عودة إلى منبر جدة لكن بلا بوصلة تقود إلى حل الأزمة في السودان

  • 4/17/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يعلق السودانيون آمالا كبيرة على استئناف المفاوضات في منبر جدة بين طرفي النزاع، حيث لم يطرأ أي تغيير على موقف قيادة الجيش من التفاوض، فضلا عن أن الدول الراعية للحوار لا تملك رؤية واضحة بشأن سبل إنهاء النزاع الذي دخل عامه الثاني. ويقول نشطاء سودانيون إن الجهود الإقليمية والدولية بدت منصبة على كيفية دفع الجيش وقوات الدعم السريع إلى الجلوس إلى طاولة واحدة، وكأن تحقيق ذلك إنجاز في حد ذاته. ويشير النشطاء إلى أن الأزمة السودانية كانت في بدايتها منحصرة بين طرفين، لكن اليوم اتسع نطاقها وباتت أكثر تعقيدا مع دخول الحركات المسلحة على الخط وتشكيل ميليشيات، فكيف بالتالي احتواؤها وفق الآليات نفسها والأسلوب ذاته. وأعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الاثنين الترحيب بقرار السعودية استئناف المفاوضات بين الأطراف المتقاتلة في السودان خلال ثلاثة أسابيع. وكتب المبعوث الأميركي على حسابه في منصة إكس بعد اجتماعه بنائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي أن الحرب على الشعب السوداني يجب أن تنتهي الآن. وأضاف “نظرا للحاجة الملحة إلى السلام فإننا نرحب بقرار المملكة العربية السعودية باستئناف محادثات جدة في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة”. والتقى بيرييلو نائب وزير الخارجية السعودي على هامش مشاركتهما في مؤتمر باريس حول السودان، وبحثا تطورات الأوضاع في البلاد، حيث يتشارك الجانبان الوساطة لإنهاء القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وفي كلمة له خلال مؤتمر باريس، قال نائب وزير الخارجية السعودي “إن السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة والمعاناة المتفاقمة هو عبر حلّ سياسي داخلي (سوداني – سوداني) يحترم سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، ويُفضي إلى وقف لإطلاق النار للحفاظ على مقدرات هذا البلد ومؤسساته الوطنية من الانهيار”. وجدد الخريجي “ترحيب المملكة بكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حل الأزمة، وعزمها مواصلة الجهود لرعاية المباحثات من خلال منبر جدة من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية لوقف إطلاق النار وعودة الحوار السياسي لتحقيق السلام والاستقرار في السودان”. توم بيرييلو: استئناف المفاوضات في منبر جدة خلال ثلاثة أسابيع توم بيرييلو: استئناف المفاوضات في منبر جدة خلال ثلاثة أسابيع وتوقفت المفاوضات التي تستضيفها جدة في الثالث من ديسمبر الماضي بعد تراجع وفد الجيش السوداني عن القبول بتفاهمات تقضي باعتقال رموز النظام السابق الذين فروا من السجون عقب اندلاع الحرب، وإصراره على خروج قوات الدعم السريع من المدن والولايات التي سيطرت عليها. وتزايدت حدة المعارك خلال الأشهر الماضية مع تمدد قوات الدعم السريع وسيطرتها على مواقع جديدة بالولايات الغربية وولاية الجزيرة وسط السودان. ويتعهد قادة الجيش بمواصلة المعارك للقضاء على الدعم السريع، فيما تؤكد الأخيرة سيطرتها وغلبتها في الميدان وإن كانت منفتحة على جهود السلام. ويرى متابعون أن استئناف منبر جدة لن يكون مفيدا، في غياب ممارسة ضغوط حقيقية لاسيما على قيادة الجيش السوداني التي بدا من الواضح أنها حبيسة أجندة فلول النظام السابق الذين يرفضون إيقاف الحرب، قبل أن يضمنوا لهم عدم المحاسبة وأيضا المشاركة في السلطة المقبلة في البلاد. ويشير المتابعون إلى أن الجولات السابقة في جدة أظهرت أن هناك حاجة ملحة إلى تغيير في المنهجية بما يشمل رفع مستوى تمثيل وفدي التفاوض وتوسيع مشاركة الأطراف الميسرة، بحيث تضم المزيد من القوى الإقليمية والدولية ذات التأثير على طرفي الصراع. ويشير المتابعون إلى أن المواقف الغربية ولاسيما الأميركية لا تتوافق حتى الآن وحجم التحديات التي تفرضها الحرب الدائرة في السودان والتي تفسح المجال لتدخلات قوى مناهضة للغرب مثل روسيا، المهتمة بشكل كبير بتعزيز حضورها في المنطقتين العربية والأفريقية. واعتبر كاميرون هدسون، المحلل في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، بواشنطن أن اهتمام الولايات المتحدة على أرفع مستوياتها بالسودان ضعيف للغاية. وقال هدسون في تصريحات لراديو دبنقا السوداني “يمكننا إلقاء اللوم على أوكرانيا، ويمكننا إلقاء اللوم على غزة، ويمكننا إلقاء اللوم على الأحداث العالمية الأخرى، لكنني لا أعتقد حقا أن هذا تفسير معقول. لقد شاركت الولايات المتحدة في التعامل مع تداعيات الحرب في دارفور، قبل حوالي 20 عاما، ولعب الرئيس جورج بوش دورا مهما جدا ومباشرا في تعامل حكومة الولايات المتحدة”. وأضاف “في ذلك الوقت كانت هناك حرب في العراق وحرب في أفغانستان تشارك فيها القوات الأميركية بشكل كبير جدا، ومع ذلك، كان لدى الرئيس بوش الوقت للسودان. إذن ليس هناك سبب يجعل إدارة جو بايدن تكتفي فقط بالتهديد حتى الآن، واليوم، مع كل ما يحدث في العالم، لا أعرف لماذا يختارون عدم التدخل بالشكل الكافي”. وأقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن الصراع المتواصل في السودان لم يحظ باهتمام كاف. وقال غوتيريش الاثنين إن اهتمام العالم انصب على “الأزمة المفتعلة في الشرق الأوسط”، مردفا “العالم ينسى السودانيين”. وأشار إلى أن الحل السياسي يبدو بعيد المنال في السودان رغم مرور عام كامل على النزاع القائم بين الجيش وقوات الدعم السريع. ووصف الأمين العام ما يجري في السودان بأنه “حرب أكبر من مجرد اشتباكات بين طرفين”. ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مشاركة :