وقال غوتيريش إنّ "الشرق الأوسط على شفير الهاوية، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً خطراً، سواء بالأقوال أو بالأفعال". وأضاف أنّ "أيّ خطأ في التقدير، أو تواصل سيّئ، أو هفوة، يمكن أن يؤدّي إلى ما لا يمكن تصوّره، إلى صراع إقليمي واسع النطاق سيكون مدمّراً لجميع المعنيّين"، داعياً إلى "أقصى درجات ضبط النفس". وأعرب الأمين العام عن إدانته في آن معاً للغارة الجوية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبتها طهران إلى الدولة العبرية، وكذلك أيضاً للهجوم غير المسبوق الذي شنّته إيران على إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي ردّاً على تلك الغارة. وشدّد غوتيريش على أنّ "لحظة الخطر القصوى هذه يجب أن تكون لحظة ضبط نفس قصوى". "حان الوقت للتوقّف" وأضاف "لقد حان الوقت لإنهاء حلقة الأعمال الانتقامية الدموية... لقد حان الوقت للتوقف". وتابع "يتعيّن على الأسرة الدولية أن تعمل معاً لمنع أيّ أعمال قد تدفع الشرق الأوسط برمّته إلى حافة الهاوية، مع ما يترتب على ذلك من أثر مدمّر على المدنيين. واسمحوا لي أن أكون واضحاً: المخاطر تتصاعد على العديد من الجبهات". وأضاف الأمين العام "نحن نتحمّل سوياً مسؤولية مواجهة هذه المخاطر وإبعاد المنطقة عن حافة الهاوية... بدءاً من غزة". وأعرب الأمين العام عن إدانته الشديدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مكرّراً دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقال "أكرّر دعوتي إلى وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية وإلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة". "جحيم" على الصعيد الإنساني وأضاف "في غزة، أدّت ستة أشهر ونصف من العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى خلق جحيم" على الصعيد الإنساني، مؤكّداً أنّ مليوني فلسطيني يعانون في القطاع المدمّر من "الموت والدمار والحرمان من المساعدات الإنسانية الحيوية" والجوع. ولفت غوتيريش أيضاً إلى أنّ "حصيلة القتلى هائلة وغير مسبوقة، من حيث الوتيرة والحجم، منذ أن أصبحت أميناً عاماً" للأمم المتحدة في 2017. وأعرب عن أسفه لأنّ "كلّ هذا يحدث في ظلّ قيود كبيرة تفرضها السلطات الإسرائيلية على إيصال المساعدات إلى سكان غزة الذين يواجهون الجوع على نطاق واسع". وإذ نوّه الأمين العام بإحراز إسرائيل "تقدّماً محدوداً" في سماحها بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع، دعاها إلى بذل مزيد من الجهود على هذا الصعيد. وقال إنّ "عملياتنا الإغاثية بالكاد تعمل. لا يمكنها أن تعمل بطريقة منظّمة ومنهجية. لا يمكنها سوى اغتنام الفرص لتقديم المساعدات كلّما أتيح لها ذلك وحيثما أمكنها ذلك". وشدّد على أنّ "تقديم مساعدات على نطاق واسع يتطلّب من جانب إسرائيل تسهيلاً كاملاً وفعّالاً للعمليات الإنسانية". عنف المستوطنين كما دعا غوتيريش الدولة العبرية إلى وضع حدّ لعنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلّة، بعد أن أثار مقتل فتى إسرائيلي يبلغ من العمر 14 عاماً هجمات إسرائيلية طالت عشرات القرى الفلسطينية. وقال الأمين العام مخاطباً أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15 "أدعو إسرائيل، باعتبارها قوة الاحتلال، إلى حماية السكّان الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلّة من الهجمات والعنف والترهيب". وحذّر غوتيريش من "الوضع المتفجّر في الضفة الغربية المحتلة"، داعياً إلى "وقف التصعيد". وقال إنّه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر قُتل في الضفة "أكثر من 450 فلسطينياً، بينهم 112 طفلاً (...) غالبيتهم على أيدي القوات الإسرائيلية خلال عملياتها وأثناء تبادل لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية ومسلّحين فلسطينيّين". وأضاف "قُتل آخرون على أيدي مستوطنين إسرائيليين مسلّحين، وأحياناً بوجود قوات الأمن الإسرائيلية التي زُعم أنّها لم تفعل شيئاً للحؤول دون سقوط" هؤلاء القتلى. ودعا الأمين العام "إسرائيل إلى اتّخاذ إجراءات فورية لإنهاء عنف المستوطنين غير المسبوق". واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم شنته حماس في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وخلف نحو 1160 قتيلًا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادًا إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وردّت إسرائيل على هجوم حماس باجتياح القطاع ممّا أدّى إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس. وأدلى الأمين العام للأمم المتحدة بخطابه خلال اجتماع رفيع المستوى عقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في غزة وحضره عدد من وزراء خارجية دول المنطقة، بما فيها الأردن وإيران. عضوية فلسطين وأكّدت الرئاسة المالطية الحالية لمجلس الأمن الدولي أنّ المجلس سيصوّت في وقت لاحق الخميس على طلب الفلسطينيين منح دولتهم العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. لكنّ هذا المسعى محكوم بالفشل بسبب معارضة الولايات المتّحدة لمشروع القرار الذي قدّمته الجزائر والذي "يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". وفي غمرة الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، دعت السلطة الفلسطينية في مطلع نيسان/أبريل الجاري مجلس الأمن إلى النظر مجدّداً في الطلب الذي قدّمته في 2011 لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة. ويتمّ قبول دولة ما عضواً في الأمم المتحدة بقرار يصدر من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين، ولكن فقط بعد توصية إيجابية بهذا المعنى من مجلس الأمن الدولي. وتصدر التوصية عن مجلس الأمن بموجب قرار لا بدّ أن يوافق عليه تسعة على الأقلّ من أعضاء المجلس الـ15 وبشرط أن لا تستخدم أيّ دولة دائمة العضو حقّ النقض (الفيتو) لوأده. ووفقاً للسلطة الفلسطينية، فإنّ 137 من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة البالغ عددها 193 دولة اعترفت حتى اليوم بدولة فلسطين. وفي أيلول/سبتمبر 2011، قدّم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس طلباً "لانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة". وعلى الرّغم من أنّ مبادرته هذه لم تثمر، إلا أنّ الفلسطينيين نالوا في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وضع "دولة مراقبة غير عضو" في الأمم المتحدة.
مشاركة :