قطعت دولة الإمارات خطوة أخرى في طريق تحقيق أهداف إستراتيجيتها للتكنولوجيا المتقدمة عبر استقطاب استثمارات من الشركات العملاقة لترجمة طموحاتها في الذكاء الاصطناعي على أرض الواقع. وأعلنت شركة مايكروسوفت الأميركية الثلاثاء أنها ستستثمر 1.5 مليار دولار في شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية جي 42 مما يمنحها حصة أقلية ومقعدا في مجلس الإدارة ويسمح للشركتين بتعزيز العلاقات وسط المعركة العالمية من أجل الهيمنة التكنولوجية. وفي إطار الشراكة، التي قالت الشركتان إنها “مدعومة بضمانات لحكومتي الولايات المتحدة والإمارات بشأن الأمن”، ستستخدم جي 42 خدمات مايكروسوفت السحابية لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وكانت جي 42 في طليعة حملة دولة الإمارات لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتتراوح أعمال الشركة بين الحوسبة السحابية إلى المركبات دون سائق. وأنشأت الشركة في العام الماضي صندوق 42 إكس بقيمة 10 مليارات دولار بهدف الاستثمار في شركات التكنولوجيا عبر الأسواق الناشئة. 1.5 مليار دولار ستستثمرها الشركة الأميركية في الشركة الإماراتية لتطوير الخدمات السحابية وتأتي الشراكة الجديدة وسط جهود أميركية لوضع قيود على التقدم التكنولوجي الصيني، إذ أضافت الولايات المتحدة أربع شركات صينية إلى قائمة سوداء للتصدير لسعيها للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي للجيش الصيني. كما تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الخليج العربي بما في ذلك الإمارات. وفي ظل مخاوف الولايات المتحدة بشأن علاقة جي 42 مع الشركات الصينية، تخارجت الشركة في فبراير الماضي من استثماراتها في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وبدأت مهمة طويلة للتخلي عن المعدات الصينية، فضلا عن قبول القيود التي تفرضها عليها واشنطن للعمل مع شركات أميركية. ووصفت مايكروسوفت وجي 42، في بيانين منفصلين الثلاثاء، تأكيداتهما لحكومتي الولايات المتحدة والإمارات بأنها أول اتفاقية من نوعها لضمان تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق ومسؤول. وقالت مايكروسوفت في بيان نشرته على منصتها الإلكترونية إن “الاتفاقية ملزمة”. ولم يتم الكشف عن حجم الحصة التي ستستحوذ عليها الشركة الأميركية. وتمتلك شركة مبادلة للاستثمار، وهو ثاني أكبر صندوق سيادي لحكومة أبوظبي، وشركة سيلفر ليك الأميركية للاستثمار المباشر حصتين في مجموعة جي 42 التي يتولى رئيسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان منصب مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات. وقال براد سميث رئيس مايكروسوفت، والذي سيشغل مقعدا في مجلس إدارة جي 42، “سنجمع بين التكنولوجيا العالمية والمعايير الرائدة عالميا من أجل ذكاء اصطناعي آمن وموثوق ومسؤول، بتنسيق وثيق مع حكومتي دولة الإمارات والولايات المتحدة”. الاتفاق يضع سلسلة من تدابير الحماية لمنتجات الذكاء الاصطناعي المشتركة مع جي 42 تتضمن استبعاد المعدات الصينية من عمليات الشركة الإماراتية وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الاتفاق يضع سلسلة من تدابير الحماية لمنتجات الذكاء الاصطناعي المشتركة مع جي 42 تتضمن استبعاد المعدات الصينية من عمليات الشركة الإماراتية. وستتوقف الشركة الإماراتية عن استخدام معدات هواوي الصينية للاتصالات، والتي تخشى الولايات المتحدة من أنها تشكل بابا خلفيا لأجهزة المخابرات الصينية. وقالت جي 42 ومايكروسوفت إنهما “ستتعاونان معا لنشر الذكاء الاصطناعي المتقدم والبنية التحتية الرقمية في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا”. وسبق أن تعاونت الشركتان مرات عديدة خلال العام الماضي، وتقول شركة جي 42 إنها ستستخدم مراكز بيانات منصة أزور التابعة لمايكروسفت كجزء من بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي لتعزيز توسع استخدامها في المنطقة. وفي السابق عمل بينغ شياو الرئيس التنفيذي لشركة جي 42 في شركة مملوكة لشركة الأمن السيبراني الإماراتية دارك ماتر، التي استأجرت جواسيس سابقين وتعاقد معها مجلس الأمن السيبراني في الإمارات. وقال الشيخ طحنون في بيان أصدرته الشركة الإماراتية “يمثل استثمار مايكروسوفت في جي 42 لحظة محورية في رحلة شركتنا للنمو والابتكار، مما يدل على التوافق الإستراتيجي للرؤية والتنفيذ بين الكيانين”. وأكدت مايكروسوفت مرارا جاهزية الشركات الإماراتية لاحتضان الذكاء الاصطناعي بفضل الجهود التي تبذلها الحكومة في ما يتعلق بالبنية التحتية. وأظهر مسح أجرته الشركة الأميركية العام الماضي، التقدم الملحوظ للمؤسسات الاقتصادية الإماراتية في استخدام وتبني حلول الذكاء الاصطناعي، بالمقارنة مع نظيراتها العالمية. وتعتزم نحو 70 في المئة من الشركات ذات النمو المرتفع في البلد الخليجي اعتماد هذه التقنية خلال العام الحالي بهدف تحسين عملية صنع القرار. في المقابل، بلغت الشركات ذات النمو المنخفض التي تنوي اعتماد الذكاء الاصطناعي للغرض نفسه نسبة 45 في المئة، متجاوزة بذلك المعدل العالمي البالغ 31 في المئة.
مشاركة :