا الأسبوع فرصاً بالغة الأهمية للجهات الفاعلة من مختلف القطاعات لتبادل الآراء وتحفيز العمل التعاوني. وتفتخر دولة الإمارات بقدراتها على بناء الجسور في كلّ مكان، ويسعدني جداً الإعلان عن ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف، فأنا على ثقة تامة بأن هذا التحالف الجديد سيعزز جهودنا نحو الحدّ من الانحباس الحراري العالمي تحت عتبة 1.5 درجة مئوية، مع ضرورة التـأكيد على الحاجة إلى مستوياتٍ غير مسبوقة من التمويل لتحقيق هذه الأهداف». وسلّطت الشيخة شما الضوء على إمكانات «التمويل المختلط»، والذي يعرف بكونه مزيجاً من التمويل العام الميسر مع رأس المال العام أو الخاص، ويتزايد الاعتراف بهذا النموذج باعتباره آلية رئيسية لتوفير الموارد المالية اللازمة للتصدي لتغير المناخ. وأفاد تحليل جديد، أجراه الاتحاد الدولي للصناعات التحويلية بالتعاون مع شركة كونفرجيس وبنك إتش إس بي سي حول التمويل المختلط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأنّ النموذج المالي لا يزال في مراحله الأولى، حيث يبلغ إجمالي التمويل الملتزم به 14.2 مليار دولار أميركي. ويمثل هذا الرقم 7% من المعاملات المختلطة العالمية، في حين تصل المعاملات المختلطة المرتبطة بالمناخ إلى ما يقارب 7 مليارات دولار أميركي. كما القى شارك فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، في الكلمة الافتتاحية التي أشار خلالها إلى ضرورة التعرّف إلى أولويات تحول الطاقة والخطوات الفورية لتسريع التقدم نحو مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بما يبلغ 11 تيراواط على الأقل بحلول عام 2030. وتبيّن أحدث البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بأن العالم لا يزال يعاني من العجز، حيث سيتم نشر 473 جيجاوات من الطاقة المتجددة الجديدة في عام 2023، مقارنة بحوالي 1100 جيجاوات من قدرة الطاقة المتجددة المطلوبة سنوياً.وقال لا كاميرا: «يشهد التحول في مجال الطاقة تسارعاً لافتاً، لكنه لا يزال بعيداً عن المسار الصحيح مع التوزيع غير المتكافئ لنمو مصادر الطاقة المتجددة والذي يؤثر بصورةٍ ملموسة على النصف الجنوبي من العالم. نحن بحاجة إلى تصحيح عاجل للمسار العالمي لمعالجة هذا التفاوت المتزايد، وإلا فإننا نخاطر بأن يصبح هدفنا المناخي الجماعي المتمثل في مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 بعيد المنال». من جانبه، أشاد بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، في كلمته خلال افتتاح قمة الهيدروجين الأخضر التي تستضيفها مصدر في إطار القمة العالمية لطاقة المستقبل، بالدور الذي تلعبه دولة الإمارات باعتبارها «واحدة من أبرز مراكز الابتكار التكنولوجي»، قبل الإشارة إلى استضافة الدولة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ العام الماضي، واصفاً هذه الخطوة بالانتصار في وجه التحديات نحو تحقيق الحياد المناخي.وبعد الكلمة الرئيسية التي ألقاها جونسون، تحدّث المستكشف السويسري وسفير التكنولوجيا النظيفة الدكتور برتراند بيكارد، رئيس شركة كلايمت إمبولس، عن أحدث رحلاته الاستكشافية التي تعمل بالطاقة المتجددة وهي الإبحار حول العالم في طائرة تعمل بالهيدروجين الأخضر. وتأتي الرحلة الجديدة، التي يأمل بيكارد في إكمالها عام 2028، في أعقاب رحلته التاريخية التي استغرقت 23 يوماً حول العالم على متن طائرة تعمل بالطاقة الشمسية في عام 2015 والتي بدأت وانتهت في أبوظبي. وقد أوضح بأن آلته الطائرة التي تعمل بالطاقة المتجددة لم تكتمل بعد، مؤكداً على أهمية المشاريع الطموحة للحدّ من الشكوك المحيطة بالإمكانات اللامحدودة للهيدروجين الأخضر. وقال الدكتور بيكارد: «نحن على أعتاب مرحلةٍ جديدة في مجال الطاقة، فبينما يشكّك البعض بقدرتنا على إنتاج ما يكفي من الطاقة النظيفة، نؤكّد اليوم أنه لا وجود للمستحيل سوى في عقول من ينظرون إلى المستقبل بأعين الماضي. ويحتاج المستقبل اليوم إلى أفكار خارج الصندوق توفر حلولاً ومشاريع رائدة بإمكانها إثباتما يمكننا القيام به، ومن هنا تأتي أهمية قمة الهيدروجين الأخضر». من جانبها، قالت لين السباعي، المديرة العامة لشركة آر إكس الشرق الأوسط ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل: «أثبتت الفعالية مجدداً نجاحها بجمع ألمع العقول الرائدة في القطاع، حيث كان اليوم الأول مليئاً بالحوارات البناءة حول الجهود المطلوبة لإحداث تغيير ملموس على خلفية النجاح الذي حققه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28. وسيستمر هذا التحليل المتعمق لحلول الطاقة العالمية غداً مع منتدى التمويل المستدام، الذي سيبحث بشكل شامل موضوعات مثل تحفيز المسارات الإقليمية للتمويل الأخضر وتمويل النهج العالمية للاقتصادات منخفضة الكربون».
مشاركة :