أربيل: شيرزاد شيخاني أزمة تولد أزمة، هذا هو حال إقليم كردستان الذي يمر بأزمة سياسية منذ ثلاثة أشهر لا تقل عن نظيرتها العراقية بتداعياتها الخطيرة على العملية الديمقراطية، خصوصا بعد أن تفرقت القوى السياسية الكردية إلى فريقين تتعارض رؤاهما بشكل كامل حول الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية التي اقتربت مواعيدها. فما كاد المواطنون في الإقليم يتنفسون الصعداء بانحسار مخاوف التصادم بين المعارضة والسلطة جراء تمديد ولايتي رئيس الإقليم مسعود بارزاني والبرلمان المحلي، بعد أن ألقى بارزاني خطابا مؤثرا أكد فيه عدم ترشحه بعد انتهاء مدة التمديد الممنوحة له والبالغة سنتين، حتى خرجت المعارضة مرة أخرى بتهديد من شأنه أن ينسف العملية الديمقراطية برمتها، وذلك بإعلان نيتها مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. وعقدت أطراف المعارضة الثلاث (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) اجتماعا، أمس، للتداول حول الموقف من خطاب بارزاني، وصدر بيان عن الاجتماع أكدت فيه المعارضة «أن حزبي السلطة بعد أن فشلا في إيجاد مخرج قانوني لإعادة ترشيح بارزاني لرئاسة الإقليم، عمدا إلى تمديد ولايته لسنتين خارج السياقات القانونية والشرعية، وخلقا بذلك أزمة سياسية جديدة في كردستان، ونحن نؤكد مجددا رفضنا الكامل لأي تمديد لولاية رئيس الإقليم، لأنه غير شرعي ومخالف للقانون، ومن حقنا أن نلجأ إلى كل الخيارات المدنية للوقوف ضده». وأشار البيان إلى «أن هذه الخطوة جاءت بعد انتعاش الآمال الشعبية بتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية وبلدية قرر رئيس الإقليم والحكومة إجراؤها في 21 سبتمبر (أيلول) ولكن بسبب عدم وجود فرصة أمام مسعود بارزاني للترشح للانتخابات الرئاسية تم تأجيلها وكذلك تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، فبقيت فقط انتخابات البرلمان، وهذه محاولة أخرى من الحزبين لإفراغ الانتخابات من مضامينها وإدارة الإقليم وفق المزاج الشخصي لقادة الحزبين، وهناك قرار جديد من مفوضية الانتخابات بإنشاء خمسة مراكز لفرز الأصوات، وهذه محاولة ستسهل آلية إجراء تزويرات على نطاق واسع، فلا يجوز أن يوجد المراقبون أمام صناديق الاقتراع طوال اليوم وثم ترفع الصناديق من أمام أعينهم لتغيير نتائجها، وهذا في حد ذاته يشكك بمصداقية وحيادية المفوضية. عليه فإننا بوصفنا أطراف المعارضة نؤكد أنه إذا لم تجر انتخابات مجالس المحافظات بالتزامن مع انتخابات البرلمان، وإذا لم نحصل على ضمانات مؤكدة بعدم حدوث تزوير، وعدم إلغاء هذا القرار من المفوضية، فإن خيار مقاطعة الانتخابات سيكون مفتوحا عندنا. وفي الوقت الذي نعرب عن تقديرنا لجميع المكونات الدينية والمذهبية والقومية، فإننا نحمل حزبي السلطة كامل مسؤولية الأزمات السابقة والتي ستحدث مستقبلا». في غضون ذلك كشف قيادي كردي من حزب طالباني أن «العقدة الأساسية في مجمل الأزمة التي عصفت بكردستان خلال الأشهر الأخيرة حول مشروع تمديد رئاسة الإقليم، كانت مسألة الدستور وإعادته إلى البرلمان، ورغم سلسلة الاجتماعات واللقاءات بين قيادة حزبي الاتحاد والديمقراطي واللقاءات مع بارزاني، كان الهم الأول والأخير لقيادة الاتحاد الوطني هو إقناع بارزاني بالموافقة على إعادة مشروع الدستور إلى البرلمان، وهنا كان دور الدكتور برهم صالح، نائب الأمين العام محوريا، إذ بجهوده المضنية تمكن من إنجاز هذا الأمر». وأضاف المصدر: «لقد طلب برهم صالح شخصيا من رئيس الإقليم مسعود بارزاني أن يضمن خطابه الأخير إشارة واضحة إلى موافقته على إعادة مشروع الدستور إلى البرلمان المقبل، وهكذا كان، إذ طلب بارزاني من البرلمان أن يسعى فور انعقاده في دورته المقبلة إلى إيجاد توافق سياسي حول مشروع الدستور وطرحه على الاستفتاء، وبذلك تمكن صالح ليس من تحقيق هدف الاتحاد الوطني بإعادة الدستور إلى البرلمان وتعديله فحسب، بل حقق أيضا مطلبا أساسيا لقوى المعارضة التي تذرعت بهذا المطلب بوصفه شرطا أساسيا لموافقتها على تمديد ولاية بارزاني». وكان حزبا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني قد رحبا بصدور بيان الرئيس مسعود بارزاني، وأكدا دعمهما المطلق لمضامينه والعمل من أجل تحقيقها. وقال بيان صدر عن المكتب السياسي لحزب بارزاني إنه «سيكرس كامل جهوده من أجل إنجاح العملية السياسية وإخراج الإقليم من أزمة تحاول أقلية باسم المعارضة أن تخلقها بفرض شروطها المسبقة والعقيمة التي سوف لن تثمر عن شيء ماعدا إجهاض العملية السياسية وخلق المشكلات والأزمات. ونحن في قيادة الحزب نؤكد أننا والرئيس بارزاني نعتبر إرادة الشعب فوق جميع الإرادات، وأن الشعب هو صاحب القرار الأخير في تحديد مصيره ودعم مسيرة الديمقراطية بالإقليم». من جانبه، أكد الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، في بيان أن موقف بارزاني «كان خطوة مسؤولة، ولها أهميتها لدى شعب كردستان والأطراف السياسية. وأن الاتحاد الوطني يعتبر مسألة الدستور قاعدة مهمة في تجارب حكم كردستان، ويؤكد على ضرورة إيجاد آلية متفق عليها من أجل التعامل مع مسألة تعديل مسودة الدستور بصورة إيجابية».
مشاركة :