ياسر رشاد - القاهرة - أقام المجلس الأعلى للثقافة تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى، والأمين العام الدكتور هشام عزمى، ندوة بعنوان: "دور المؤسسات التعليمية فى تنمية ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان"، نظمتها لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الانسان بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدارها مقررها المستشار الدكتور خالد القاضى، وجاءت هذه الندوة فى إطار منتدى الثقافة القانونية، وذلك عصر أمس الثلاثاء الموافق 16 أبريل 2024. وشارك في الندوة كوكبة من المثقفين من بينهم: الدكتور أحمد جمال الدين موسى؛ وزير التربية والتعليم والتعليم العالى الأسبق، والدكتور جميل حليم حبيب؛ عضو اللجنة وعضو مجلس الشيوخ، والدكتورة حنان يوسف؛ عميدة كلية إعلام بالأكاديمية العربية للتكنولوجيا والنقل البحرى، والدكتور عبد الله المغازى؛ أستاذ القانون الدستورى وعضو اللجنة، والدكتور محمد القدسى؛ المدير العام الأسبق للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والدكتورة هبة شاهين، عميدة كلية الإعلام جامعة عين شمس، وقد حضر هذه الفاعلية مجموعة من طلاب عدة جامعات مثل: جامعة 15 مايو والأكاديمية العربية للتكنولوجيا والنقل البحرى، وكلية الحقوق جامعة سوهاج، واعتذر الدكتور حسانى النعمانى؛ رئيس جامعة سوهاج عن الحضور لظروف طارئة، وتضمن المنتدى علاوة على هذه الندوة إصدار العدد الثانى من مجلة ثقافة قانونية، وعرض لكتاب "فن القضاء" قدمه الدكتور حسين إبراهيم. تحدث مدير النقاش الدكتور خالد القاضى مؤكدًا أهمية موضوع الندوة، وتابع قائلاً: "دار حوار طويل بينى وبين الدكتور حسين إبراهيم حول كتاب (فن القضاء) لمؤلفه القاضى الفرنسى ج. رانسون، عام 1912م، وسيقدم الدكتور حسين إبراهيم بعد قليل عرضًا لهذا الكتاب المهم، والفعالية التالية اليوم هى إطلاق المسابقة التى تنظمها اللجنة حول أفضل بحث فى مجالات ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان، ونحن نخاطب من خلال هذه المسابقة الشباب لكن بين قوسين العجائز يمتنعون؛ فهذه المسابقة موجهة لمن يبلغ عمره من سن ثمانية عشر أو اثنين وعشرين وصولًا إلى سن الأربعين، سيحصل الفائز بالمركز الأول على جائزة قدرها عشرة آلاف جنيه، والمركز الثانى سيحصل على ثمانية آلاف جنيه، أما الفائز بالمركز الثالث سيحصل على جائزة قدرها خمسة ألاف جنيه."ثم قدم الدكتور حسين إبراهيم عرضًا لكتاب "فن القضاء"، موضحًا أن فكرة هذا الكتاب خطرت لمؤلفه وهو أحد القضاة الممتازين آنذاك فى فرنسا، وقد تمحورت حول أن يجمع نتيجة ما اهتدى إليه تفكيره وما توارد على ذهنه من الآراء أثناء مزاولته الطويلة للقضاء، وما اكتسبه من خبرات واسعة فى بحث المسائل القضائية؛ فكانت طائفة من الأفكار والملاحظات ضمت إلى جمال التنسيق حلاوة العبارة، كما يُشهد للمؤلف بدقة التحرى وطول الباع كما، فقد تضمنت من الحوادث الواقعية والفكاهات الطريفة، أما من حيث فائدتها فهى للشباب من دروس عملية وعلمية، وسيجد القارئ فى هذا الكتاب أمثلة حية وقعت فى ساحة القضاء؛ فليتدبرها جيداً لكى تنطبع نفسه بطابع العدالة؛ فقد يظن كثير من الناس أن ليس من الضرورى أن يتدرب القاضى على فن القضاء، بل يكفيه فى نظرهم أن يكون ملمًا ببعض المعارف القانونية وأن يكون سليم الذوق، وبهذا فقط يستطيع أن يتحمل أعباء تلك