وأنا أتابع تفاصيل استقبال خادم الحرمين في مصر مدعمة بحوارات منتقاة لتؤكد إيجابية العلاقات بين البلدين، عاودني التأمل حول هدف الوقوف في المنابر الدولية أو الظهور في وسائل الإعلام العالمية للحديث عن قضايا راهنة آنية؛ هل الهدف إثبات مواقفنا؟ أم فقط الاستجابة لدعوة لا نستطيع تجاهلها لأن التجاهل في حد ذاته يسجل موقف فشل؟. وأتساءل، وهو سؤال مصيري خاصة في تصاعد التحدي الإعلامي الذي نعايشه مع الضغوط السياسية والاقتصادية والتململ مجتمعياً والتخلخل على جبهات متعددة: هل نجحنا في طمأنة المتابع داخلياً أو تثقيف المتابع خارجيا؟ هل يحقق الحوار الإعلامي المبرمج النتائج أي مكاسب تحسب؟ أم إن منجزنا ضعيف إعلامياً لأننا لا نزال نتوجه للمتلقي الداخلي والخارجي محصورين بنفس أسلوب التلقيم الذي نستخدمه مع الأطفال؟.. أسلوب ربما ينفع فقط مع فئة بعينها تتفق معنا في الرأي مسبقاً. وفي الحوار مع من لا يتفق معنا كالغربيين مثلاً، هل يخدمنا أن نهمش جانباً من الواقع؟ هناك مصادر أخرى للمعلومة، في أوضاع تواصل بتقنيات متقدمة ينشط فيها التداول والتعاطف مع آراء معارضة وهي تستعرض وتبالغ في تضخيم كل ما نحاول أن نهمشه أو ألا نتطرق إلى وجوده من اختلافات الرأي. هل نجح إعلامنا في الخارج أو قنواتنا الفضائية أو مشاركونا في المحافل الدولية في تهميش ما توحي به الحسابات الموجهة للتشكيك في استقرار الوطن، من الاختلاقات والتكهنات والتلفيق؟ حسابات مثل «مجتهد» مثلاً أو غيره ممن يملأها الدس المباشر وغير المباشر؟ وكثير منها مرتبط بانتماءات غير وطنية، مدفوع الثمن من جهات استخبارية أو مغرضة أو طائفية داخلية أو خارجية لها أجنداتها الخاصة؟. حتى الأجهزة الإعلامية المحسوبة لنا ليست محكمة الحماية من الدس الغادر، كما حدث في تناول قناة العربية لبرنامج توثيقي عن حسن نصر الله وحزبه؛ أو التهجم كما حدث لمكاتب الشرق الأوسط في بيروت. هذا عدا التحيز السلبي في التغطيات والمقابلات كما يلاحظ على قناة البي بي سي العربية أو قناة فوكس بالإنجليزية. شاءت المؤسسات الإعلامية أم أبت، يظل المتابع يراها تعبر عن موقف البلد الذي تحمل جنسيته أو تنطق بلغته.. السي أن أن تمثل للمتابع رأي الولايات المتحدة، والفرانس برس رأي فرنسا، وروسيا اليوم رأي روسيا رغم كونها أجهزة إعلام غير حكومية. وتأزم العلاقات مع حزب الله وتبعيته للجارة اللدودة إيران المتورطة فعلياً في التدخل في الشئون السيادية لدول التعاون الخليجي، وتجييش العراق وسوريا واليمن بهدف الهيمنة الإقليمية، ما زال يلون علاقات الجوار إعلامياً واقتصادياً. وما الهجوم على مكاتب مجلة الشرق الأوسط في بيروت إلا تعبير عن كون بعض الموتورين يرونها رمزاً للمملكة العربية السعودية. وقد تابعت حواراً بين البي بي سي العربية ورئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط الأستاذ سلمان الدوسري اضطر فيه إلى مساءلة مقدمة البرنامج عما إذا كانت جذورها سبب موقفها المنحاز؟.. مذكراً بدورها المهني الإعلامي وأنها تقوم به في قناة إنجليزية. الموقف الثاني جاء قبل أشهر في برنامج تحليل إخباري بنفس القناة في مقابلة هاتفية مع الأستاذ جميل الذيابي رئيس تحرير جريدة الحياة وقتها.. هنا أيضاً تساهلت مذيعة أخرى تاركة المجال للضيوف الآخرين للتهجم عليه ومقاطعته بأسلوب غير حضاري البتة. حتى أمسى التحيز في إدارتها الحوار واضحاً للمشاهد. ما حداني وقتها للتساؤل هل كان القصد من دعوة الضيف السعودي منح فرصة للتهجم على السعودية من خلال تعربضه لهذا الموقف مع عدم التدخل لإيقاف التهجم عليه أثناء محاولته الرد على أسئلة المذيعة؟. العلاقات بين الدول ليست دائمة، وقد ينقلب التوتر إلى تعايش سلام. ولكن حتى ذلك الوقت على متحدثينا ومؤسساتنا الإعلامية الاستعداد لوقف أي دس هجومي والحوار بعقلانية بعيدة عن الانفعال.
مشاركة :