السلطة." فيما تحدث الدكتور عبد الله المغازى قائلًا: "إذا اطلع بعضنا على الدستور الإنجليزى سيجده دستور عرفى؛ فالمواطن انجليزى لا يحتاج إلى من يخبره بحقوقه، الحق فى السكن والصحة والتعليم، وكذلك حق إبداء الرأى دون خوف، كل هذه الحقوق تُعد بديهية؛ فهى حقوق تتعلق بالحياة، دعونا نقول أن التعليم والصحة تحديدًا لكى نغلق هذا الملف من وجهة نظرى شخصيًا، لا ينحصر الدور فى إدارة كليهما على عاتق وزارتى العدل والصحة فقط، بل يجب أن يكون هذا فى إطار استراتيجية وطنية يشترك فيها الجميع، وزارة التعليم ومجلس النواب ومجلس الشيوخ والمؤسسات المدنية أيضًا يجب أن يشترك الجميع، من وجهة نظرى فيما يتعلق بتعليم القانون، هل المؤسسات التعليمية كلها ستحتاج نفس المادة العلمية؟ أريد الأعم فيما يتعلق بتعريف معنى الدستور، تعريف معنى القانون، علاوة على جزء يتعلق بالمؤسسات، يعنى من الممكن يرتكب الإعلامى جريمة ما وهو يتحدث على الهواء بالخطأ، بشىء معين ورأينا إعلاميين انحرفوا بسبب التجاوزات، يجب أن يكون الطالب هنا لدراسة القانون بشكل عام، القانون يتعلق بكل بكل المهن؛ فلا توجد مهنة إلا ونظم القانون شؤونها، الأصل فى القانون أن نكون كلنا محترمين، القاعدة القانونية هى قاعدة عامة مجردة، تنظم سلوك الأفراد فى المجتمع، دعنا نكون عمليين نضع الجزاء لمن يخالف القاعدة، فأنا من وجهة نظرى أن التعليم والصحة حقوق يجب أن تكون فى الإطار الاستراتيجى لدولة القانون، وحقوق الإنسان خطة استراتيجية دولة". ثم تحدث الدكتور محمد القدسى قائلًا: "إن التنمية ثقافة، والصحة ثقافة، وكل ما يمكن أن يصنع حياة الإنسان عليه أن يتحول أو يقوده إلى ثقافة حتى يستطيع أن يؤتى ثماره، ولدينا قانون يقول بأن الجهل بالقانون لا يعفى صاحبه من المسؤولية لتجنب المثال الأخر الذى يقول القانون لا يحمي المغفلين، نحن نهدر المضمون أن القانون لا يحمى صاحبه من المسؤولية حينما يقتل دون إذن، إذا لم تنزل هذه الثقافة القانونية إلى مستوى الفرد فى الشارع فإنه سيختار المسير، وصاحب المركبة ومن يحمل السكين كما هو الحال لدى بعض الشعوب، حينما يتم الاحتكام إلى منطق الموروث الشعبى إذا لم يكن هناك قانون، ثم عرجت على الثقافة القانونية فردية وعامة ولا أريد أن أضرب ثم بعد ذلك أهمية الثقافة القانونية بأنها تفسر الشخص بحقوقه وواجباته، هذا الذى يحدث فى الشارع ليعرف الناس بالضبط بأنه حينما يتعمد عليه شىء أن يذهب للقانون، وسأذكر المثال هنا من بريطانيا، كيف استطاعت أن تنزل القانون إلى مستوى الشارع بما عزز من ثقافة الالتزام بالقانون، إن التشريعات والقوانين والالتزام تنطلق من محتوى المفاهيم المبسطة، بمعنى أن هذا القانون صيغ بلغته، إذ يجب أن ينتزع منه المفاهيم التى تصعب على الصغار وإدخاله فى مناهج تعليم الروضة، مفاهيم تعرف فى الشوارع، لابد أن يكون هناك حيز فى إعلانات الشوارع موجه لتعزيز الثقافة القانونية وحقوق الإنسان، بنسبة ثلاثين أو حتى عشرين فى المئة من هذه الإعلانات التى ترتفع فى الطرقات والشوارع فوق هامات الجميع مخصص لنشر لثقافة القانونية"، وتابع متسائلًا فى مختتم كلمته: "أين دور منظمات العمل العربي المشترك؟ ربما تلك الفكرة جديدة فى ما نوقش وهى إشراف الجامعة العربية على المنظمات العربية ذات الثقافة والتربية والثقافة والعلوم، هناك خمسة أمور أساسية، أولها توفير التدريب على مستوى العربى، وتعزيز ثقافة القانون والمشاركة فى تطوير التشريع، وتبادل المعرفة، وتعزيز الوعى بالقانون، ونأتى إلى النقطة المهمة وهى عرض تجربة ما هو حاصل فى بريطانيا؛ فعلينا الاستفادة من تجارب الاخرين، مثل خدمة الفتوى القانونية فى كندا وفى بريطانيا وهى خدمة معنية بتوفير المشورة القانونية للأفراد، وعادة ما تقدم هذه الخدمة من قبل محامين متخصصين أو منظمات قانونية غير حكومية، الخلاصة يتضح مما سبق أن نشر الثقافة القانونية كما أشرنا فيه فوائد لا تحصى، وأبرزها سيادة القانون، رؤية المجتمع، تعزيز الوعى الكامل، حق الفرد، حفظ الحقوق كاملة. ولدى ثمانى توصيات وهى: ضرورة البدء فى وضع خطط عامة وخاصة، للبدء فى نشر ثقافة القانون ووضع معايير قياس نجاح الخطط على المستوى الفردى والمجتمعى، والدعوة إلى اجتماع للمؤسسات ذات العلاقة بالتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، والعدل، والإعلام، والمؤسسات المجتمعية لتدارس هذا الموضوع والخروج بإنجاز محتويات الثقافة القانونية، ودفعها إلى الجهات التعليمية والثقافية والإعلامية والمجتمعية ذات العلاقة لتضمينها المناهج الدراسية بشكل متدرج لا يؤثر على مستوى سنوات دراسة الطلاب فى القانون، وتشجيع المبادرات الشخصية للمحامين فى مستوياتهم من نشر الثقافة القانونية فى حلقات ولقاءات إعلامية، وإيجاد منصات التوعية القانونية إلكترونيًا كخدمة مجانية، إيجاد كبائن للمحامين المتطوعين فى الميادين العامة تعمل لفائدة الجمهور، إنشاء مكتب متخصص لنشر الثقافة القانونية المخصصة للجهة فى الدوائر الحكومية ذات العلاقة بخدمة المجتمع، وثامنًا وأخيرًا تخصيص جائزة سنوية يحدد موعد تسليمها لأفضل مؤسسة تعليمية ثقافية إعلامية تبرز من فى تحقيق التطور الملموس فى نشر الثقافة القانونية العامة والخاصة، وشكرا جزيلا". ختامًا تحدثت الدكتورة هبة شاهين قائلة: "إن دور المؤسسة التعليمية مهم جدًا فى تنمية ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان؛ فهذا هو موضوع الساعة. نريد أن نبنى المواطن ونغرس لديه أهداف التنمية والتقدم؛ فإذا استطعنا بناء الإنسان بصورة صحيحة فيصير هذا الشخص مواطن صالح ومسؤول، أتحدث ببساطة حول فكرة المواطنة، أى التركيز على المؤسسات التعليمية وتشمل المدرسة والجامعة؛ فمع كل تقديرى لكل النقاشات السابقة إلا إنه من وجهة نظرى تكون البداية من المدرسة، الفكرة هى أنه ببساطة تكمن فى غرس المعرفة داخل عقل الطفل من البداية؛ فيصبح على علم بحقوقه ويتعلم فى نفس الوقت، ولدينا خير مثال فى ذلك الإطار وهو برنامج (عالم سمسم) الذى استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله بث المعلومات المبسطة إلى الطفل الأمريكى وتعليمه حقوق المواطنة وحقوق الأقليات وما إلى ذلك، علينا أن نستثمر إعلاميا وثقافيا فى هذا،وبشكل عام نحتاج إلى تنمية الوعى عمومًا سواء كان قانونى أو شرعى أو إعلامى، بحيث أن يعرف كل شخص حقوقه"، وفى مختتم حديثها قالت: " إن تعزيز الوعى بالقانون سيفيد المؤسسة القانونية، وسيفيد الدولة لأنه سيوفر شخص قادر ويتمتع بالمواطنة، إن مفهوم حقوق الإنسان هو فعلًا مفهوم المواطنة، وأعتقد أن تجارب الدول التى سبقتنا، توضح لنا كيف يجب أن نغرس مفهوم المواطنة فى عقول أبنائنا بصورة صحيحة، سواء كان هذا من خلال إعلام جيد وتعليم جيد وثقافة جيدة؛ فللأسف نحن فعليًا نحتاج إلى تنمية الوعى فى مجالات الحياة كافة".
مشاركة :